"الجرعة الثانية من لقاح كورونا أقوى من الأولى"، هذا ما أخبرني به أكثر من صديق محيط بي، لكني لم آبه كثيراً لكلامهم، فعندما تلقيت الجرعة الأولى من لقاح كورونا شعرت بألم في الذراع ودوار بسيط، وظننت الجرعة الثانية ستكون بالشدة نفسها، ورغم نصيحة الأصدقاء الذين سبقوني في تلقي الجرعة الثانية بتناول مسكنات في أول يوم أو يومين، لكنني لم أصدق إلا في صباح اليوم الثاني لتلقي الجرعة الثانية من لقاح كورونا.
استيقظت وأنا أشعر بدوار وصداع، وحرارتي كانت مرتفعة أيضاً، وألم ذراعي كان أشد من المرة الأولى، وزاد عليه ألم جسدي، ونمت ساعاتٍ أطول من المعتاد، لكن بعد يومٍ ونصف من وقت تلقي اللقاح بدأت الأعراض تختفي واحداً تلو الآخر.
حسب موقع Health Line الطبي، ما شعرت به طبيعي ووارد الحدوث، خصوصاً أنني تلقيت لقاح فايزر-بيونتيك.
لماذا الآثار الجانبية للجرعة الثانية من لقاح كورونا أقوى من الأولى؟
يقول الخبراء إن احتمالية حدوث آثار جانبية أقوى بعد الجرعة الثانية من لقاح كورونا أكثر من الجرعة الأولى، وتشمل هذه الآثار الجانبية التعب وألم الذراع وارتفاع درجة الحرارة، لكنها عادةً ما تكون خفيفة وتختفي بعد 48 ساعة من التطعيم.
لكن أيضاً المهم، أنه عادة ما تكون هذه الأعراض الشائعة علامات على أن اللقاح قد تسبب في استجابة الجهاز المناعي لتكوين أجسام مضادة فعالة ضد الفيروس.
إذ أكدت بيانات وصلت لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) من متلقي اللقاح، أن 7% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و55 عاماً والذين تلقوا الجرعة الأولى من لقاح فايزر أبلغوا عن الحمى، مقارنة بنسبة 31% ممن أبلغوا عن الحمى بعد الجرعة الثانية.
فيما كانت النسبة مع لقاح موديرنا مختلفة، فكانت 1% في الجرعة الأولى لمن تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً، بينما وصلت لـ17% لمن أصيبوا بارتفاع الحرارة بعد الجرعة الثانية. لكن في معظم الحالات كانت درجة الحرارة المرتفعة محتملة، وكذلك أي أعراض جانبية أخرى ظهرت.
التعب والصداع كان من الأعراض الجانبية واردة الحدوث بعد الجرعة الثانية أيضاً، بينما أبلغ عدد أقل بكثير عن حدوث الإسهال أو القيء نتيجة الجرعتين الأولى أو الثانية.
فيما قالت الدكتورة ديبرا باول، وهي رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى أمريكي بولاية بنسلفانيا: "عندما تشعر بالمرض أو الحمى، فإن هذا يعني إلى حد كبير استجابة جسمك له، وأيضاً عادة ما يكون هذا أمراً قصير الأجل، وقطعاً أفضل بكثير من الإصابة بفيروس كورونا والمرض لمدة أسبوعين أو المكوث في المستشفى".
ويحدث هذا بحسب الدكتور؛ لأن أول جرعة من اللقاح تعلِّم الجسم كيف يتعامل مع الفيروس، ويبدأ في تكوين أجسام مضادة بالفعل، لذلك عندما يحقن الجسم بالجرعة الثانية فإن الجسم يكون مسلحاً بالأجسام المضادة وخلايا الذاكرة التائية (T Cell وهي تشكل مجموعة من الخلايا اللمفاوية الموجودة بالدم وهي تلعب دوراً أساسياً في المناعة الخلوية) التي تتعرف على بروتين الفيروس من الجرعة الأولى.
لذلك، تكون استجابة الجهاز المناعي تميل إلى أن تكون أكثر قوةً عند إعطاء الجرعة الثانية.
لهذا السبب، عادة ما تكون الآثار الجانبية أكثر وضوحاً بين الأشخاص الأصغر سناً أكثر من كبار السن، ويرجع ذلك على الأرجح إلى أن أجهزتهم المناعية أكثر قوة.
لكن هذا يحدث مع لقاحات مثل فايزر-بيونتيك (Pfizer-BioNTech) وموديرنا (Moderna)، وكلاهما عبارة عن لقاح mRNA، الذي ينشط جهاز المناعة عن طريق جعله يتعرف على نوع البروتين الموجود في الفيروس الذي يسبب COVID-19.
ما هي الآثار الجانبية واردة الحدوث من تلقي لقاح كورونا؟
بالنسبة للقاح شركة "فايزر-Pfizer"، هناك آثار جانبية محتملة مثل: الإجهاد، وألم الذراع، والاحمرار مكان الحقن، وقد يصاب الشخص بأعراض شبيهة بالإنفلونزا مثل الصداع وآلام في الجسد والغثيان، وسيستمر هذا لمدة يوم أو يومين، وهذا أمر طبيعي ولا يدعو للقلق، مثلما أشارت دكتورة الأمراض المناعية كيلي مور، وهي أيضاً مستشارة خارجية لشركة Pfizer.
فيما كشفت "موديرنا-Moderna" عن آثار جانبية عانى منها بعض المشاركين في تجربة لقاحها، مثل الألم مكان الحقن- كان أشد بعد الجرعة الثانية- والتعب العام، وآلام العضلات والمفاصل والصداع.
الآثار الجانبية للقاح كورونا، تحدث عنها أيضاً مفوض إدارة الغذاء والدواء الأمريكية السابق مارك ماكليلان في حديثه لصحيفة The Washington Post الأمريكية، وقال إن لقاحات كوفيد-19 بشكل عام يُمكن أن تسبب آثاراً جانبية مزعجة أكثر من لقاحات الإنفلونزا العادية، لكنه أيضاً ذكَّر أن كوفيد-19 هو أسوأ كثيراً من الإنفلونزا.
فيما اعتبر الدكتور ويليام شافنر، أستاذ السياسة الصحية والطب الوقائي في كلية الطب بجامعة فاندربيلت الأمريكية، أن ألم الذراع والشعور بالضيق لمدة يوم أو يومين أفضل بكثير من الإصابة بكورونا، في تصريحٍ له مع صحيفة USA Today الأمريكية.
وبهذا، فقد اتفق الجميع على وجود آثار جانبية للقاح، لكنهم أيضاً أكدوا أن لقاحاتهم آمنة، والآثار الجانبية التي تسببها وقتية؛ إذ تستمر ساعات إلى 3 أيام، كما وصفتها بـ"الخفيفة والمعتدلة"؛ أي يمكن تحملها.