يُعد مرض الجدري (smallpox)، أحد أكثر الأمراض المميتة والمخيفة في تاريخ البشرية، إن لم يكن أكثرها. وفي حين أن أصل الجدري غير معروف، يُعتقد أن فيروس الجدري تطور من فيروس جدري الحيوانات، وتحديداً القوارض.
وفي حين أن الآفات التي تم العثور عليها على مومياء الفرعون المصري رمسيس الخامس، الذي توفي عام 1145 قبل الميلاد، تشير إلى أن الجدري كان موجوداً منذ أكثر من 3000 عام، فإن أقدم توثيق مكتوب لأعراض تشبه أعراض الجدري كان من جي هونغ (283–343)، الذي كتب "دليل وصفات الطوارئ".
ويرجح الخبراء أن يكون الجدري قد تسبب في وفيات بشرية أكثر من جميع الأمراض المعدية الأخرى مجتمعة، إذ قتل الجدري ما يقرب من 300 مليون شخص في القرن العشرين وحده.
وبينما تم القضاء على الجدري في عام 1980 رسمياً حسب منظمة الصحة العالمية، بعد تسجيل 5 ملايين حالة وفاة سنوياً خلال السنوات الأولى من مرحلة انتشار الوباء في القرن العشرين، فإن الخطر ما زال قائماً في جدري الحيوانات.
جدري الحيوانات وخطره على البشر
تصيب بعض أنواع فيروس الجدري (فيروس الأورثوبوكس) البشر حصراً، لكن فيروس الجدري الذي يصيب الحيوانات قد ينتقل في حالات نادرة إلى البشر، عادةً بسبب ملامسة الحيوانات أو الأشخاص أو المواد الملوثة.
على سبيل المثال، قد يصيب فيروس جدري الأغنام البشر، ويمكن أن يتسبب فيروس جدري البقر في حدوث أمراض خطيرة في المضيف البشري.
وتتسبب فيروسات Capripox في مرض جلدي متكتل (LSD) بالأبقار والأغنام (جدري الغنم) والماعز (جدري الماعز)، ويمكن أن تسبب خسائر اقتصادية كبيرة في القطعان التجارية لهذه الحيوانات.
ومع زيادة التجارة العالمية، لن يكون من المستغرب أن تستمر هذه الفيروسات في توسيع نطاقها الجغرافي.
وإضافة إلى الثدييات، تؤثر فيروسات avipox على مئات الأنواع من الطيور الداجنة والبرية، ومن ذلك الدجاج والديك الرومي وطيور البطريق والطيور المغردة، مما يعرض الحياة البرية للخطر، وتشمل الأنواع الأخرى: جدري الخنازير وجدري السلمون وجدري التماسيح.
جدري القرود
ويعتبر جدري القرود من الأمراض المستوطنة في إفريقيا ومعدل الوفيات بين البشر يصل إلى 10%. أظهرت دراسة نُشرت في عام 2010، أن حالات الإصابة بفيروس جدري القرود قد زادت بأكثر من 20 ضعفاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية (DRC) خلال الأعوام الثلاثين التي أعقبت إنهاء حملة التطعيم ضد الجدري. كان الأفراد الذين تم تطعيمهم ضد الجدري أقل عرضة للإصابة بجدري القرود بمقدار 5.2 ضعف مقارنة بالأفراد غير الملقحين، وذلك حسب ما نشرته دورية Cell and Bioscience العلمية في عام 2021.
زادت المناطق الجغرافية الجديدة التي أبلغت عن حالات جدري القرود خلال السنوات الأخيرة، وتشمل الآن جمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وليبيريا ونيجيريا وسيراليون، وتم الإبلاغ عن حالات جدري القرود المرتبطة بالسفر في المملكة المتحدة في عام 2022 وإسرائيل في عام 2018 وسنغافورة في عام 2019. كما حدث تفشٍّ بالولايات المتحدة في عام 2003، تم تتبعه في النهاية إلى حيوانات مستوردة من إفريقيا.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.