بدافع الفوز وتحسين مظهر العضلات، يسعى الرياضيون من لاعبي كمال الأجسام غالباً إلى تحقيق أحلامهم في الفوز بميدالية أو الحصول على مكان في فريق محترف عن طريق استخدام المكملات الغذائية والمنشطات، وربما غير مدركين أحياناً لما ينطوي عليه استخدامها من مخاطر.
بسبب احتوائها على مكوناتٍ غير معروفة وعدم وجود رقابة على الكثير منها، تهدد مكونات المكملات الغذائية الكثير من الرياضيين الذين يتناولونها بالإصابة بأمراض خطيرة مثل تلف الكبد وأمراض القلب وحتى الوفاة.
في هذا التقرير سنتناول أضرار المكملات الغذائية المعززة للأداء مثل "هرمون النمو البشري" والمنشطات.
مكونات "مخفية" خطرة تصيب الكبد وتؤدي للوفاة
تحذر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) من خطورة "المكونات المخفية" في المنتجات الغذائية التي يتم الترويج لها لكمال الأجسام.
وتشير إلى أنه غالباً ما يتم غش مُكمّلات كمال الأجسام باستخدام الستيرويدات الابتنائية التي تعد أنواعاً معدلة من هرمونات الذكورة المصممة لزيادة كتلة العضلات.
تكمن خطورة استخدام هذه الأنواع من المكملات الغذائية إلى أنها تزيد نسبة الإصابة بتلف الكبد وزيادة شحميات الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية عند لاعبي كمال الأجسام.
سعت دراسة قامت بها كلية بايلور للطب الأمريكية عام 2016 إلى تحديد ما إذا كان استخدام جرعات عالية من هرمون التستوستيرون ومكملات أخرى لتحسين الأداء يمكن ربطه بمعدل وفيات أعلى مقارنةً بعامة السكان.
خلال الدراسة، أشرف فريق الباحثين على 1578 لاعب كمال أجسام من المحترفين الذين تنافسوا في الفترة من 1948 إلى 2014، وتمكَّن الباحثون من الحصول على بيانات الوفاة كاملة لـ597 من هؤلاء اللاعبين.
النتائج الصادمة كانت أنه من بين 597 لاعباً من هذه المجموعة الأخيرة، 58 شخصاً توفوا. وعند العودة إلى بيانات الوفاة الخاصة بهم ودراستها خلصت الدراسة إلى أن متوسط عمر الوفاة بينهم هو 47 سنة.
وبذلك، كانت معدلات وفيات لاعبي كمال الأجسام ضمن المجموعة أعلى بنسبة 34٪ من نسبة الوفيات للسكان العاديين المتطابقين مع العمر.
وقد رجح الباحثون السبب إلى أنّ مكملات تحسين الأداء، والتدريب الثقيل، قد يلعبا دوراً هاماً في زيادة معدلات الوفيات بين لاعبي كمال الأجسام المحترفين في سن صغيرة.
أنواع المكملات الغذائية الضارة أو غير القانونية
حظرت اللجنة الأولمبية لكمال الأجسام بعض المواد التي قد تحتوي عليها المكملات الغذائية والمنشطات؛ لأنها يمكن أن تسبب ضرراً أو تشكل خطراً على حياة الرياضي أو لاعب كمال الأجسام.
على سبيل المثال، يأخذ بعض الرياضيين المنشطات الابتنائية وهرمون النمو البشري بهدف زيادة كتلة عضلاتهم وقوتها. لكن لهذه الستيرويدات آثار جانبية خطيرة كثيرة من أبرزها العقم وتشوهات وأورام الكبد ومشاكل القلب والدورة الدموية.
كما أن أحد المكونات الشائعة في المكملات هو هرمون إريثروبيوتين الذي يستخدم بشكل شائع من قبل ممارسي رياضات تحمّل الأوزان.
لكن قد يؤدي الاستخدام غير المناسب له إلى زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية وانسداد أحد الشرايين في الرئة.
