يُعرَّف الطب النانوي أو طب النانو بأنه التطبيق الطبي لتقنية النانو. يمكن أن يشمل مجموعة واسعة من الأدوات، من ضمنها المستشعرات الحيوية وهندسة الأنسجة وأجهزة التشخيص وغيرها الكثير.
وبينما تتعرض أجسامنا بالكامل للأدوية التي نتناولها، والتي يمكن أن تؤدي إلى آثار جانبية غير سارَّة وتقليل كمية الدواء التي تصل إلى الأماكن التي تحتاجها بالفعل، يمكن توصيل الأدوية بكفاءة أكبر إلى موقع العمل باستخدام تقنية النانو، مما يؤدي إلى نتائج محسّنة مع أدوية أقل.
ماذا تعني كلمة نانو؟
بدايةً، تعني كلمة نانو "صغير"؛ فالنانومتر هو واحد من المليار من المتر. عادةً ما تكون الجسيمات النانوية المستخدمة لتوصيل الدواء في نطاق 20 إلى 100 نانومتر، وقد يختلف هذا الحجم اعتماداً على تصميم الجسيمات النانوية.
يمكن هندسة الجسيمات النانوية وتصميمها لتعبئة الأدوية ونقلها مباشرةً إلى حيث تكون هناك حاجة إليها، حسبما شرح موقع The concersation.
يعني هذا النهج المستهدف أن الأدوية تسبب أكبر ضرر في منطقة الورم المعينة والمقصودة التي يتم تسليمها إليها، ما يقلل من الأضرار الجانبية للأنسجة السليمة المحيطة، ومن ثم من الآثار الجانبية.
ويمكن إضافة الوظائف إلى المواد النانوية عن طريق ربطها بالجزيئات أو الهياكل البيولوجية. ولأن حجم المواد النانوية يتشابه مع حجم معظم الجزيئات والتركيبات البيولوجية؛ لذلك، يمكن أن تفيد المواد النانوية كلاً من الأبحاث والتطبيقات الطبية الحيوية في الجسم الحي وفي المختبر.
حتى الآن، أدى دمج المواد النانوية مع علم الأحياء إلى تطوير أجهزة التشخيص وعوامل التباين والأدوات التحليلية وتطبيقات العلاج الطبيعي ومركبات توصيل الأدوية.
كان أول دواء نانوي للسرطان معتمد من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية هو Doxil. منذ عام 1995، تم استخدامه لعلاج سرطانات البالغين، وضمن ذلك سرطان المبيض والورم النخاعي المتعدد وساركوما كاربوسي (سرطان نادر يصيب غالباً الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة مثل فيروس نقص المناعة البشرية).
وحالياً، يوجد تيار من علاجات طب النانو الجديدة لسرطانات البالغين في التجارب السريرية (تجارب على البشر)، أو في السوق.
ولكن تمت الموافقة على عدد محدود فقط من هذه لعلاج سرطانات الأطفال، على الرغم من أن علاج السرطان هو المكان الذي يمكن أن تحقق فيه هذه التقنية أكبر فائدة، حسب موقع Johns Hopkins الطبي.
كيف يعمل طب النانو؟
يمكن تصويره على أنه أنظمة توصيل الأدوية ذات الجسيمات النانوية ولكن بطرق مختلفة. إلى جانب حمل الدواء للتسليم، يمكن تصميم الجسيمات النانوية لتحمل مركّبات معينة تسمح لها بالارتباط بجزيئات الخلايا السرطانية. بمجرد ارتباطها، تُوصل الدواء بأمان إلى موقع الورم المحدد.
تساعد الجسيمات النانوية أيضاً في قابلية ذوبان الدواء. ولكي يعمل الدواء، يجب أن يكون قادراً على دخول مجرى الدم، مما يعني أنه يجب أن يكون قابلاً للذوبان.
على سبيل المثال، دواء السرطان باكليتاكسيل (تاكسول) غير قابل للذوبان، لذا تجب إذابته في عامل توصيل للدخول إلى الدم. لكن هذا العامل يمكن أن يسبب ردود فعل تحسسية لدى المرضى.
للتغلب على هذه المشكلات، طور الكيميائيون جسيمات نانوية من بروتين الألبومين الطبيعي، فتحمل باكليتاكسيل وتجعله قابلاً للذوبان ولكن بدون تفاعلات الحساسية.
عادةً ما تكون للأورام أوعية دموية مضطربة ومتسربة تنتشر من خلالها وتخرج منها. تسمح هذه الأوعية لأدوية العلاج الكيماوي بدخول الورم بسهولة، ولكن نظراً إلى أن جزيئات العلاج الكيماوي صغيرة جداً، فإنها تنتشر أيضاً عبر الأوعية وتخرج من الورم، وتهاجم الأنسجة المحيطة.
ولأن الجسيمات النانوية جزيئات أكبر، لذا تنحصر داخل الورم، حيث تسبب كل الضرر تجاه الخلايا المستهدفة.
بمجرد تسليم حمولتها من الأدوية إلى الخلايا، يمكن تصميم الجسيمات النانوية لتتحلل إلى منتجات ثانوية غير ضارة. هذا الأمر مُهم بشكل خاص للأطفال الذين مازالوا في طور النمو.
يسعى طب النانو إلى تقديم مجموعة قيّمة من أدوات البحث والأجهزة المفيدة سريرياً في المستقبل القريب.
وتتوقع المبادرة الوطنية لتقنية النانو في أمريكا ابتكار تطبيقات تجارية جديدة في صناعة الأدوية، قد تشمل أنظمة توصيل الأدوية المتقدمة والعلاجات الجديدة والتصوير في الجسم الحي.
تتلقى أبحاث الطب النانوي تمويلاً من برنامج الصندوق المشترك للمعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، الذي يدعم أربعة مراكز لتطوير طب النانو.
وفي أوروبا، تخضع الأدوية النانوية البيولوجية للإطار الذي وضعته وكالة الأدوية الأوروبية (EMA) لأغراض تنظيمية، هدفها متابعة الطب النانوي البيولوجي، حسب موقع Frontiers in Chemistry.