نعرف أن الحرمان من النوم أو الأرق يكون سبباً في شعورنا بالإجهاد والتعب في اليوم التالي، وربما ظهور الهالات السوداء وعلامات الإرهاق، لكن ماذا إن كان ذلك مشكلة يومية؟ بالتأكيد تزداد تبعاتها وقد تسبب لنا مشاكل صحية، من التأثير على الجهاز الهضمي والتنفسي، إلى التأثير على الغدة النخامية، والجهاز العصبي، والقلب والأوعية الدموية، كما قد يُسبب الحرمان من النوم اضطراباً عقلياً.
إذ قد يسبب أعراضاً تشبه الذهان، الذي يتسبب في فقد الشخص قدرته على الاتصال بالعالم الواقعي، وتصيبه أوهام وهلوسات لفقد عقله القدرة على استيعاب المعلومات، ورغم أن الذهان يحدث نتيجة الاضطراب ثنائي القطب في مراحل متقدمة، أو الفصام/الشيزوفرينيا واضطراب ما بعد الصدمة.
ما قدر الحرمان من النوم الذي قد يسبب اضطراباً عقلياً؟
الحرمان من النوم يعني عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، لكن تتراوح حدة الحرمان من النوم بين الخفيفة إلى الحادة حسب مدة المعاناة منها، وحاجة الجسم إلى الراحة، وما تسببه من أعراض بعدها يعتمد على ذلك أيضاً إضافةً إلى الاستعداد الوراثي، قد تسبب مشاكل بسيطة مثل الإجهاد والهالات السوداء والصداع، وقد يتزايد إلى الآلام العضلية والارتعاشات، وقد يؤدي أيضاً إلى تأثيرات عقلية متعددة مثل ضعف الذاكرة ونقص الانتباه وزيادة التوتر، والهوس وصعوبة صياغة الأفكار.
ووفقاً للأبحاث التي أشار إليها موقع Good Men Project، فالحرمان من النوم قد يُسبب أعراضاً تشبه عادة الأعراض التي تظهر عند الأشخاص المصابين بالذهان.
إذ تُظهر الدراسات أن الحرمان من النوم قد يتسبب في اختلالات إدراكية وهلاوس، إلى جانب التغيرات المزاجية والانفعال والقلق؛ الأعراض المصاحبة لنوبات الذهان، كما يمكن أن يُؤدي حرمان النوم إلى تبدد الشخصية، وهي حالة الانفصال عن الذات وفقد الوعي بالوقت والمكان.
علاوة على ذلك، تبدأ بعض الأعراض السابقة في الظهور بعد مضي 24 إلى 48 ساعة فقط بلا نوم، وتظهر أعراض أخرى بعد 3 ليال من انعدام النوم. وتسوء الأعراض أكثر فأكثر مع مرور الوقت دون الحصول على قسط وفير من النوم.
ما هي مراحل الحرمان من النوم؟
المرحلة الأولى: بعد 24 ساعة من الحرمان
قد يكون من الشائع أن تفوتك 24 ساعة من النوم إذا كنت تعمل على مشروع معين أو تقوم بالتحضير لأحد الاختبارات الدراسية المهمة، كما أن الاستيقاظ لمدة 24 ساعة لن يُسبب لك مشاكل صحية كبيرة، ولكن بالطبع سيؤدي للشعور بالتعب و الإرهاق.
وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن أثر الحرمان من النوم لمدة 24 ساعة هو نفس أثر تركيز الكحول في الدم بنسبة 0.10%. والذي هو أعلى من الحد المسموح به للقيادة بشكل قانوني.
قد يؤدي البقاء مستيقظاً لمدة 24 ساعة إلى ظهور أعراض مثل:
- النعاس
- التهيج
- الغضب
- زيادة الإجهاد
- انخفاض اليقظة
- ضعف التركيز
- ضباب الدماغ (تشوش الذاكرة)
- الإعياء
- الارتعاش
- انخفاض التنسيق
- زيادة خطر الوقوع في الأخطاء أو الحوادث
- الرغبة الشديدة في تناول الطعام
- عيون منتفخة
- ظهور انتفاخات تحت العين
المرحلة الثانية من الحرمان: بعد 36 ساعة
عندما تفوتك 36 ساعة من النوم تصبح الأعراض أكثر حدة، وستكون لديك رغبة غامرة في النوم. وقد تبدأ في النوم أو قد تغفو في مكانك لفترة قصيرة، دون أن تدرك ذلك لمدة تصل إلى 30 ثانية، ويعرف هذا باسم نوبات النوم الدقيقة.
