يحكى أن أوريليا كوتا عانت آلاماً لا تحتمل في مخاضها، وبدا أنها لن تستطيع الإنجاب بشكل طبيعي كسائر الأمهات، لكن طبيباً ماهراً استطاع أن يخرج وليدها من رحمها عن طريق الجراحة، وأطلق على هذا الوليد اسم "يوليوس قيصر" الذي أصبح فيما بعد إمبراطور روما، وأطلق على الطريقة التي تم إخراجه فيها من رحم أمه اسم "الولادة القيصرية" تيمناً به.
ولطالما أحاطت بالولادة القيصرية القصص والخرافات، إذ كان يعتقد أن المولودين بهذه الطريقة يتمتعون بقوى سحرية خاصة، وفي الأساطير اليونانية يحكى أن بعض الآلهة اليونانية مثل أدونيس، قد وُلدوا عن طريق جراحة قيصرية.
ما علينا من هذه الحكايات، ولنعد إلى أرض الواقع، نقدم لكِ في هذا التقرير كل ما تريدين معرفته عن الولادة القيصرية: ما هي؟ مخاطرها، متى يتم اللجوء إليها، كيف تتم، ما المضاعفات المحتملة وما التحضيرات اللازمة قبل العملية وبعدها؟
الولادة القيصرية.. كل ما تردين معرفته
الولادة القيصرية هي إجراء جراحي بديل عن الولادة الطبيعية، يتضمن شق بطن الأم ورحمها لإخراج الطفل.
وبالرغم من أن الولادة القيصرية باتت إجراءً شائعاً فإنه يجب تجنب إجرائها قبل أن تتم الأم الأسبوع الـ39 من حملها، ليتاح للطفل وقتاً مناسباً للنمو في الرحم، كذلك من الأفضل عدم اعتمادها ما دام هنالك فرصة للولادة الطبيعية.
متى يجب اللجوء إلى الولادة القيصرية؟
تُجرى الولادة القيصرية عادةً عندما تكون الولادة الطبيعية صعبة أو قد ينتج عنها مضاعفات تعرض الأم أو الطفل للخطر.
ووفقاً لما ورد في موقع Healthline، تشمل أسباب لجوء الأطباء إلى الولادة القيصرية ما يلي:
- عندما يكون رأس الطفل كبير جداً مقارنة بقناة الولادة.
- في حالة الولادة المقعدية (عندما يخرج الطفل من قدمه أولاً)
- عند حدوث مضاعفات مبكرة للحمل
- عندما تعاني الأم من مشاكل صحية مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب غير المستقرة
- عندما تعاني الأم من هربس تناسلي نشط يمكن أن ينتقل إلى الطفل
- في حال وجود مشاكل في المشيمة مثل انفصال المشيمة أو انزياحها
- في حالة التعرض لمشاكل الحبل السري
- في حالة المخاض المستعرض (عندما يخرج الطفل من كتفه أولاً)
- عندما تكون الأم قد خضعت لولادة قيصرية سابقة
مخاطر الولادة القيصرية
بالرغم من شيوع الولادة القيصرية في كافة أنحاء العالم فإنها لا تزال عملية جراحية تنطوي على مخاطر قد تتعرض لها الأم أو الجنين. وتبقى الولادة الطبيعية هي الخيار الأفضل لتجنب حدوث المضاعفات.
ووفقاً لما ورد في موقع Mayo Clinic، تشمل مخاطر الولادة القيصرية ما يلي:
- نزيفاً
- جلطات الدم
- مشاكل في التنفس للطفل، خاصة إذا تم إجراء القيصرية قبل إتمام الأم 39 أسبوعاً من الحمل
- زيادة مخاطر الحمل في المستقبل
- عدوى
- إصابة الطفل أثناء الجراحة
- تستغرق الأم وقتاً أطول للشفاء مقارنة بالولادة الطبيعية
- إصابات جراحية للأعضاء الأخرى
- الالتصاقات والفتق وغيرها من مضاعفات جراحة البطن
من المهم للغاية مناقشة خيارات الولادة (الطبيعية والقيصرية) مع طبيبك قبل موعد الولادة، إذ يستطيع الطبيب أن يحدد فيما إذا كنت ستضطرين للجوء إلى الولادة القيصرية وبالتالي سيتسنى لك الوقت المناسب للتحضير لذلك.
تعرفي أكثر على مخاطر الولادة القيصرية عبر هذا الرابط.
التحضير للولادة القيصرية
إذا قررت أنت وطبيبك أن الولادة القيصرية هي أفضل خيار للولادة، فسوف يعطيك الطبيب تعليمات كاملة حول ما يمكنك القيام به لنجاح العملية وتقليل خطر حدوث مضاعفات.
