في خبرٍ حزين وصادم، أعلنت طليقة الممثل الأمريكي بروس ويليس، ديمي مور، أن النجم البالغ من العمر 67 عاماً سيبتعد عن مهنة التمثيل، بسبب "مشاكل صحية يعاني منها"، وقد "تمّ تشخيصه مؤخراً بمرض الحبسة، أي فقدانه القدرة على الكلام".
جاء ذلك في منشورٍ أشبه ببيان، نشرته الممثلة العالمية ديمي مور، عبر حسابها الخاص على إنستغرام، أمس الأربعاء 30 مارس/آذار 2022، قالت فيه إن "بروس عانى بعض المشاكل الصحية مؤخراً، وتبيّن من خلال التشخيص أنه مُصاب بـ"الحبسة" (بالإنجليزية: Aphasia)، ما يؤثر على قدراته المعرفية".
والمنشور موقّع باسم ديمي مور، وبناتها الثلاث من ويليس، بالإضافة إلى اسم زوجة ويليس الحالية، إيما هيمينغ. وقد أكّدت فيه العائلة: "لذلك، وبعد دراسة متأنية، يتنحى بروس عن هذه المهنة التي كانت تعني له الكثير".
ويليس، الذي وُلد في 19 مارس/آذار 1955، هو أحد أبرز نجوم هوليوود في العالم، وهو ممثل ومُغنّ ومنتج أفلام أمريكي، له سجلّ حافل بالإنجازات في تاريخ سينما هوليوود، منذ العام 1985 حين لعب دوراً رئيسياً في المسلسل الكوميدي Moonlight.
ما هو اضطراب الحبسة؟ وكيف نُصاب به؟
الحبسة هي اضطراب لغوي ناتج عن تلف منطقة معيّنة من الدماغ، تتحكّم بالتعبير والفهم اللغويين. بمعنى آخر فإن اضطراب الحبسة يؤثر في قدرة الإنسان على التواصل مع الآخرين، يبدأ أولاً بعدم القدرة على الكلام، ثم الكتابة وفهم اللغة الشفهية والمكتوبة.
وبحسب موقع Hopkins Medicine، فإن "الكثير من الناس يعانون من الحبسة نتيجة السكتة الدماغية، ويتأثر الرجال والنساء بالتساوي، كما أن معظم المصابين بالحبسة الكلامية هم في منتصف العمر".
لكن، قد تحدث الحبسة أيضاً تدريجياً، بسبب ورمٍ بطيء النموّ في الدماغ، أو مرضٍ يسبّب ضرراً تدريجياً ودائماً مثل داء التنكّسي (بالإنجليزية: Degenerative Disease)، حين تتدهور وظيفة أو بنيان الأنسجة التي تُصاب به مع مرور الوقت، بسبب التقدّم في العمر أو العادات المرتبطة بنمط الحياة، مثل ممارسة الرياضة والتغذية.
طبياً، ماذا يحدث؟
يُصاب الإنسان بالحبسة حين يتضرّر الجانب المهيمن على اللغة في الدماغ، وعادةً ما يكون الجانب الأيسر. يعني أن فقدان القدرة على الكلام هو تلف الدماغ الناتج عن السكتات الدماغية، وهي انسداد أو تمزّق الأوعية الدموية بالدماغ.
يؤدي نقص تدفق الدم للدماغ إلى موت خلايا الدماغ، أو حدوث تلف في المناطق التي تتحكم في اللغة. وغالباً ما يكون فقدان القدرة على الكلام مصاحباً لمشاكل إدراكية أخرى، مثل اضطراب الذهن والذاكرة.
وبحسب موقع Live Science، فمن غير المعروف حالياً ما إذا كان فقدان القدرة على الكلام يتسبّب في فقدانٍ كامل لبنية اللغة، أو ما إذا كان يسبّب لاحقاً صعوبات في كيفية الوصول إلى اللغة واستخدامها.
