صارت مشاعر الوحدة والعزلة أكثر شيوعاً في هذا العصر الذي اصطبغ التواصل فيه بصبغة إلكترونية، وبات مزيد من الناس يعبّرون عن شعورهم بأنهم مُهمَلون ويفتقرون إلى الصُحبة.
مع الأسف، قد تتخطى آثار الوحدة تعزيز مشاعر الحزن. إذ توصّلت دراسات حديثة إلى أن الشعور بالوحدة، لاسيّما على نحو مزمن، يرتبط بمشكلات نفسية على غرار القلق والاكتئاب.
في أغلب الأحيان، تجعل الوحدة الأفراد يشعرون كأن لا أحد يفهمهم، ما يعسِّر تواصلهم مع الآخرين على مستوى أكثر حميمية.
وقد تزيد الوحدة أيضاً من المشاعر السلبية المتمثلة في التشكيك بالذات وقدراتها، وتؤثّر بشدّة على الإنتاجية بمكان العمل، وتغذي مشاعر العزلة.
كما ربطت دراسات سابقة بين الشعور بالوحدة وزيادة خطر الإصابة بالسمنة، وضعف الصحة المناعية، والتدهور المعرفي، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وحتى الموت.
وتقع هذه الآثار السلبية لأن الوحدة تنشط آلية دفاع بيولوجي، مما يؤدّي إلى تغييرات على مستوى الخلايا، حسبما أوضح موقع Natural News الأمريكي.
على سبيل المثال، قد تعزز الخلايا المناعية الالتهاب المزمن كنتيجة للوحدة، حتى إنها قد تسرع من تراكم الترسبات في الشرايين وتساعد على انتشار الخلايا السرطانية.
يمكن أن تترتّب على الوحدة ومشاعر العزلة آثار تضر بالصحة الجسدية والعقلية للفرد.
لحسن الحظ، هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن من خلالها التغلب على الشعور بالوحدة وتجنب عواقبها.
6 طرق للتغلب على الوحدة
فيما يلي 6 طرق للتغلب على الوحدة، تسردها المعالِجة السلوكية المعرفية في مانهاتن وعالمة النفس جينيفر جوتمان:
الانخراط في أنشطة نافعة
ضع قائمة بالأنشطة النافعة التي يمكنها مساعدتك في التخلص من الشعور بالوحدة.
قد يمتد نطاق تلك الأنشطة من حل الألغاز ومشاهدة الأفلام إلى أشياء أكثر استحواذاً على الذهن مثل القراءة والرسم. ومن المفيد أيضاً الخروج لتناول العشاء بمفردك أو بصحبة آخرين، أو حجز مواعيد لدروس تعلّم مهارة ما مع الأصدقاء، أو زيارة فعالية بمدينتك، أو حضور حفلٍ موسيقي.
تخطيط الوجبات
قد تسهّل الوحدة إهمال الوجبات والانغماس في نوبات الشراهة غير الصحيّة.
ومن المهم تناول الطعام الصحي حتى لو كنت بمفردك أو تعاني من مشاعر العزلة الاجتماعية.
لذا عليك اعتياد تخطيط وجباتك للأسبوع، أو التخطيط لتناول الغداء أو العشاء مع صديق أو أحد أفراد العائلة.
خذ فاصلاً من وسائل التواصل الاجتماعي
بإمكان وسائل التواصل الاجتماعي الجمع بين البشر، لكنها أيضاً تجعلهم يشعرون بالوحدة الشديدة.
في الواقع، توصّلت دراسة نُشرت في عام 2018 بمجلة Journal of Social and Clinical Psychology إلى وجود علاقة سببية بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومشاعر الاكتئاب والوحدة.
إذا كنت تعاني بشدة من مشاعر الوحدة، فعليك بالحد من استخدام الهاتف أو الكمبيوتر. واستغل هذا الوقت بشيء أكثر إفادة، كإحدى الهوايات مثلاً.
قيِّم أهداف حياتك
الوحدة يمكنها أن تعسِّر متابعة الأهداف طويلة المدى أو رؤية الصورة الأكبر للمستقبل. وبالمثل، من الصعب أن تشعر بالوحدة في حالة وضوح تلك الأهداف، الشخصية أو المهنية.
اقضِ الوقت الكافي لمراجعة أهدافك المنشودة لهذا العام وتقييم المحاولات التي بذلتها لتحقيق أهدافك حتى هذه اللحظة.
وضع في اعتبارك تبديل الأهداف غير الواقعية وتقسيم مسارك الذي تنتهجه نحو الأهداف الواقعية إلى خطوات قابلة للتحقيق، لتناسب الإنجاز على المدى القصير.
اقض بعض الوقت في الهواء الطلق
الأخضر من الألوان الباردة، وغالباً ما يرتبط بالطبيعة. واكتشف باحثون أنه بسبب هذا الارتباط القوي، قد يساعد قضاء الوقت في المساحات الخضراء مثل الحدائق والغابات، على تحسين الصحة النفسية والتخلص من الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية.
ممارسة الرياضة
إن ممارسة التمرينات الرياضية لدرء الشعور بالوحدة لا تتعلق بالرياضات نفسها بقدر ما تتعلق بإعادة إشراك حواس الفرد واستعادة الطاقة.
يمكنك المشي لمسافات قصيرة، أو ركوب الدراجة، أو التأمل، أو ممارسة تمارين التمدد.
4 أفكار للاستمتاع بالوحدة
على صعيد آخر، يدعو خبراء إلى الاهتمام بنفسك دون أي إلهاءٍ خارجيّ، وبالتالي "تعلّم" كيف تكون وحيداً، وأن "تصادق" الوحدة.
إذ قال الكاتب والصحفي روب والكر في كتابه The Art of Noticing أو "فن الملاحظة"، إن هناك 4 تمارين قد تساعدك على رؤية الوقت الذي تقضيه بمفردك من خلال عدسةٍ مختلفةٍ، وبالتالي تزيد من استمتاعك عندما تكون وحدك.
يمكن الاطلاع على استراتيجيته التي تهدف لرفع معدل الإنتاجية والاستمتاع بالوقت، عبر الاطلاع على هذا التقرير السابق من عربي بوست.