لا شكَّ أنّ المخلوقات الأسطورية هي أكثر من مجرد تخيل، كونها لمحة عن كيفية رؤية أسلافنا للعالم سابقاً، والمخاوف التي ملأت خيالاتهم عندما سمعوا شيئاً ما ينطلق في الليل.
كل ثقافة لها وحشها الخاص، وكل واحدة منها تحكي قصتها الخاصة حول ما كان يطارد شعبها ويخيفهم.
مِن الندّاهة في مصر إلى لا يورونا في إسبانيا، تعرفوا على أبرز المخلوقات الأسطورية التي تسببت في الكثير من المخاوف للبشرية.
أسطورة قالوباليك
لم يكن أطفال الإنويت في القطب الشمالي يعرفون أبداً معنى الاقتراب من حافة المياه لديهم، إذ إنّ الوحش قالوباليك سينتظرهم تحت الجليد.
فوفقاً لموقع all that's interesting فإن هذه القصة كان الأهالي يقولونها لأبنائهم كوسيلة لإبقائهم بعيدين عن الأذى، مثل التجول قرب مياه القطب الشمالي المتجمد، وقد تناقلتها الأجيال حتى باتت بمثابة أسطورة.
ويقال إنّ أول ما سيسمعه الأطفال عند اقترابهم من حافة المياه هو طنين مخيف بعيد، قبل أن يقوم قالوباليك بالنقر بأصابعه على الجليد تحت أقدامهم.
ومن ثمّ كان يقفز من الماء ويغرز أظافره الطويلة الحادة في لحم ضحيته ويضعه في حقيبته الكبيرة التي يحملها على ظهره، ويغوص مرة أخرى في الماء.
كما أنّ كل طفل يتم سحبه بهذه الطريقة سيندفع الماء المثلج إلى حلقه وسيتجمد دمه، ولن يسمع سوى أصوات عائلته البعيدة وهم يصرخون بأسمائهم.
ويقال أيضاً إن قالوباليك يمتلك وجه امرأة تحول إلى اللون الأخضر وانتفخ بسبب التحلل تحت الماء.
أسطورة البازيليسق
في العام 1587، اختفت فتاة تبلغ من العمر 5 سنوات كانت تلعب مع صديقها الصغير أمام منزلها في العاصمة البولندية وارسو، وعندما لم تعد إلى المنزل بدأت والدتها وخادمتها بالبحث عنها.
وبعد ساعات طويلة تمكنوا من إيجاد الفتاة التي كانت مستلقية أسفل الدرج في قبو أسفل منزل مهجور منذ أكثر من 30 عاماً.
بقيت والدة الفتاة بالأعلى، بينما نزلت الخادمة العجوز المتهالكة إلى أسفل في الظلام، ولكن قبل أن تصل إلى الفتاة توقفت الخادمة فجأة وتحجرت في مكانها.
قال سكان المدينة لاحقاً إن الخادمة تجمدت لأنها كانت تحدق في عيون البازيليسق، وهو الوحش الذي يقتل الناس بنظرة واحدة.
لم يكن سكان وارسو أول من رأى البازيليسق، فوفقاً للرومان، كان هذا المخلوق الأسطوري يعيش في يوم من الأيام بكثرة في القيروان الموجودة حالياً في ليبيا.
وكان البازيليسق مخلوقاً أسطورياً ساماً، لدرجة أن مجرد لمحة منه يمكن أن تقتل الشخص، وحتى لو ذهب هذا المخلوق فإنه يترك مكانه أثراً من السم في كل مكان يذهب إليه.
ربما كان هذا الوحش حيواناً حقيقياً أو نسخة مبالغاً فيها من حيوان ما، إذ إنّ هناك العديد من الأفاعي السامة، لاسيما الكوبرا، التي تعيش في القيروان منشأ هذا الوحش الأسطوري.
أسطورة نبيان
لم يكن هناك رعب في قرى الصين القديمة أكبر من ذلك اليوم، الذي كان ينزل فيه وحش النيان من جبله بحثاً عن الطعام كل ربيع، إذ كان حيواناً خالداً لا يمكن أي أحد إيقافه، إضافة إلى عجز جميع الأسلحة أمامه.
وتقول الأسطورة إن الوحش له وجه على شكل وجه الأسد، ولكن بقرنين ضخمين، ومجموعة من الأسنان الحادة التي تبرز من فمه، وكان أكبر من الفيل أو أي مخلوق آخر يسير على الأرض.
وكل ما كان يمكن أن يفعله شعب الصين القديم هو الصعود إلى منازلهم وإغلاق نوافذهم والاختباء تحت أسرّتهم، والصلاة لكي يتركهم على قيد الحياة.
إذا كانوا محظوظين فسوف يدخل الوحش إلى مخازنهم من الحبوب ويأكل كل الطعام الذي وفروه للشتاء، وإذا لم يحالفهم الحظ فسوف يكتشف نيان أحدهم وينقض عليه.
