"اللبان الدكر" هو مستخلص مادة صمغية ينتج من أشجار الـBoswellia serrata، وهي شجرة متفرعة تستوطن في القارة الإفريقية ومنطقة شبه الجزيرة العربية.
يُعرف "اللبان الدكر" أيضاً باسم اللبان الهندي واللبان البدوي واللبان المُر، وهو عادة ما يُستخدم في الطب الشعبي وصناعة الزيوت الطبيعية ومستحضرات التجميل لفوائده الصحية العديدة المضادة للالتهابات.
وبالرغم من مذاقه شديد المرارة، لكن يُشاع في الطب البديل منذ عقود أن هذا النوع من اللبان يمتلك الكثير من الآثار الصحية للجسم والبشرة إذا ما تم تناول منقوعه المغلي أو استُخدم زيته الطبيعي بانتظام.
ومع ذلك، قد يكون للبان المُر بعض الآثار الجانبية المُحتملة إذا ما تجاوز استهلاكه الحد المسموح.
في هذا التقرير نستعرض فوائد واستخدامات "اللبان الدكر"، وكيف من الممكن تحقيق النفع الأكبر منه دون التسبب في أي مضاعفات.
اقرأ أيضاً
استخدامات "اللبان الدكر" الشائعة
يُستخدم "اللبان الدكر" الصمغي في صناعة الزيوت العطرية وهو يُستخدم عربياً بشكل خاص لرائحته المميزة ويُضاف مع البخور. يُستخدم زيت اللبان أيضاً في صناعات الأغذية ومستحضرات التجميل والصابون والمشروبات.
أما عن استخداماته في الطب الشعبي والتداوي بالأعشاب، يتم استهلاك "اللبان الدكر" عن طريق الفم أو بشُرب منقوعه المغلي أو باستخدامه موضعياً على الجلد، وذلك في الحالات الصحية التالية، وفقاً لموقع Very Well Health المختص بتغطية المواضيع المتعلقة بالصحة وأنواع الطعام الصحية.
- الربو والتهاب الشعب الهوائية.
- التهاب المفاصل الكولاجيني.
- مرض كرون (التهاب مزمن في بطانة الجهاز الهضمي).
- تشنجات وآلام الحيض.
- هشاشة العظام.
- التهاب المفصل الروماتويدي.
- التهاب القولون التقرحي.
اقرأ أيضاً
"اللبان الدكر" لتخفيف أعراض هشاشة العظام
وجدت العديد من الدراسات العلمية تأثيرات فعالة للبان المُر في علاج آلام هشاشة العظام.
وفي دراسة أُجريت عام 2003 ونُشرت بمجلة Phytomedicine العلمية، قال 30 شخصاً أجريت عليهم الدراسة، وكانوا يعانون من آلام الركبة والمفاصل، إنهم لاحظواً تحسُّناً ملحوظاً في مستوى الشعور بالألم.
كما أبلغ المشاركون عن زيادة في قدرتهم على ثني ركبتهم والمشي من دون ألم، وذلك بعد تناول حبوب اللبان عن طريق الفم، أو عبر دهن زيته بشكل مباشر على المنطقة المصابة.
علاج التهاب المفاصل الروماتويدي
تركز العديد من علاجات التهاب المفاصل الروماتويدي، والتي تشمل العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات (NSAIDs) والمنشطات، على تقليل الالتهاب.
وبما أن اللبان المُر له خصائص مضادة للالتهاب، فقد تم استخدام هذا الصمغ في علاج التهابات المفاصل بمختلف الطرق على مدى عقود في الطب الشعبي والعلاج الطبيعي بالأعشاب.
وبحسب دراسة نشرت عام 2000، في مجلة أمراض الروماتيزم التابعة للرابطة الكندية لأمراض الروماتيزم، ثبت أنه بتناول جرعات معينة خلال شهر من التجربة، ساعد اللبان يساعد على تقليل تورم المفاصل الناجم عن الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي.
ووفقاً لمؤسسة التهاب المفاصل في ولاية هاواي الأمريكية، يُنصح باستخدام كبسولات حمض "اللبان الدكر" كعلاج محتمل لمرض التهاب المفاصل الروماتويدي، بالإضافة إلى هشاشة العظام.
