قد يصاب الأشخاص الذين لا يأكلون لأكثر من 16 ساعة بما يُمكن تسميته بـ"صداع الصيام"، الذي وفقاً للإصدار الثالث من التصنيف الدولي لاضطرابات الصداع يحدث أثناء فترة الصيام ويزول خلال 72 ساعة من تناول الطعام.
يقول الدكتور إليوت شيفيل، رئيس جمعية جنوب إفريقيا للصداع، لموقع News24، إن الصداع غالباً ما يحدُث في فترة ما بعد الظهر أو في المساء قبل الإفطار مباشرة. يزداد الصداع بازدياد مدةِ الصيام، والأشخاصُ الأكثر عرضة للصداع أثناء الصيام هم الذين عادة ما يعانون منه في حياتهم اليومية، أو من الصداع النصفي، ولكن قد يعاني من الصداع الأشخاص الأصحاء أيضاً في فترة رمضان.
ما الفرق بين صداع الصيام وأنواع الصداع الأخرى؟
من حيث الشعور بالصداع أثناء الصيام يكون الألم عادة خفيفاً إلى متوسط الشدة، ويحدث في مقدمة الرأس (الجبهة)، ولا يكون نابضاً، لذا فإن صداع الصيام يشبه صداع التوتر أكثر من الصداع النصفي.
ومع ذلك يمكن أن يؤدي الصيام إلى حدوث الصداع النصفي لدى الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي. بمعنى آخر يمكن أن يكون الصيام محفزاً للصداع النصفي أو محفزاً لاضطراب الصداع الفريد (صداع الصيام).
تزداد احتمالية الإصابة بصداع الصيام مع مدة الصيام، بالإضافة إلى ذلك، في مقال نُشر في Current Pain and Headache Reports، لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين يصابون عادةً بالصداع يكونون أكثر عرضة للإصابة بصداع الصيام، عند عدم تناول الطعام، أكثر من الأشخاص الذين لا يصابون عادةً بالصداع.
إذا كنت تعاني بالفعل من اضطراب صداع أساسي فقد تكون أكثر عرضة لتأثيرات الصداع الناتجة عن الصيام.
أسباب الصداع أثناء الصيام
لا يزال سبب الصداع عند الصائم محل جدل بين الأطباء، لكنّ هناك نظريتين رئيسيتين.
نقص سكر الدم
يعتقد الخبراء أن أحد الأسباب المحتملة هو نقص السكر في الدم، أو انخفاض نسبة السكر في الدم. وبشكل أكثر تحديداً يقترح بعض الخبراء أنه بالنسبة لبعض الأشخاص المهيئين وراثياً فإن التغيّرات الطفيفة في نسبة الجلوكوز في الدم قد تغير مستقبلات الألم في الدماغ، ما يؤدي إلى صداع الصيام.
على الجانب الآخر، هناك أسباب تدفع بعض العلماء الآخرين إلى نفي فرضية أن نقص السكر في الدم هو سبب الصداع أثناء الصيام:
- في الأشخاص الأصحاء، تكون مستويات الجليكوجين (الشكل المخزن من الجلوكوز) في الكبد كافية للحفاظ على مستويات الجلوكوز الطبيعية لمدة 24 ساعة.
- قد يحدث صداع الصيام في وجود مستويات الجلوكوز الطبيعية.
- لا يسبب نقص السكر في الدم الناجم عن الأنسولين صداعاً عند مرضى الصداع النصفي.
- الصداع ليس من أعراض نقص السكر في الدم الذي يحث المرضى على طلب رعاية الطوارئ.
- الصداع الناجم عن نقص السكر في الدم له جودة نابضة بينما الصداع الصائم ليس كذلك.
انسحاب الكافيين
تم ربط انسحاب الكافيين أيضاً بصداع الصيام، ولكن هذا الافتراض مثير للجدل أيضاً، مثل نقص السكر في الدم. يحدث الصداع الناتج عن انسحاب الكافيين عموماً بعد 18 ساعة من آخر تناول للكافيين، على غرار صداع الصيام. بالإضافة إلى ذلك، فإن صداع انسحاب الكافيين له سمات مشابهة لصداع التوتر.
ومع ذلك، مثل نقص السكر في الدم لا يزال الناس يعانون من صداع الصيام، حتى عندما لا يستهلكون الكافيين عادة، الأمر الذي يتعارض مع الاعتقاد بأن انسحاب الكافيين السبب الرئيسي للصداع الصائم.
في الواقع، يعتقد العديد من العلماء أنه مثل الصداع الناجم عن نقص السكر في الدم، فإن صداع انسحاب الكافيين هو نوع منفصل عن صداع الصيام.
الجفاف أو الإجهاد
تشمل الأسباب المحتملة الأخرى لصداع الصيام التي تم افتراضها الجفاف والإجهاد عند الصيام، لذا فإن تناول كمية كافية من السوائل قبل بداية الصيام يمكن أن يمنع الصداع. يتكون دماغ الإنسان في الغالب من الماء، وهو حساس جداً لكمية المياه المتاحة له، عندما يكتشف الدماغ أن إمدادات المياه منخفضة للغاية، يبدأ في إنتاج الهيستامين، والتي هي في الأساس عملية تقنين المياه والحفاظ عليها من أجل أن يحمي الدماغ نفسه في حالة استمرار نقص المياه لفترة طويلة من الزمن.
الهستامين يسبب الألم والتعب بشكل مباشر، أي الصداع وانخفاض الطاقة. تأكد من شرب كميات كبيرة من الماء قبل البدء في الصيام وبعد الإفطار.
خلاصة القول هنا هي أن السبب الدقيق للصداع لا يزال مجهولاً. قد يكون هناك عدد من العوامل المعنية التي يمكن أن تختلف من شخص إلى آخر.
الوقاية من الصداع أثناء الصيام
السبب الدقيق للصداع الصائم غير معروف إلى حد كبير، وقد ينطوي على العديد من العوامل أو يكون فردياً. بغض النظر عن السبب يمكنك محاوله منع هذا النوع من الصداع من خلال التأكد من أنك تتناول وجبات منتظمة وتشرب القدر الكافي من الماء.
من ناحية أخرى، إذا كنت تصوم لفترة طويلة، ففكر في تقليل استهلاك الكافيين قبل أسابيع من الصيام، ثم شرب فنجان قهوة في اليوم الأول من الصوم.
أما إذا كنت تعاني من صداع شديد بشكل مستمر ويومي في رمضان، فالأفضل أن تراجع طبيبك لتتأكد من السبب وإيجاد الحل أو العلاج المناسب لحالتك.