لعدة قرون استطاع نيان إرهاب سكان الأرياف في الصين، حتى تحداه رجل عجوز استطاع أن يكتشف أنه شيطان متخفٍّ.
وبين العجوز للناس كيفية حماية أنفسهم من نيان، بأنه شيطان لا يمكن قتله، وإنما يمكن إبعاده، فهو يخاف من اللون الأحمر، ويرتعب من الأصوات العالية.
وحتى يومنا هذا يستخدم الشعب الصيني في احتفالات كل ربيع الألعاب الناريّة، ويقرعون الطبول، ويعلقون الرايات الحمراء، معتقدين أنّ هذا الاحتفال السنوي سيمنع المخلوقات الأسطورية من تدمير منازلهم، وإذا ابتعدوا عن هذا التقليد فسيعودون إليهم.
أسطورة النداهة
تعتبر النداهة واحدة من أشهر الأساطير الريفية التي انتشرت في مصر خلال القرنين الماضيين، فبثت الرعب في نفوس الناس، وتناقلوا قصصها عبر الأجيال.
ووفقاً لموقع المصري اليوم، فإن النداهة هي عبارة عن امرأة جميلة يسميها الناس أحياناً "حمرا"، ترتدي فستاناً أبيض، وتضع قلادة فيها ثعبانان يأكلان بعضهما.
تطير فوق الأرض وتظهر فجأة وسط الظلام في الأراضي الزراعية والترع والمجاري المائية.
ويقال إنها امرأة جميلة جداً، تنادي على الأشخاص الذين يكونون في مناطق تواجدها، تعرف أسماءهم وتنادي عليها بصوت جميل جداً، لدرجة أنه يسحرهم ويجذبهم للمشي وراءها.
وحينها يكون هذا الشخص أمام أمرين أحلاهما مرٌّ، فإما أن يُعثر عليه في اليوم التالي ميتاً أو مجنوناً، أو أن يختفي ليقال إن النداهة أخذته معها إلى العالم السفلي.
أمّا بعض الناس الذين لا يصدقون هذه الأسطورة فيقولون إنّ النَّدَّاهة هي عبارة عن كذبة اخترعها المجرمون والقتلة، لتكون شماعتهم التي يختبئون وراءها لارتكاب الجرائم.
أسطورة أم الدويس
وفي الخليج العربي، لاسيما دولة الإمارات، هناك قصة مشابهة للنداهة، ولكن باسم آخر هو أم الدويس.
وهي عبارة عن امرأة جميلة لها قدما حمار وعينا قطّ ويدان من المناجل، ولكنها تضع أفخم العطور على الإطلاق، وتسير في الطرقات الفارغة، حتى تتمكن من جذب الرجال إليها حتى يتتبعوها قبل قتلهم، كما أنّ لديها القدرة على تملك الناس والتسبب بحالة هلوسة لهم.
ويُعتقد أنه تم استخدام أسطورة أم الدويس من أجل التحذير من السلوكيات والتصرفات الخاطئة التي قد يجري وراءها البعض.
أسطورة المرأة الناحبة لا يورونا
في إسبانيا والمكسيك ومناطق أخرى ناطقة بالإسبانية، نشأ جيل كامل من الأطفال على الخوف من أسطورة تدعى لا يورونا (المرأة الناحبة)، وهي امرأة تبكي دائماً، وروحها محاصرة بين السماء والأرض، تقوم بتعذيب الأطفال الصغار.
ووفقاً لموقع Vanityfair، فإن مصدر أسطورة "المرأة الناحبة" يعود إلى مئات السنين، وقد دفعت قصتها الشهيرة إلى تصوير فيلم مأخوذ عن قصتها وهو فيلم The Curse Of La Llorona، الذي صدر في العام 2020.
لا يورونا هي امرأة تدعى ماريا، تزوجت منذ فترة طويلة من رجل غني أنجبت منه طفلين، ولكن زوجها كان دائمَ التأخر عن المنزل، وعندما يأتي يهتم بطفليه فقط.
وفي أحد الأيام رأته مع امرأة أخرى، لكن ما فعلته من تصرفات تختلف روايته من شخص لآخر.
إحدى الروايات تقول إنها بعد اكتشاف خيانة زوجها قامت بإغراق طفليها، لكنها ندمت بعد ذلك على الفور، في حين تقول رواية أخرى إنها أغرقت نفسها بدلاً من طفليها، ولكن عندما وصلت إلى أبواب الجنة مُنعت من الدخول، ونُفيت إلى الأرض مجدداً لتكتشف أنّ ابنيها مفقودان.
وبأنها تطفو فوق المسطحات المائية، وبالقرب منها، في ثوبها الجنائزي الأبيض، وتبكي إلى الأبد وهي تبحث عن أطفالها المفقودين، في حين تقول رواية أخرى إنها تهاجم الأزواج المخادعين وتخطف أطفالهم.
بغض النظر عن أي الروايتين هي الصحيحة، ننصحك بالهرب عند سماع صرخاتها.