تليف الرئة هو نتيجة معروفة لمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة والالتهاب الرئوي الحاد، وهو أحد أخطر مضاعفات الإصابة بفيروس كورونا ومتحوراته على المدى الطويل.
وينتج تليف الرئة بعد التعافي من الإصابة بفيروس كورونا عن خلل وظيفي بالرئة، وحتى الآن يتم إجراء الأبحاث للحصول على معلومات كافية حول كيفية تأثير الكورونا على الرئة بما يؤدي إلى احتمالية حدوث هذا المرض الخطير.
في هذا التقرير نستعرض ما هو مرض تليف الرئة وكيف يصيب الأشخاص، وما هي أكثر أعراضه شيوعاً وخيارات العلاج المتاحة وفقاً لكل مرحلة.
ما هو تليف الرئة؟
التليف الرئوي هو مرض يحدث عندما تتلف أنسجة الرئة وتصيبها الندبات. هذا النسيج السميك والقاسي يجعل من الصعب على الرئتين العمل بشكل صحيح وطبيعي.
ومع تفاقم التليف الرئوي، يصبح المصاب أكثر عرضة للمعاناة من ضيق التنفس. ويمكن أن يكون التندب المرتبط بتليف الرئة ناتجاً عن عدة عوامل.
لكن في معظم الحالات لا يستطيع الأطباء تحديد سبب المشكلة الأساسية. وعندما لا يمكن العثور على سبب فإن الحالة تسمى "التليف الرئوي مجهول السبب" أو "idiopathic pulmonary fibrosis".
لا يمكن إصلاح تلف الرئة الناجم عن التليف الرئوي، ولكن الأدوية والعلاجات يمكن أن تساعد في بعض الأحيان في تخفيف الأعراض وتحسين جودة الحياة. بالنسبة لبعض الأشخاص قد يكون زرع الرئة هو الخيار الأنسب نظراً لتطور الحالة.
أسباب الإصابة بالتليف الرئوي الأساسية
التليف الرئوي يسبب سماكة وتندُّب الأنسجة حول وبين الأكياس الهوائية (الحويصلات الهوائية) في رئتيك. وهذا يزيد من صعوبة مرور الأوكسجين إلى مجرى الدم.
يمكن أن يكون الضرر ناتجاً عن العديد من العوامل المختلفة، بما في ذلك التعرض طويل الأمد لبعض السموم وبعض الحالات الصحية والعلاج الإشعاعي وتناول بعض الأدوية.
كما يمكن أن يؤدي التعرض الطويل الأمد لعدد من السموم والملوثات إلى تلف رئتيك. وتشمل هذه العوامل: التعرُّض لغبار السيليكا، وألياف الأسبستوس، والغبار المعدني الصلب، وغبار الفحم، وغبار الحبوب، وفضلات الطيور والحيوانات، والتعرُّض للعلاجات الإشعاعية.
تظهر على بعض الأشخاص الذين يتلقون العلاج الإشعاعي لسرطان الرئة أو الثدي علامات تلف الرئة بعد شهور أو أحياناً سنوات من جرعة العلاج الأولى. وقد تعتمد شدة الضرر على التالي بحسب موقع British Lung Foundation لأمراض الرئة ببريطانيا:
- الجزء الذي تعرض للإشعاع من الرئة.
- الكمية الإجمالية للإشعاع الذي تعرض له الجسم.
- ما إذا كان العلاج الكيميائي قد تم استخدامه أيضاً مع الإشعاع.
- وجود مرض رئوي كامن: مثل التهاب الجلد والعضلات، ومرض النسيج الضام المختلط، ومرض الذئبة الحمامية الجهازية، ومرض التهاب المفاصل الروماتويدي، ومرض الساركويد، ومرض تصلب الجلد، ومرض الالتهاب الرئوي.
أعراض تليف الرئة الأكثر شيوعاً
قد تشمل علامات وأعراض التليف الرئوي ما يلي بحسب موقع Mayo Clinic للصحة والمعلومات الطبية:
- ضيق التنفس.
- السعال الجاف.
- الشعور المستمر بالإعياء.
- فقدان الوزن غير المبرر.
- آلام العضلات والمفاصل.
- تضخُّم أطراف أصابع اليدين أو القدمين.
يمكن أن يختلف مسار التليف الرئوي، وشدة الأعراض، بشكل كبير من شخص لآخر، ويصاب بعض الناس بالمرض بسرعة كبيرة بسبب الأعراض الشديدة، بينما يعاني البعض الآخر من أعراض معتدلة تزداد سوءاً بشكل أبطأ على مدار شهور أو سنوات طويلة إذا لم يتم اتخاذ خطوات للعلاج.