على الرغم من أن الكرياتين هو مركب طبيعي ينتجه جسمك ويساعد عضلاتك على إطلاق الطاقة إلا أنه لمكملاته بعض الآثار السلبية التي يمكن أن تقلل من الأداء الرياضي وتسبب تقلصات المعدة وتشنجات العضلات وزيادة الوزن، وفقاً لما ذكره موقع Health Line الطبي.
وأخيراً نذكر النوع الأكثر خطراً، المنشطات، التي لها آثار جانبية من أخطرها الإدمان الذي يجعل الرياضيين يحتاجون إلى كميات أكبر لتحقيق التأثير المطلوب، لذلك سيأخذون جرعات أعلى بكثير من الجرعة الطبية أو الآمنة.
بالإضافة إلى الآثار الصحية الخطيرة كارتفاع ضغط الدم الخفيف والسكتة الدماغية والنوبة القلبية ومشاكل الدورة الدموية الأخرى.
لاعبين فقدوا حياتهم في عمر مبكر بسبب المكملات والمنشطات
ما كتبناه حتّى الآن في المادة يدلل عليه أنّ هناك أبطالاً من لاعبي كمال الاجسام ماتوا في سن مبكرة بسبب تناولهم هذه المكملات بشكل مفرط، مما أدى إلى تلف الكبد لديهم أو توقف عضلة القلب.
ناصر السنباطي
كان ناصر السنباطي لاعب كمال أجسام محترفاً وُلد في في مدينة شتوتغارت الألمانية لأب مصري وأم يوغوسلافية ويحمل الجنسية المصرية واليوغوسلافية وشارك في العديد من المسابقات والبطولات لكمال الأجسام وحصل في بطولة مستر أولمبيا، التي ينظمها الاتحاد الدولي لكمال الأجسام واللياقة البدنية، على المركز الثاني في عام 1997.
شارك السنباطي في الكثير من المسابقات والبطولات وكان لا يزال في أوج تألقه عندما هز خبر وفاته المفاجئ سنة 2013 في القاهرة عن سن 47 عاماً الكثيرين.
أرجع الأطباء سبب وفاة السنباطي إلى الفشل الكلوي الذي سببه استخدامه المعروف للمنشطات الابتنائية طوال حياته المهنية بالإضافة إلى توقف عضلة القلب.
إدوارد سبايك جيور
كان هذا اللاعب البلجيكي طموحاً جداً وكان يحاول باستمرار المحافظة على لياقته، ولكنه اتخذ طريقاً سريعاً ليصبح بطل كمال أجسام وهو تعاطي المنشطات والاسترويد، الأمر الذي هدد حياته وأدى لانفجار عضلة قلبه.
عندما كان يبلغ من العمر 33 سنة فقط وعند عودته للمنزل في أحد الأيام بعد أن أنهى تمارينه في الصالة الرياضية، شعر جيور بوخز شديد في قلبه وسقط مغشياً عليه من شدة الألم، ليجد الأطباء أن سبب ذلك هو انفجار عضلة قلبه.
نجا هذا الرجل من الموت بأعجوبة شديدة، ولكنه توفي في أغسطس/آب 2016 بسبب أزمة دماغية.
أندرياس مونزر
كان أندرياس مونزر بطل كمال أجسام نمساوياً محترفاً وكان مشهوراً في الأوساط الرياضية بمعدل الدهون المنخفض جداً في جسمه. لكنه للأسف كان يستخدم العديد من المكملات كالستيرويديات ومدرات البول وهرمون النمو بكميات ضخمة ليحصل على جسم ضخم في وقت قصير.
تعرض مونزر لنزيف حاد في المعدة عام 1996 أثناء إحدى مسابقات أجرى على إثره عملية جراحية. كما أصيب بعد فترة قليلة بفشل في وظائف الكبد وتوفي عن عمر 31 عاماً.
أرجع الأطباء سبب وفاته إلى تضخم عدة أعضاء حيوية في جسمه مع عدم وجود أي دهون تحت الجلد، مما أثر على الكبد وأدى لتضخم في عضلة القلب، حيث وصل وزن قلبه 636 غراماً، أي ضعف وزن قلب الإنسان الطبيعي.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.