الضغوط النفسية وكيف نتعامل معها

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/13 الساعة 11:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/13 الساعة 11:59 بتوقيت غرينتش
الضغط النفسي

نواجه في حياتنا اليومية الكثير من التحديات التي يجب أن نتعامل معها بحكمة وفهم وبطريقة صحيحة، بل وصحية أيضاً، وذلك لأن عدم إدراك المرء لما يمر به من تحديات وعدم وعيه بذاته ومشكلاته يؤدي به إلى الضغوط النفسية، والتي قد تؤدي إلى أمراض نفسية تنعكس على صحته الجسدية، ويظهر أثرها السلبي في نشاطه اليومي وتعاملاته مع من حوله، وتقل دافعيته للإنجاز وقدرته على مواصلة السعي والعمل بنجاح.

لذا فلا بد للمرء أن يتعرف على الضغوط ومصادرها، وأسبابها والعوامل المؤثرة عليها، وطرق علاجها، حتى يتسنى له مواجهة تلك التحديات على بصيرة ووعي تام، ثم تقبلها والتعامل معها بحكمة، والاستمرار قدماً لتحقيق أهدافه بفاعلية في هذه الحياة، والنجاح فيها، والوصول للشعور بالرضا والسلام النفسي.

ما الضغوط النفسية؟

تعبر الضغوط النفسية عن عدم الاتزان بين قدرات وإمكانات ودوافع الشخص تجاه تحقيق هدف معين، وبين الإمكانات الموجودة بالفعل لديه وكيفية استجابته لها، فهي مزيج من ثلاثة عوامل مهمة، وهي "البيئة الخارجية التي يعيش فيها الفرد، والمشاعر والأحاسيس السلبية التي تسيطر على الفرد، والاستجابات الجسمية الفسيولوجية الصادرة عنه"، وبالتالي فهي تظهر عند تفاعل هذه العوامل مع بعضها البعض بطرق خاصة، وتعبر عن نفسها في أشكال عديدة، فتنتج حالات من القلق والاكتئاب والتوتر وغيرها من الأمراض النفسية التي تؤثر على ذات الفرد ونفسيته.

ما مصادر الضغوط النفسية؟

هناك العديد من المصادر المسببة للضغط النفسي، والتي يصعب حصرها كلها لكثرتها وتعددها واختلافها من فرد لآخر، ومن مرحلة عمرية إلى أخرى، ومن بيئة إلى أخرى، ولكن سنعرض أهم مصادر الضغوط النفسية كالتالي:

1- الضغوط الداخلية: هي التى تنبع من الأفكار والمعتقدات الخاطئة وغير الواقعية، وكيفية استجابة الفرد لها، ومدى قدرته على مواجهتها وتحملها.

2- الضغوط الخارجية: وهي نتاج تأثير البيئة وطريقة تفاعل الفرد معها كالمشكلات الاقتصادية والأسرية والاجتماعية.

3- الضغوط الشخصية: يندرج تحتها الضغوط الشخصية الذاتية، سواء جسمية أم عقلية أم نفسية، وتنشأ من اختلالات في بنية الجسم، أو القصور في المجالات المعرفية والاختلالات الوظيفية العقلية، أو اختلالات في ميكانيزمات الدفاع وإشباع الحاجات وسوء التوافق، وتشمل أحداث الحياة الرئيسية كوفاة شخص عزيز على الفرد.

4- الضغوط الاجتماعية: تنشأ نتيجة لعلاقات الفرد بمن حوله من الأصدقاء والزملاء والجيران، واختلاف الميول والتوجهات، وصراع القيم، والتفاوت في العادات والتقاليد والثقافات، والطبقات الاجتماعية، وعدم القدرة على تكوين صداقات والتفاعل معها.

5- الضغوط المدرسية: وتتمثل تلك الضغوط في الإخفاق الدراسي، وتوقعات الأهل، والمناهج التعليمية، والمعلمين، والاختبارات الدراسية، والنظام التعليمي، والعقوبات والزملاء، والواجبات والأعمال المنزلية، وكثافة قاعات الدراسة.

6- الضغوط الأسرية: تشمل معاملة الوالدين مع الأبناء ومدى التزام الأبناء بالتعليمات الصادرة منهم واتباع سلوك معين، وإلا اختل التوازن الأسري في رأيهم، كما يشمل حالات الطلاق والانفصال للوالدين، وحالات الوفاة أو المرض لأحد الوالدين أو أحد أفراد الأسرة، والغيرة بين الإخوة، والمشاحنات بين الوالدين أمام الأبناء، أو المشاحنات مع الوالدين من الأبناء، ومدى توافر المتطلبات المادية، وعدم القدرة على تحمل المسؤولية وبناء الأسرة.

7- الضغوط الصحية: كالأمراض العضوية والعمليات الجراحية والدماغية، وإصابات تنتج عنها إعاقات، وغيرها من التغيرات التي تحدث للفرد وتُسبب له عقبات أمام وصوله لأهدافه.

8- الضغوط الاقتصادية: وتشمل المشكلات المادية وعدم الحصول على متطلبات الأسرة وغلاء الأسعار.

