تنحّى الملياردير الأمريكي جيف بيزوس عن منصبه مديراً تنفيذياً لشركة أمازون، التي ما زال يملكها بكل تأكيد، إلا أنه يرغب في توفير الوقت والطاقة للتركيز على مشاريعه الأخرى، التي لَطالما كان شغوفاً بها، وعلى رأسها شركة استكشاف الفضاء بلو أوريجين Blue Origin.
إلى جانب أمازون، عملاق التجارة الإلكترونية، يملك جيف بيزوس العديد من الشركات والمشاريع الأخرى، على رأسها صندوق اليوم الأول، وصندوق بيزوس إيرث، وصحيفة واشنطن بوست، لكن أكثرها إثارة للاهتمام على الإطلاق هي الشركة التي تسعى لجعل سفر البشر إلى الفضاء ممكناً وبتكلفة زهيدة… فلنتعرف أكثر على شركة بلو أوريجين:
"بلو أوريجين" حلم جيف بيزوس الذي يتحول إلى حقيقة
كان رجل الأعمال الأمريكي جيف بيزوس مهتماً بالفضاء في سن مبكرة، وعند اختياره كواحد من ألمع طلاب المرحلة الثانوية قال بيزوس في مقابلة أجراها عندما كان يبلغ من العمر 18 عاماً فقط إنه يريد بناء فنادق فضائية ومستعمرات تتسع لمليونين أو 3 ملايين شخص، والهدف من ذلك كله هو الحفاظ على كوكب الأرض، الذي سيخف الضغط عليه مع إمكانية العيش في الفضاء.
كان ذلك اللقاء في عام 1982، وبعد مرور 18 عاماً مضى بيزوس بالخطوة الأولى تجاه حلمه، وأسس شركة بلو أوريجين في عام 2000، بعد أن ناقش فكرته مطولاً مع مؤلف كتب الخيال العلمي، نيل ستيفنسون، الذي عمل في الشركة بدوره بدوام جزئي وأرجع الفضل إلى موظفي "بلو أوريجين" في إلهامه لتأليف كتابه Seveneves عام 2015.
يشير اسم الشركة Blue Origin والذي يترجم حرفياً "أصل أزرق"، إلى كوكبنا الأزرق "الأرض" على اعتباره نقطة الأصل.
بلو أوريجين هي شركة مختصة بالصناعات الفضائية وخدمات الرحلات الفضائية بقيادة مديرها التنفيذي بوب سميث.
كما تهتم الشركة بشكل خاص بتطوير التكنولوجيا التي ستجعل رحلات البشر إلى الفضاء ممكنة وبأقل التكاليف.
السياحة الفضائية وإمكانية نقل الصناعات الثقيلة إلى الفضاء الخارجي
اعتباراً من عام 2005، بدأ بيزوس بمناقشة إنشاء مركبة فضائية تحمل اسم New Shepard "نيو يبرد"، تيمناً بأول شخص أمريكي يصل إلى الفضاء "ألان شيبرد"، وقد بقيت المخططات حول هذه المركبة التي من المتوقع أن تحمل البشر إلى الفضاء، سرية في البداية.
لم تنطلق أولى رحلات المركبة التجريبية إلى الفضاء حتى عام 2015، حيث أثبتت هذه الرحلة التي كللت بالنجاح قوة بنية المركبة وتصميمها، وتتالت بعد ذلك الرحلات التجريبية للمركبة، والتي كانت نتيجتها في كل مرة هبوطاً آمناً على الأرض.
فيما عدا "نيو شيبرد" صممت شركة "بلو أوريجين" وأطلقت عدداً من المركبات غير المأهولة إلى ارتفاع تخطى 100 كم، وسرعة قصوى تعادل 3675 كم في الساعة.
واستطاعت جميع هذه المراكب والكبسولات الاختبارية الهبوط ثانية بأمان على سطح الأرض.
تعمل بلو أوريجين كذلك على تطوير التقنيات التي تجعل رحلات البشر إلى الفضاء أقل تكلفة وأكثر سلامة.
كما تسعى إلى توفير إمكانيات السياحة الفضائية، وإتاحة فرصة للراغبين في استكشاف النظام الشمسي بشكل أفضل. وقد حددت الشركة جداول زمنية لأول رحلة للركاب عدة مرات، إلا أنها كانت تلغيها، ولم تبدأ حتى الآن هذا النوع من الرحلات.
أما عن الرؤية بعيدة المدى للشركة، فقد أوضح بيزوس أنه يحلم بتوفير إمكانية نقل الكثير من الصناعات الثقيلة خارج الأرض تماماً للحد من تلوث الكوكب.
بلو أوريجين تتجه إلى القمر في 2024
فضلاً عن اهتمامها بتصميم وإطلاق المركبات الفضائية، بدأت بلو أوريجين منذ عام 2014 توجهات جديدة نحو أعمال تكنولوجيا الرحلات الفضائية.
وعملت في البداية على تزويد الشركات الأخرى بالمحركات الصاروخية التي تحتاجها، فعلى سبيل المثال زودت ULA بمحرك صاروخي ضخم، وهو المحرك بي إي 4، كما تعاقدت مع ناسا لتطوير الأنظمة التكنولوجية في المركبات الفضائية وجعلها أكثر أماناً وأقل تكلفة.
وكشف جيف بيزوس، في مايو/أيار عام 2019، عن خطط الشركة لإرسال مركبة ستهبط على القمر، تحمل اسم بلو مون، وستكون المركبة جاهزة بحلول عام 2024.
الشركة ممولة من بيزوس والقوات الجوية وناسا
بحلول عام 2015، كان جيف بيزوس قد استثمر أكثر من 500 مليون دولار أمريكي من أمواله الخاصة في شركة بلو أوريجين. وقد خصص الأغلبية العظمى من التمويل لدعم تطوير التكنولوجيا.
واعتباراً من 2016، بدأ بيزوس بتمويل الشركة سنوياً بحوالي مليار دولار من مبيعات أسهم أمازون، وقد زاد الملياردير الأمريكي نسب مبيعاته مؤخراً، وصرف أكثر من 10 مليارات دولار في عام 2020.
أما عن الدعم الخارجي، فمن المقرر أن تحصل شركة بلو أوريجين على 500 مليون دولار من القوات الجوية للولايات المتحدة، على مدار الفترة بين عامي 2019 حتى 2024.
كما حصلت بلو أوريجين على تمويل إجمالي وصل إلى 25.7 مليون دولار بحلول عام 2013 من وكالة ناسا، إثر تعاقد بين الطرفين.