هل حدث أن أخفيت دموعك وأنت تشاهد فيلماً مؤثراً في السينما، أو كنت وحيداً في المنزل فانفجرت بالبكاء أثناء مشاهدة لقطة رومانسية؟ أو هل حدث الأسوأ من ذلك، هل سبق ولمت نفسك على البكاء أثناء مشاهدة لقطات مؤثرة في افلام الكرتون مثل لقطة موت موفاسا في فيلم The Lion King الشهير على سبيل المثال؟ لست وحدك، فظاهرة البكاء عند مشاهدة الأفلام منتشرة إلى حد ما ولها تفسير علمي نستعرضه عليك هنا:
البكاء عند مشاهدة الأفلام
فعلياً ندرك تماماً أن ما نشاهده على شاشات التلفاز مجرد تمثيل لا يمت للواقع بصلة، فلماذا نبكي بالرغم من ذلك؟ الأوكسيتوسين يا سادة هو السبب.
الأوكسيتوسين هو هرمون قوي يعمل كناقل عصبي في الدماغ ويتم إطلاقه بمجرى الدم بوساطة الغدة النخامية، ولهذا الهرمون أهمية خاصة في فترة الولادة، فهو المسؤول عن انقباضات الرحم ويُعتقد أنه يقوي الترابط بين الأم وطفلها، ويطلق عليه كذلك اسم "هرمون التعاطف"، فهو يحفز أدمغتنا على الاهتمام بالآخرين والتعاطف معهم حتى لو كانوا غرباء، وقد وجدت إحدى الدراسات أن الدماغ قد يفرز الأوكسيتوسين عندما يأتمننا أحد الغرباء على المال، وفقاً لما ورد في موقع Psychology Today، وهو المسؤول كذلك عن دموعنا المنهمرة أثناء مشاهدة الأفلام.
يفرز الدماغ هذا الهرمون عندما نتعاطف مع أشخاص يمرون بمحنة ما، على سبيل المثال عُرض على مجموعة من المشاركين في تجربة حول تأثير الأوكسيتوسين فيلماً لرجل في المشفى يتحدث عن معاناة ابنه البالغ من العمر 4 سنوات مع مرض السرطان، وعرض على مجموعة أخرى مقطعاً للوالد وابنه في حديقة الحيوانات، وعند تحليل دم المشاركين في التجربة وُجد أن أفراد المجموعة الأولى لديهم زيادة من الأوكسيتوسين بنسبة 47%.
قد يقول قائل من الطبيعي أن نتعاطف مع قصة حقيقية ومؤلمة مثل قصة معاناة طفل مع السرطان، لكن ماذا عن القصص الخيالية؟
تبعاً للدراسات لا تميز أدمغتنا تماماً بين الواقع والخيال، لذلك تطلق الأوكسيتوسين في مواقف نعلم أنها مجرد تمثيل، كما تطلقه في مواقف أخرى حدث فيها أن تعاطفنا مع أشخاص موجودين على أرض الواقع، وعدم التمييز ذاك يجعلنا نتعاطف مع الممثلين، كما لو أنهم أشخاص حقيقيون.
هل البكاء أثناء مشاهدة الأفلام أمر شائع؟
كما قلنا سابقاً: لست وحدك. وفقاً لموقع Elite Daily، بينت العديد من الأبحاث أن معظ الناس قد بكوا لمرة واحدة على الأقل عند مشاهدة الأفلام.
وقد يرجع السبب إلى أن البكاء أثناء مشاهدة الأفلام شائع لدى النساء بنسبة أكبر لكون معظم الرجال قد نشأوا في بيئة تعتبر البكاء علامة من علامات الضعف، وقد سمعوا كثيراً العبارة الشهيرة التي تقول إن "الرجال لا يبكون".
إذا كنت تبكي أثناء مشاهدة الأفلام، ماذا يعني ذلك؟
تشير الأبحاث إلى أن أولئك الذين يبكون كثيراً عند مشاهدة الأفلام يمتلكون قوة عاطفية هائلة ويتمتعون بالمزايا التالية، وفقاً لما ورد في موقع Little Things.
الثبات العاطفي
أولئك الذين لا يخجلون من التعبير عن عواطفهم يتمتعون بقدرة أكبر على إيجاد توازن عاطفي يمنعهم من الانهيار في اللحظات الحرجة، فهم يجيدون التعبير عن عواطفهم وإطلاقها وقت الحاجة ثم يعودون بمرونة إلى الوضع الطبيعي، على عكس أولئك الذين يكبتون عواطفهم داخلهم باستمرار، الأمر الذي قد يسبب لهم مشاكل نفسية وجسدية، كما أنهم قد ينفجرون في أي لحظة بسبب هذا الكبت.
شجعان في مواجهة مشاعرهم
إذا كنت تسمح لدموعك بالانهمار عند مشاهدة موقف تمثيلي، فهذا يعني أنك لا تخشى مواجهة المشاعر غير المريحة، مثل الحزن، ولا تعمل على كبت هذه المشاعر داخلك.
أفضل في التواصل مع الآخرين
عندما تبكي وأنت تشاهد شخصيتك المفضلة تبكي على الشاشة، فذلك لأنك مرتبط ومتعاطف مع هذه الشخصية، ومن المتوقع أن تملك تعاطفاً مماثلاً مع الأشخاص في حياتك الواقعية، وبالتالي ستكون أكثر قدرة على التواصل معهم.
أفضل في فهم مشاعرهم
قد نشعر أحياناً بمشاعر لا نفهم سببها أو لا نستطيع التعبير عنها، لكن هذه المشكلة لا تواجه كثيراً أولئك الذين يبكون أثناء مشاهدة الأفلام، ذلك لأنهم يمتلكون قدرة أفضل على فهم مشاعرهم والتعبير عنها كما يجيدون فهم مشاعر الآخرين بصورة أفضل.
يقدرون الفن والجمال بشكل أعمق
كذلك يتميز أولئك الذين يبكون عند مشاهدة الأفلام بتقديرهم للفن بشكل أعمق، فهم يستشعرون الأعمال الفنية والموسيقى بكامل عواطفهم.