القلق من مخاطر الإشعاع النووي يزداد مع تلويح روسيا باستخدام ورقة الأسلحة النووية أو استهداف المحطات النووية في حربها العسكرية مع كوريا وحربها الباردة مع الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات عن مدى مخاطر الإشعاع النووي، وكيفية الحماية من الإشعاع النووي، والاحتياطات اللازمة في حالات الطوارئ الإشعاعية.
مخاطر الإشعاع النووي
ما هي الآثار الصحية الفورية للتعرض للإشعاع؟
بالأساس تعتمد الآثار الصحية للإشعاع على العوامل التالية:
- كمية الإشعاعات التي امتصها الجسم (الجرعة).
- نوع المادة المشعة.
- طريقة وصول المادة المشعة إلى أو على الجسم.
- طول فترة تعرض الشخص للمادة المشعة
والتعرض لكميات كبيرة من الإشعاع على مدار فترةٍ زمنية قصيرة قد يصيب الشخص بمتلازمة الإشعاع الحادة، التي تصيب بحروق جلدية، أو غثيان، أو قيء، وتحتاج رعاية صحية مباشرة.
وعادةً، تبدأ هذه الأعراض في غضون فترةٍ تتراوح بين دقائق وأيام بعد التعرض للإشعاعات، وقد تستمر لفترةٍ تتراوح من دقائق إلى عدة أيام، وربما تأتي الأعراض على فتراتٍ متقطعة، ويركز علاج متلازمة الإشعاع الحادة أو اعتلال التعرض للإشعاع على تخفيف وعلاج الالتهابات، والحفاظ على ترطيب الجسم، وعلاج الجروح والحروق. وقد ينتفع بعض المصابين بالعلاجات التي تساعد النخاع العظمي على استعادة وظائفه.
لكن التعرض لكميةٍ صغيرة من الإشعاع لا تظهر لها أية عوارض صحية على الفور.
ما هي الآثار الصحية طويلة المدى للتعرض للإشعاع؟
الأشخاص الذين يتعرضون لجرعات عالية من الإشعاعات تزيد خطورة إصابتهم بالسرطان لاحقاً في حياتهم حسب نسبة الإشعاع التي تعرضوا لها. وبالنسبة للأشخاص الذين تعرضوا لجرعات منخفضة من الإشعاعات؛ فعادةً ما تكون مخاطر الإصابة بالسرطان نتيجة الإشعاع منخفضةً للغاية بدرجةٍ تشبه الإصابة نتيجة التعرض للمواد الكيميائية والوراثية، أو التدخين وسوء التغذية.
ما الفرق بين التعرض للإشعاعات وبين التلوث الإشعاعي؟
التعرض للإشعاعات لا يعني بالضرورة أن الشخص أصبح ملوثاً بالمواد النشطة إشعاعياً. إذ تُنتِج المواد النشطة إشعاعياً شكلاً من أشكال الطاقة التي تسافر في أمواج أو جسيمات، وتخترق تلك الطاقة الجسم عندما تتعرّض لنوعٍ مُعيّن من الإشعاعات، لكن التلوث بالإشعاعات يعني أن المواد النشطة إشعاعياً يجب أن تكوِّن الجسم أو تبقى عليه.
فمثلاً؛ حين تخضع لاختبارٍ بالأشعة السينية مثلاً، فأنت تتعرض للإشعاع لكنك لا تتلوث بموادٍ نشطةٍ إشعاعياً.
كيف تؤثر المواد المشعة على صحة الجسم من الداخل والخارج؟
أثناء حالات الطوارئ الإشعاعية أو النووية، قد تنطلق المواد النشطة إشعاعياً إلى الهواء قبل أن يتنفسها الناس بالرئتين، أو ربما تدخل إلى الجسم عبر الجروح المفتوحة. كما يمكن أن تُلوِّث المواد النشطة إشعاعياً إمدادات الغذاء المحلية لتدخل الجسم عبر تناول الطعام أو الشراب. وهذا هو ما يُوصف بالتلوث الداخلي.
فيما يحدث التلوث الخارجي حين تلامس المواد النشطة إشعاعياً جلد الشخص، أو شعره، أو ملابسه. أثناء حالات الطوارئ الإشعاعية أو النووية، تسقط المواد المشعة من الهواء مثلها مثل الأتربة والرمال، لتحط على الأجسام الموجودة في الأسفل مثل الناس والبنايات والسيارات والطرق. والحماية من التلوث الخارجي يكون بالبقاء داخل المباني التي لم تتأثر بالإشعاع بشكلٍ مباشر.