ووجدت دراسة أخرى نشرتها المجلة الدولية للبحوث الطبية التطبيقية والأساسية العالمية عام 2019، أن المستخلص النشط من "اللبان الدكر" قد يساعد في تقليل الالتهاب لدى الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي.
جدير بالذكر أن هذه الدراسة استخدمت الفئران، لذلك قد لا تنطبق النتائج على البشر بنفس الدرجة، ما يستلزم المزيد من الأبحاث. ومع ذلك نصح الباحثون أن اللبان قد يعمل بمثابة علاجاً تكميلياً مع مضادات التهاب المفاصل الطبية المعروفة.
أمراض التهاب المعدة والجهاز الهضمي
قد تكون التأثيرات المضادة للالتهابات في "اللبان الدكر" مفيدة أيضاً في تخفيف أعراض الأشخاص الذين يعانون من أمراض الأمعاء الالتهابية (IBD)، مثل التهاب القولون التقرحي ومرض كرون.
وبحثت دراسة في المجلة العالمية لأمراض الجهاز الهضمي في عمل هذه المركبات. وعلى نماذج حيوانية أيضاً، خففت أحماض البوزويل في اللبان المُر علامات مرض التهاب الأمعاء دون التسبب في آثار ضارة على الأعضاء المحيطة. لذلك يُعتقد أنه بإجراء الأبحاث على البشر في المستقبل، قد يثبت أن اللبان علاج مفيد لهذه الحالات المزمنة.
ووفقاً لبحث آخر بمجلة أبحاث العلوم الطبية عام 2017، اتضح أنه بتناول اللبان مع بعض الأدوية العشبية الأخرى، يمكن تقليل آلام البطن والانتفاخ، وحتى تحسين مستوى الاكتئاب والقلق المرتبط به لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة القولون العصبي.
ومن خلال تناول 250 ملغ من اللبان المُر يومياً، ولمدة 6 أشهر متصلة، تتحسن الأعراض لدى الأشخاص الذين يعانون من القولون العصبي وأعراضه المزعجة.
"اللبان الدكر" في علاج الربو
قد يكون لحمض "اللبان الدكر" أيضاً دور في علاج الربو. وأظهرت نتائج بحث نشرته المجلة الدولية لعلم الأمراض السريرية والتجريبية عام 2015، والمفتوحة عالمياً لتلقي الأبحاث من مراكز الدراسات المُعتمدة حول العالم، أن اللبان قادر على تثبيط الالتهاب في الشعب الهوائية ومنع إفراز السيتوكينات، وهي إحدى العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بالالتهابات المزمنة والشديدة.
كما أثبت البحث أن هذا الصمغ المُر قادر على منع الاستجابة التحسسية التي تسبب رد فعل الربو في المقام الأول لدى الإنسان المصاب.
وفي إحدى الدراسات الصغيرة التي نشرها موقع Research Gate العلمي عام 2015، لاحظ الأشخاص الذين تناولوا مكملاً يومياً من 500 ملغ من مستخلص "اللبان الدكر"، بالإضافة إلى علاج الربو الموصوف بروشتة طبية، استخدموا عدد أقل من استنشاق بخاخات الربو المعتادة خلال الدراسة التي استمرت لمدة 4 أسابيع.
بالإضافة إلى ذلك، عندما أعطى الباحثون الأشخاص 200 ملغ من مكمل غذائي مصنوع من اللبان والفاكهة الجنوب آسيوية Aegle marmelos، وجدوا أن المكمل كان أكثر فاعلية من العلاج الوهمي في الحد من أعراض الربو.
خرافات شائعة عن استخدامات اللبان المُر
على الرغم من فوائده المتعددة، لم يدعم العلم كل الادعاءات الشائعة حول خصائص "اللبان الدكر" وقدرته على علاج بعض الحالات الصحية الأخرى.
وأبرز تلك الخرافات التي لم تثبتها الدراسات بعد أو تؤكد صحتها، وفقاً لموقع Healthline:
- علاج مرض السكري: تشير بعض الدراسات الصغيرة إلى أن اللبان قد يساعد في خفض مستويات السكر في الدم والسيطرة عليه لدى مرضى السكري. ومع ذلك لم تجد دراسات دقيقة أي تأثيرات حقيقية من هذا النوع.