بالتأكيد سيجري لك الطبيب جميع الفحوصات الاعتيادية التي تجرى أثناء الحمل مثل اختبارات الدم والفحوصات الأخرى التي ستحدد احتماليات إجراء الولادة القيصرية.
سيتأكد طبيبك أيضاً من تسجيل فصيلة دمك في حال احتجت إلى نقل دم أثناء الجراحة، مع العلم أنه من النادر أن تكون هناك حاجة لعمليات نقل الدم أثناء الولادة القيصرية، ولكن على الطبيب أن يكون جاهزاً لأي مضاعفات.
حتى لو لم تكوني تخططين لإجراء ولادة قيصرية، فيجب عليك دائماً الاستعداد لما هو غير متوقع، لذا يجب مناقشة الأمر مع طبيبك قبل موعد الولادة.
تأكدي من فهم جميع الجوانب المتعلقة بالولادة القيصرية ومن أنك مستعدة لما سيحدث في حال اضطررت لإجراء ولادة قيصرية طارئة.
كيف يتم إجراء الولادة القيصرية؟
في حال كنت ستلجئين للولادة القيصرية، خططي للبقاء في المشفى لمدة ثلاثة إلى أربعة أيام حتى تتعافي من الجراحة.
قبل الجراحة، سيتم إدخال قسطرة لإبقاء مثانتك فارغة أثناء الجراحة، وستتلقين السوائل عبر الوريد عن طريق وضع قرنية طبية (كانولا أو سيروم) في ذراعك.
وعادة، هناك ثلاثة أنواع من التخدير في حالة الولادة القيصرية:
- التخدير الذي يتم حقنه مباشرة في الكيس المحيط بالحبل الشوكي، وبالتالي تخدير الجزء السفلي من الجسم
- التخدير الذي يتم حقنه في أسفل الظهر خارج كيس الحبل الشوكي.
- التخدير العام: حيث لا تشعر المرأة بأي شيء أثناء العملية، وعادة ما يكون مخصصاً لحالات الطوارئ
بعد التخدير، سيقوم طبيبك بعمل شق فوق خط شعر العانة، عادة ما يكون أفقياً عبر الحوض. في حالات الطوارئ، قد يكون الشق عمودياً.
بمجرد إجراء الشق في بطنك وكشف الرحم، سيقوم طبيبك بعمل شق في الرحم لإخراج الطفل.
بعد إخراج الطفل يتم تنظيف أنفه وفمه من السوائل وشد الحبل السري وقطعه، والتأكد من أنه يتنفس بشكل طبيعي. بعد ذلك يقوم الطبيب بإغلاق شق البطن بالغرز.
المتابعة بعد الولادة القيصرية
بعد الولادة القيصرية، ستبقين أنت وطفلك في المستشفى لمدة ثلاثة أيام تقريباً.
مباشرة بعد الجراحة، سيتم إعطاؤك مسكنات الألم عبر الوريد. وسيشجعك الطبيب على النهوض والتجول؛ الأمر الذي يمنع جلطات الدم والإمساك.
ويمكن للممرضات تعليمك الوضعية الأمثل للطفل أثناء الرضاعة، بحيث لا يسبب لك ألماً إضافياً في منطقة شق الولادة القيصرية.
كذلك سيقدم لك طبيبك توصيات للرعاية المنزلية بعد الجراحة، ولكن يجب أن تتوقعي بشكل عام ما يلي:
- عليك أن تستريحي تماماً في الأسابيع الأولى بعد الولادة القيصرية
- اتبعي تعليمات الطبيب فيما يخص التعامل مع جرح العملية
- اشربي الكثير من السوائل لتعويض السوائل المفقودة أثناء الولادة القيصرية
- تجنبي ممارسة الجماع لمدة أربعة إلى ستة أسابيع
- تناولي مسكنات الألم حسب الحاجة
متى يجب الاتصال بالطبيب؟
بعد الولادة القيصرية من الممكن أن تحدث بعض المضاعفات التي تتطلب تدخل الطبيب.
اتصلي بطبيبك إذا واجهت الأعراض التالية:
- آلام الثدي المصحوبة بالحمى
- إفرازات مهبلية كريهة الرائحة أو نزيفاً مع جلطات كبيرة
- ألماً عند التبول
- علامات العدوى – على سبيل المثال، الحمى أو الاحمرار أو التورم أو خروج إفرازات من جرح العملية.
قد يهمك أيضاً: إليكِ 5 تمارين آمنة يمكنك القيام بها بعد الولادة القيصرية
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.