تتدهور الذاكرة مع التقدم في العمر، فالحفاظ عليها في أفضل حال يجب أن يبدأ مبكراً وأثناء الصغر في السن، مثل تناول الأطعمة الداعمة للدماغ وممارسة الأنشطة المحفزة للذهن.
ولكن مثلما يقول طبيب الأعصاب والباحث في مرض ألزهايمر سكوت سمول، الحاصل على درجة الدكتوراه، فإن بعض العوامل التي جرى التقليل من شأنها يمكنها أن تؤثر على الذاكرة، ولو أنها لا تحظى بالقدر نفسه من الاهتمام.
حقائق مذهلة عن الذاكرة
إذا كنت مهتماً بكيفية تحسين ذاكرتك وصحتك العقلية بشكل عام، فإن دكتور سمول يقترح الاهتمام بما يلي:
1. النسيان
إن امتلاك ذاكرة "سيئة" يمكن أن يكون أمراً جيداً حقاً للدماغ، وفق ما قاله سمول لموقع mindbodygreen، بالطبع تُعد الذاكرة القوية أمراً جوهرياً للإدراك، لكن العقل بحاجة لعمل الذاكرة والنسيان بشكل متوازن لنحت القدرات الإدراكية والقدرات الإبداعية والسلامة العاطفية.
بعبارة أخرى، بقدر أهمية تذكُّر التفاصيل، من الجيد أحياناً نسيانها.
على سبيل المثال، عندما يعجز العقل عن "نسيان" الإجهاد العاطفي الناتج عن حدث معين، عندها ينشأ عنها اضطراب ما بعد الصدمة. ويقول سمول: "السبب في هذا الاضطراب بالأساس هو أن الذاكرة العاطفية مشوشة. فأنت بحاجة إلى نسيان بعض التفاعل العاطفي لتلك الذكريات، وإلا فلن تتمكن من أداء مهامك في حياتك اليومية".
وهذا لا يعني أنه يجب عليك نسيان التفاصيل المهمة والحقائق والدروس المستفادة من الصدمات، لكن التحرر من الإجهاد العاطفي أمر مهم لوظيفة الدماغ الطبيعية.
2. النوم أمر بالغ الأهمية
يُعد النوم شديد الأهمية لذاكرة صحية. يمر الدماغ بكمية من المعلومات التي لا حصر لها كل يوم، ويكون معظمها غريباً وغير ضروري (أشياء لا تدرك حتى إن دماغك تعالجها).
أضاف سمول: "يتسم الدماغ بأنه جيد جداً في تذكّر آلاف التفاصيل، ومعظمها ليست مهمة حقاً لحياتك". ويقارن سمول هذه الذكريات بحقل ينمو: عندما تنام، فإنك تعمل على "قص" و"تحسين مظهر" العشب لتشذيب الزيادات، ونتيجة لذلك، يصبح الحقل بأكمله أكثر صحة (مما يعني أن يتذكر الدماغ الأشياء الأكثر أهمية).
عندما يُحرم الناس من النوم، تصبح أدمغتهم غير قادرة على تشذيب هذه الذكريات الإضافية، وذلك هو السبب في ارتباط قلة النوم بضعف الذاكرة العاملة.
3. الروابط الاجتماعية تقلل من ذكريات الخوف
تُعد الروابط الاجتماعية الهادفة بالغة الأهمية من أجل العافية العامة، ولكن في سياق الذاكرة، يقول سمول إن تكوين علاقات من شأنه تقليل الذكريات العاطفية المرتبطة بالخوف.
عندما يحدث تفاعل اجتماعي، يقول سمول: "يفرز الدماغ الأوكسيتوسين وينشأ الرباط الاجتماعي. ومن بين الأشياء الأساسية التي يفعلها الأوكسيتوسين أنه يقلل المناطق التي تخزن ذكريات الخوف في الدماغ".
لماذا يمتلك البعض ذاكرة أفضل من الآخرين؟
ليست العوامل الوراثية سوى قطعة واحدة من لغز اختلاف الذاكرة بين الأشخاص. ولكن هناك العديد من الأسباب التي تتحد معاً لتجعل هناك اختلافاً في الذاكرة بين الناس.
– كيفية الانتباه
السبب الرئيسي الذي يجعل الناس يتذكرون هو أنهم ينتبهون إلى ما يحدث حولهم بدلاً من استغراقهم في أفكارهم الخاصة. فبينما يشهد أحدهم على كيفية مرور حدث معين يجري بجانبه، هناك من يكتفي بالتدقيق في الوجوه.
– الاستثمار العاطفي
سبب آخر لتذكر الأحداث في حياتنا هو مقدار العاطفة التي نستثمرها فيها، حسب ما نشره موقع Psychology Today. دور العاطفة في الذاكرة معقد، ففي حين قد تحسن المشاعر الإيجابية من الاستذكار، إلا أن بعض التجارب المجهدة تُحجب من الذاكرة.
الفروق بين الجنسين في التذكُّر
تساعد الأبحاث الحديثة حول نشاط الدماغ في توضيح السبب الذي يجعل النساء يتذكرن الأحداث بشكل أكثر دقة. تكون أدمغة الإناث أكثر نشاطاً استناداً إلى تصوير جريان الدم في القشرة الدماغية.
هذا يعني أن أدمغة النساء تأخذ مزيداً من المعلومات من البيئة بحيث يمكن تشفير الذكريات بتفصيل أكبر. هناك اختلاف آخر بين الجنسين يتعلق بزيادة العاطفة لدى النساء. يظهر هذا في معالجة المشاعر، إضافة إلى تخزين الذكريات.