أنواع الحبسة المعروفة
هناك ثلاثة أنواع معروفة من الحبسة، التي غالباً ما يتمّ تشخيصها بناءً على المنطقة المتأثرة من الجانب المهيمن على اللغة في الدماغ، ومدى الضرر الذي لحق بها. يعني على سبيل المثال:
- الحبسة التعبيرية:
وهي معروفة باسم "حبسة بروكا"، يعاني الأشخاص المصابون بها من تلفٍ في الجزء الأمامي من الجانب المهيمن على اللغة في الدماغ. قد يفهم المُصاب بحبسة بروكا ما يقوله الآخرون، أكثر مما يمكنه التحدّث، إذ يجد صعوبة في إخراج الكلمات، فيقول جملاً قصيرة جداً، يحذفون فيها بعض الكلمات التي تُعتبر أفعالاً، كأن يقول الشخص مثلاً: "طعام" (قاصداً أريد أن آكل)، أو "الكاحل" (قاصداً أي شيء من شأنه أن يتعلّق بالكاحل).
وعادةً ما يمكن للمستمع إلى الشخص المُصاب بالحبسة فهم المعنى الذي يريد إيصاله، لكن المؤذي أن المُصاب غالباً ما يُدرك الاضطراب الذي يعاني منه، وصعوبة تواصله، لذلك يُصاب معظمهم بالإحباط. قد يعاني أيضاً من شللٍ نصفي، أو ضعف في الجانب الأيمن من الجسم.
- الحبسة الشاملة:
تُعرف أيضاً باسم "حبسة الطلاقة"، وهي تأتي نتيجة تلف جزء كبير من الجانب المهيمن على اللغة في الدماغ. يمكن للمُصاب بها أن يتحدث بسهولة وطلاقة من خلال استخدام جملٍ طويلة ومعقّدة، وأحياناً تكون من غير معنى، أو تتضمّن كلمات غير معروفة أو ضرورية أو مناسبة للسياق العام للفكرة التي يريد إيصالها.
في هذا النوع من الحبسة لا يفهم المُصاب بها كلام الآخرين بشكلٍ جيد، كما أنه لا يدرك أن الآخرين لا يمكنهم فهمه.
- الحبسة العامة:
تُعتبر أقسى أنواع الحبسة، لأن الشخص المصاب بها يعاني من صعوبات كبيرة في التعبير واستيعاب ما يُقال له، فيصعب عليه تكوين الكلمات وتلقّيها.
في حالة الممثل بروس ويليس لم تعلن عائلته بعد أي تفاصيل عن نوع الحبسة المُصاب به.
علاج الحبسة.. هل يُشفى المُصاب بها تماماً؟
العلاج المناسب للحبسة يُحدّد وفق العمر، والصحة العامة، والنوع المُصاب به ومسبّباته. سيتمّ علاج اليد التي تأثرت نتيجة الاضطراب، اليُمنى أو اليُسرى، والأهم هو تحسين القدرة على التواصل من خلال:
- علاج النطق وإعادة تعلّم اللغة.
- علاج التواصل غير اللفظي، من خلال الكمبيوتر أو الصور.
- علاج جماعي يشمل المصابين بالحبسة وعائلاتهم.
الشخص المصاب بالحبسة يحتاج إلى إعادة تعلّم وممارسة المهارات اللغوية والتعرّف إلى طرق أخرى للتواصل. وقد يتعافى بعض المصابين بالحبسة الكلامية من دون أي علاج حتى. ولكن بالنسبة لمعظم المُصابين يتعايشون مع بعض آثارها التي تستمرّ مدى الحياة.
يمكن للعلاج أن يساعد في كثيرٍ من الأحيان، سيما علاج النطق، في استعادة بعض وظائف الكلام واللغة، لكنه يحتاج إلى وقت ومراحل طويلة وصبر، لأن مشكلة التواصل قد لا تزول بشكلٍ نهائي.
من المهمّ جداً أن يتعلّم أفراد أسرة الشخص المُصاب بالحبسة أفضل الطرق للتواصل معه، وهنا يأتي دور معالج النطق، خصوصاً أن هذا الاضطراب مُحبط كثيراً للمُصاب أولاً ولمحيطه ثانياً.
لذلك من الضروري عدم إقصاء المريض عن المحادثات العامة في العائلة، ومن المهم أيضاً تبسيط اللغة المحكية من خلال استخدام عبارات قصيرة وبسيطة وواضحة، ومن خلال تكرار الكلمات الرئيسية أو كتابتها أو الإيماء بها -حسب الحاجة- والأهم ألا يتمّ تصحيح كلام المُصاب بالحبسة، وأن يأخذ وقته في التعبير.