ستواجه الأقسام المختلفة من دماغك صعوبة في التواصل مع بعضها البعض، ما يضعف بشدة الأداء المعرفي والذهني، ويسبب أعراضاً مثل:
- ضعف الذاكرة
- صعوبة في تعلم معلومات جديدة
- التغييرات السلوكية
- ضعف اتخاذ القرار
- صعوبة معالجة الإشارات الاجتماعية
- رد الفعل البطيء
- زيادة ارتكاب الأخطاء
من المرجح أيضاً أن تتعرض لتأثيرات جسدية مثل:
- زيادة الشهية
- زيادة الالتهاب
- ضعف المناعة
- التعب الشديد
المرحلة الثالثة من الحرمان: بعد 48 ساعة
يُعرف فقدان النوم لمدة 48 ساعة بالحرمان الشديد من النوم. في هذه المرحلة، يصعب البقاء مستيقظاً وتزداد احتمالية أن تنام وتغفو دون أن تشعر لثوان دون إرادتك ووعيك. حتى إنك قد تبدأ بالهلوسة، التي تحدث عندما ترى أو تسمع أو تشعر بأشياء ليست موجودة بالفعل.
تشمل التأثيرات المحتملة الأخرى ما يلي:
- القلق
- ارتفاع مستويات التوتر
- زيادة التهيج
- التعب الشديد
المرحلة الرابعة من الحرمان: الاستيقاظ لمدة 72 ساعة
بعد 3 أيام من الحرمان من النوم ستزداد رغبتك في النوم، وقد تواجه نوبات نوم دقيقة أكثر تواتراً وأطول. كما سيضعف إدراكك بشكل كبير وقد تصبح الهلوسة لديك أكثر شدةً، وقد تظهر لديك الأعراض التالية أيضاً:
- رؤية وتخيل الأوهام
- تفكير مضطرب
- تبدد الشخصية
المرحلة الخامسة من الحرمان: الاستيقاظ لمدة 96 ساعة أو أكثر
بعد 4 أيام من الحرمان سيتشوه إدراكك للواقع بشدة، وستشعر أيضاً أن رغبتك في النوم لا تطاق، وإذا فاتك الكثير من النوم بحيث لا يمكنك تفسير الواقع، فإن هذا يسمى ذهان الحرمان من النوم، وعادةً ما يختفي بمجرد حصولك على قسط كافٍ من النوم.
ما هو سبب الحرمان من النوم؟
ثمة أسباب كثيرة محتملة للحرمان من النوم، وبعضها مقلق أكثر من غيره. أحياناً ما يكون سبب الحرمان من النوم هو اختيارنا السهر والاستيقاظ مبكراً في الصباح التالي. ويحتاج أغلب البالغين إلى النوم 7 إلى 8 ساعات كل ليلة. وقد يرجع السبب في هذه الحالة إلى متطلبات العمل أو أسباب أخرى متعلقة بالحياة اليومية.
ويُعد الأرق من الأسباب الأخرى للحرمان من النوم، وهو اضطراب شائع في النوم ينجم عن عوامل متعددة، تشمل الإجهاد والقلق وأموراً أخرى؛ مثل شاشات الهاتف والحاسوب التي تُسبب اختلالات في النوم. وقد يكون مما يُصعب النوم أيضاً شرب القهوة في ساعة متأخرة من النهار.
ثمة اضطرابات نفسية وحالات طبية لها دور في انعدام النوم أيضاً مثل داء التغفيق (النوم القهري) واضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والقلق واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) ومتلازمة تململ القدمين وانقطاع النفس أثناء النوم. إذا كنت مصاباً بحالة تُسبب لك عدم النوم فمن الأفضل أن تطلب مساعدة طبيب أو مختص بالصحة النفسية.
وإذا كان الحرمان من النوم هو السبب الوحيد لأعراض الذهان، فعادة ما يكون الحصول على قسط وافر من النوم كافياً لعلاج الهلاوس والأوهام وغيرها من الأعراض المقلقة. وحتى إذا كنت لم تنم مدة طويلة، فإن ليلة واحدة من النوم الكافي كفيلة بعكس الآثار الجانبية لحرمان النوم وإبطالها.
نصائح للتعامل مع الحرمان المُزمن من النوم
1- الحدّ من غفوة النهار أو تجنبها تماماً.
2- تجنب الكافيين والكحول والنيكوتين، خاصة في الساعات القريبة من وقت النوم.
3- الذهاب إلى السرير في نفس الوقت كل ليلة.
4- الاستيقاظ في نفس الوقت كل صباح.
5- الالتزام بجدول مُحدد للنوم حتى خلال عطلات نهاية الأسبوع والأعياد.
6- قضاء ساعة قبل النوم في أنشطة الاسترخاء، مثل القراءة أو التأمل أو حمام دافئ.
7- تجنب الوجبات الثقيلة قبل النوم بساعتين.
8- الامتناع عن استخدام الأجهزة الإلكترونية مباشرة قبل النوم.
9- مُمارسة التمارين الرياضية بانتظام، ولكن لا تمارس تمارين قوية بالقرب من وقت النوم لأنها ستساعد على إبقائك نشيطاً ومُتيقظاً.
10- حافظ على غرفة النوم مُظلمة وباردة بدرجة كافية لتكون مريحة للنوم.
11- جرّب تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو التنفس العميق أو الاسترخاء التدريجي للعضلات.