وقد يعاني بعض الأشخاص من تفاقم سريع في أعراضهم، مثل ضيق التنفس الشديد الذي قد يستمر ما بين أيام ويصل إلى أسابيع.
ويمكن وضع الأشخاص الذين يعانون من التفاقم الحاد للأعراض على جهاز التنفس الصناعي وهو ما يحدث بالنسبة للمصابين بفيروس كورونا أو أحد المتحورات الأخرى.
وفي تلك الحالة قد يصف الأطباء أيضاً المضادات الحيوية أو أدوية الكورتيكوستيرويد أو الأدوية الأخرى لعلاج التطور الحاد للحالة.
طرق تشخيص الحالة والخيارات المتاحة
يمكن أن يشبه التليف الرئوي إلى حد كبير أمراض الرئة الأخرى الأكثر شيوعاً، ما قد يجعل التشخيص صعباً في بعض الأحيان، بحسب موقع Cleveland Clinic للصحة والمعلومات الطبية.
قد يطلب الطبيب المتخصص اختباراً واحداً أو أكثر لتشخيص التليف الرئوي، بما في ذلك:
- اختبارات الدم: لاستبعاد الأمراض أو الأسباب الأخرى للأعراض.
يمكن أن تساعد الاختبارات المعملية أيضاً مقدمي الخدمة في تتبع تطور المرض بعد التشخيص.
- اختبارات التصوير المقطعي: قد يساعد تصوير الصدر بالأشعة السينية أو التصوير المقطعي المحوسب في استبعاد الأمراض الأخرى المتعلقة بالرئة. يمكن أن تظهر هذه الصور ندبات الرئة بوضوح وقد تؤكد تشخيص تليف الرئة.
- اختبارات التنفس: تسمى هذه الاختبارات أيضاً اختبارات وظائف الرئة. وتقيس الأجهزة المختلفة وظائف الرئة وسعتها ومدى جودة عمل الرئتين.
- دراسة تشبع الأوكسجين: يقيس هذا الاختبار مستويات الأوكسجين في الدم. وفيه يمشي المصاب لمدة 6 دقائق باستخدام مسبار متصل بإصبعه أو جبهتك.
- الخزعة: يزيل الجراح عينة صغيرة من أنسجة الرئة من خلال شق صغير في الضلوع. ويقوم مقدمو الخدمة أحياناً بأخذ خزعة من الرئة لتأكيد تشخيص التليف الرئوي.
خيارات التعامل مع الحالة بعد التشخيص
لسوء الحظ، فإن تلف الرئة بسبب التليف الرئوي، وهو مرض دائم ويؤدي مع الوقت إلى الوفاة الحتمية، ولكن قد يساعد التشخيص وبدء العلاج في أقرب وقت ممكن في تحسين عمل الرئتين وتحسين جودة الحياة لأطول فترة ممكنة.
وتركز معظم علاجات التليف الرئوي على تخفيف الأعراض وتحسين نوعية الحياة. وقد يوصي الطبيب المتخصص بواحد أو أكثر من العلاجات التالية:
- الأدوية: دواءان هما الأبرز لعلاج تليف الرئة، وهما بيرفينيدون (Esbriet®) ونينتيدانيب (OFEV®)، وهما قد يبطئان تندُّب الرئة. كما يمكن أن تساعد هذه الأدوية في الحفاظ على وظائف الرئتين قدر الممكن.
- العلاج بالأوكسجين: ويتم من خلال إعطاء الجسم كمية إضافية من الأوكسجين لكي يتمكن من التنفس بسهولة أكبر. ما قد يزيد من طاقة المصاب وقوته العامة.
- إعادة التأهيل الرئوي: قد يؤدي الاستمرار في النشاط في برنامج التمرين الخاص هذا إلى تحسين مقدار (أو مدى سهولة) القيام بالمهام والأنشطة اليومية.
- زرع الرئة: عملية زرع الرئة تستبدل إحدى الرئتين المصابتين أو كلتيهما برئة (أو رئتين) سليمتين من متبرع آخر. ويوفر هذا الخيار إمكانية تحسين الصحة وجودة الحياة.
وتعتبر عملية زرع الرئة عملية جراحية كبيرة وخطيرة، وليس كل شخص مرشحاً لها، إذ يعتمد الأمر على مدى تطور الحالة والصحة العامة للمريض.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.