أما عن أسباب الضغوط النفسية فهي كثيرة ومتنوعة، ولكن أبرزها ما يلي:

– مدى تفسير الحدث الضاغط: يفسر البعض الحدث الضاغط إما بصورة لا تستحق كل هذا التضخيم، وبذلك فهو يتبع نهج "التهويل"، أو يفسره بشكل أقل مما يستحق بكثير، وهذا يتبع نهج "التهوين" من الحدث الضاغط بشكل مفرط، ويرجع ذلك إلى اختلاف الطبيعة الشخصية للفرد، والبيئة التي نشأ فيها.

– عدم تحقيق احتياجات الفرد، وخاصة "الاحتياجات الأولية"، كالمأكل والملبس والمشرب.

– عدم إشباع الاحتياجات النفسية والاجتماعية للفرد.

– الأحداث اليومية قد تسبب ضغوطاً نفسية، ويتوقف ذلك على مدى تفاعل الفرد معها.

– نمط الشخصية وأبرزهم نمطان، الأول: "يرضى بالواقع ويكتفي بالموجود فيه"، ويعد هذا النوع هو الأقل إحساساً وتأثراً بالمشكلة، وأقل تأثراً بالضغوط النفسية، والثاني: "الطموح طموحاً زائداً"، وهو الذي لا تتناسب إمكاناته وقدراته مع طموحه وهدفه، فتحدث فجوة بينهما تُسبب له الضغط النفسي.

المؤشرات الدالة على الضغط النفسي

– الاكتئاب والشعور بالقلق أو الخوف أو العصبية.

– فقدان القدرة على الاستمتاع بالحياة.

– الشعور بالوحدة والإهمال.

– الشعور بنفاد الصبر، العدوانية، الاضطراب.

– فقدان حسّ الدعابة.

– عدم الاهتمام بأمور الحياة.

– التفكير في عدة أمور في الوقت ذاته، وفقدان القدرة على التوقف عن التفكير.

– البكاء، الصراخ، جلد الذات، قضم الأظافر.

– تجنب المواقف الضاغطة والانسحاب الاجتماعي.

– صعوبة التركيز، وصعوبة أداء أبسط المهام التي كان يؤديها.

– تناول كميات أكبر أو أقل من الطعام، فهي تختلف من فرد لآخر.

– لا يستطيع الثبات بمكان واحد.

– عدم وضوح الرؤية تجاه حياته وأهدافه، وصعوبة في اتخاذ القرارات.

– قد يصاحب ذلك أعراض جسدية مثل: الصداع، الشد العضلي، التهاب العيون، صعوبة التنفس، مشاكل في النوم، الشعور بالتعب والإرهاق طوال الوقت.

طرق علاج الضغوط النفسية

-العلاج النفسي: ويتم من خلال الطبيب النفسي، وذلك باتخاذ إجراءات دوائية للحد من الضغوط التي يتعرض لها الفرد، ومدة تأثيرها على صحة الفرد العقلية والجسدية.

– العلاج بالحوار: ويكون عن طريق جلسات إرشادية يقوم بها المرشد النفسي، ويدير حوارات إرشادية للفرد الذي يعاني من الضغوط النفسية، يساعده فيها للتفكير بطريقة سليمة وإيجابية، وذلك للخفض من حدة المشكلة والتخلص منها.

-التكيف مع طبيعة الضغط: ويحدث ذلك بأن يتقبل الفرد الضغوط التي يمر بها، ويتقبل حدوثها، وأنها صارت جزءاً يومياً من حياته، وذلك لكثرة تعرضه لها، ويحاول أن يتعلم منها وتصبح لديه قدرة أكبر على التحمل وتخطي الصعاب بشجاعة.

بناء علاقات اجتماعية صحية: يعد التواصل مع الآخرين والتحدث إليهم من أفضل الطرق الفعالة في التخلص من الضغوط النفسية للفرد.

– زيادة الإيمان بالله تعالى وطلب العون منه، فيعد الدعاء وممارسة الشعائر الدينية من أفضل الطرق الفعالة للتخلص من الضغوط والحد من المشكلات النفسية.

– ممارسة الرياضة وتناول الأطعمة الصحية.

– النوم والاستيقاظ المبكر، وتغيير الروتين اليومي للفرد.

– طلب المساعدة والعون من أشخاص يثق بهم يساعده على تخطي تلك المواقف الضاغطة.

وفي النهاية، علينا أن نتذكر دائماً أن كل شيء له نهاية مهما طالت مدته، أو زادت شدته، حتماً سينقضي ويمضي، تفاءل دوماً ولا تيأس، وكن واعياً بذاتك ومشكلاتك، واسعَ لحلها أو التخلص منها، ولا تجعل أي شيء يعيق سعيك لتحقيق هدفك، انظر له كتحدٍّ يُعلّمك ويزيد من قوتك، تقبله وامضِ قدماً في الحياة، وتذكَّر: "إنْ تعبتَ عليك أن ترتاح، لكن إياك أن تستسلم".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

آلاء مهدي
مدونة مصرية، وتربوية متخصصة فى الموهبة وصعوبات التعلم
حاصلة على بكالوريوس العلوم فى التربية الخاصة، كلية التربية الخاصة، جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، باحثة ماجستير صعوبات التعلم بكلية علوم الإعاقة والتأهيل، جامعة الزقازيق
تحميل المزيد