ما الذي يجب فعله عند حدوث حالة طوارئ إشعاعية؟
بالأساس يجب البقاء في أماكن مغلقة بعيدة عن الإشعاع على الأقل لـ24 ساعة بعد حادث الطوارئ الإشعاعي، كما ينصح بالتخلص من طبقة الملابس الخارجية التي تعرضت للإشعاع، وفي حالة وجود إصابة تعالج الجروح، والكدمات، والإصابات غير الإشعاعية بالإسعافات الأولية، ومن الضروري الحفاظ على تغطية الجروح والسحجات أثناء الاغتسال لمنع المواد النشطة إشعاعياً من دخول الجرح.
ما الذي يجب أن تفعله النساء الحوامل والمرضعات؟
على الحوامل في منطقة الإشعاع أن تتبع تعليمات الإجراءات الوقائية بحذافيرها وتحصل على رعايةٍ طبية بعد انتهاء حالة الطوارئ الإشعاعية، بمجرد أن يكون الوضع آمناً لفعل ذلك. لأنه؛ عادةً ما تكون الأجنَّة في طور النمو أكثر عرضةً للآثار الصحية الناجمة عن التعرض للإشعاعات، بسبب سرعة معدل انقسام الخلايا، كما شرح مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأمريكي (CDC).
فيما يجب على الأمهات المرضعات بالقرب من المناطق المتأثّرة أن يتوقفن مؤقتاً عن إرضاع أطفالهن طبيعياً ويتحوّلن إلى الحليب الطبيعي (المخزن قبل التعرض للإشعاع) أو الحليب الصناعي إن أمكن، حتى يتمكنّ من رؤية طبيب. ويجب تنظيف أدوات الحليب الصناعي والرضاعة باستخدام قطعة قماش مبللة أو منشفة نظيفة. وفي حال عدم توافر مصدر تغذية آخر لطفلك، فيمكنك حينها الاستمرار في الرضاعة الطبيعية.
هل الأطفال أكثر عرضةً لخطر التأذي من التعرض للإشعاع؟
الأطفال أكثر عرضةً للإصابة بآثارٍ صحية نتيجة التعرض للإشعاع. حيث يمتلك الأشخاص الأصغر سناً عدداً أكبر من الخلايا التي تنقسم بسرعة والأنسجة التي تنمو، ولا يزال أمامهم سنواتٌ أكثر في أعمارهم، مما يمنح السرطانات فرصةً للتطور.
لذلك من الضروري للغاية أن يلتزم الأطفال بتعليمات الإجراءات الوقائية بحذافيرها ويحصلوا على رعايةٍ طبية بعد انتهاء حالة الطوارئ الإشعاعية، بمجرد أن يكون الوضع آمناً لفعل ذلك.
الإشعاع ويوديد البوتاسيوم (KI)
يوديد البوتاسيوم (ويسمى أيضاً KI) هو ملح من اليود المستقر (غير المشع)، وهو مادة كيميائية مهمة يحتاجها الجسم لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية، ومعظم اليود المستقر في أجسامنا يأتي من الطعام الذي نتناوله أو الأدوية.
إذا تم إطلاق "اليود المشع" في الهواء بعد حدث إشعاعي أو نووي فإنه يمكن استنشاقه في الرئتين، وبمجرد دخوله إلى الجسم تمتصه الغدة الدرقية بسرعة وقد يتسبب في إصابتها، لكن وجود "اليوم المستقر" يعمل على منع دخول اليود المشع إلى الغدة الدرقية، ويساعد في حمايتها من الإصابة.
لكن كيف يعمل "اليود المستقر"؟ حسب CDC فإن الغدة الدرقية لا تستطيع التمييز بين اليود المستقر والمشع وتمتص كليهما، ويعمل اليود المستقر على منع امتصاص الغدة الدرقية لنظيره المشع، إذ تصبح الغدة ممتلئة باليود المستقر ولا يمكنها امتصاص المزيد من اليود.
لكن قد لا يحمي ذلك الشخص بنسبة 100% من امتصاص اليود المشع، لأن هذا يعتمد على عوامل مثل:
- كم من الوقت مرَّ بين التلوث باليود المشع وتناول اليود المستقر.
- مدى سرعة امتصاص اليود المستقر في الدم.
- إجمالي كمية اليود المشع التي يتعرض لها الشخص.
لكن بشكلٍ عام، تعمل جرعة واحدة من اليود المستقر على حماية الغدة الدرقية لمدة 24 ساعة، وتناول جرعة أعلى لا يوفر مزيداً من الحماية ويمكن أن يسبب مرضاً شديداً أو الوفاة، كما أنه قد لا يناسب الأشخاص الذين يعانون حساسية من اليود أو من بعض الاضطرابات الجلدية المزمنة.
قد يهمك أيضاً: ما مكان الاختباء الأفضل عند انتشار إشعاعات نووية؟ الأسئلة الشائعة حول الحماية في حالات الطوارئ