- علاج أمراض القلب: للبان تأثيرات مضادة للالتهابات قد تساعد في تقليل مستوى الالتهاب المصاحب لأمراض القلب، لكن بعض الأبحاث المحدودة زعمت أنه قادر على حماية القلب من الأمراض، ولكن هذا يحتاج لمزيد من الإثبات.
- يعزز نعومة البشرة ويحافظ على شبابها: يوصف زيت اللبان بأنه علاج طبيعي فعال لمكافحة حب الشباب والتجاعيد، ومع ذلك لا توجد أبحاث دقيقة تدعم هذا الاعتقاد.
- يحسن الذاكرة: تشير بعض الأبحاث إلى أن الجرعات الكبيرة من اللبان قد تساعد في تقوية الذاكرة لدى الفئران. ومع ذلك، يجب إجراء المزيد من الأبحاث على البشر.
- يوازن الهرمونات ويقلل آلام الدورة الشهرية: يقال إن اللبان يؤخر انقطاع الطمث ويقلل من تقلصات الدورة الشهرية والغثيان والصداع وتقلب المزاج المصاحب لها.
ووجدت دراسة علمية أن بعض الزيوت الأساسية تزيد من كمية هرمون الاستروجين في لعاب النساء، وهو ما يمكن أن يكون مرتبطاً بتقليل أعراض انقطاع الطمث. ومع ذلك، لم يتم العثور على أن "اللبان الدكر" تحديداً له هذا التأثير.
- يعزز الخصوبة: قد تزيد مكملات اللبان من الخصوبة لدى الجرذان في المعامل، ولكن هناك القليل من الدراسات المتاحة حول إثبات هذا التأثير لدى البشر أيضاً.
كيفية الاستخدام والآثار الجانبية المحتملة
يمكن استخدام "اللبان الدكر" بعدة طرق لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات. ويمكنك تناوله كمكمل غذائي على شكل كبسولة أو قرص يُباع في المتاجر المتخصصة، أو استخدامه في كريمات البشرة المستخلصة منه.
كما يتوفر اللبان كزيت طبيعي للعلاج بالروائح أو للاستخدام الموضعي، لكن من المهم تخفيفه بزيت ناقل قبل وضعه على الجلد وتجنب تناول الزيت عن طريق الفم، وفقاً لتقرير آخر بموقع Healthline المختص بمواضيع الصحة.
ويعد اللبان آمناً للاستخدام بشكل عام، ولكن كما هو الحال مع أي مكمل غذائي، من المهم التحدث مع أخصائي الرعاية الصحية وخبير التغذية الخاص بك قبل تناوله.
ومن بين الآثار الجانبية المحتملة عند تجاوز الجرعة:
تضمنت الآثار الجانبية المذكورة في الدراسات العلمية حول "اللبان الدكر": عسر الهضم والإمساك والغثيان. كما اتضح أنه قد يزيد من خطر الإجهاض أثناء الحمل، لذلك قد ترغب الحوامل أو من يحاولن الحمل في تجنبه تماماً.
وقد يتفاعل اللبان أيضاً مع بعض الأدوية، وخاصة مميعات الدم مثل الوارفارين، وربما الأدوية المضادة للالتهابات مثل الإيبوبروفين.
لذلك إذا كنت تتناول أياً من هذه الأدوية، ناقش خيار استهلاك اللبان مع طبيبك قبل الاستخدام.
وحذرت الوكالة الفرنسية للأغذية والبيئة والصحة والسلامة المهنية (ANSES) في تقرير عام 2020 من أن بعض المكملات الغذائية، بما في ذلك مكملات اللبان المُر، قد تتداخل مع استجابة الجسم الالتهابية أثناء الإصابة بعدوى فيروس كورونا.
من ناحية أخرى، اقترحت بعض الأبحاث أن اللبان قد يكون علاجاً تكميلياً فعالاً لـ COVID-19 نظراً لخصائصه المضادة للالتهابات. لكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث حول سلامته وفاعليته وآثاره الجانبية عند تناوله مع الأدوية الأخرى.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.