"شعرت بألم سيئ في ذراعي اليسرى، وكأن شخصاً ما ضرب ذراعي بأداة صلبة، وبدأ الإرهاق العام في الظهور"، كانت هذه الآثار الجانبية للقاح كورونا التي شعر بها المتطوع الأمريكي تيموثي سميث (34 عاماً)، الذي تلقى اللقاح مع مئات آخرين لقاح شركة "موديرنا" الأمريكية ضمن المرحلة الثالثة والأخيرة من التجارب قبيل الحصول على التصريحات الرسمية لإطلاقه في الأسواق، بالتزامن مع إعلان الشركة المصنعة فاعلية لقاحها بنسبة 100%.
هذه التجربة وتجارب أخرى سلَّطت وسائل الإعلام الضوء عليها، جعلت كثيرين يتساءلون عن الآثار الجانبية للقاح كورونا، وما إذا كان مناسباً للأطفال والنساء الحوامل.. خصوصاً مع إعلان عدة دول اقتراب التوزيع المتوقع للقاح "موديرنا-Moderna" المكون من جرعتين، واللقاح الذي طورته شركة "فايزر-Pfizer" وشركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية BioNTech الذي تصل فاعليته لـ 90%.
الآثار الجانبية للقاح كورونا
بالنسبة للقاح شركة "فايزر-Pfizer"، هناك آثار جانبية محتملة مثل: الإجهاد، وألم الذراع، والاحمرار مكان الحقن، وقد يصاب الشخص بأعراض شبيهة بالإنفلونزا مثل الصداع وآلام في الجسد والغثيان، وسيستمر هذا لمدة يوم أو يومين، وهذا أمر طبيعي ولا يدعو للقلق، مثلما أشارت دكتورة الأمراض المناعية كيلي مور، وهي أيضاً مستشارة خارجية لشركة Pfizer.
فيما كشفت "موديرنا-Moderna" عن آثار جانبية عانى منها بعض المشاركين في تجربة لقاحها، مثل الألم مكان الحقن -كان أشد بعد الجرعة الثانية- والتعب العام، وآلام العضلات والمفاصل والصداع.
الآثار الجانبية للقاح كورونا، تحدث عنها أيضاً مفوض إدارة الغذاء والدواء الأمريكية السابق مارك ماكليلان في حديثه لصحيفة The Washington Post الأمريكية، وقال إن لقاحات كوفيد-19 بشكل عام يُمكن أن تسبب آثاراً جانبية مزعجة أكثر من لقاحات الإنفلونزا العادي، لكنه أيضاً ذكَّر أن كوفيد-19 هو أسوأ كثيراً من الإنفلونزا.
فيما اعتبر الدكتور ويليام شافنر، أستاذ السياسة الصحية والطب الوقائي في كلية الطب بجامعة فاندربيلت الأمريكية، أن ألم الذراع والشعور بالضيق لمدة يوم أو يومين أفضل بكثير من الإصابة بكورونا، في تصريحٍ له مع صحيفة USA Today الأمريكية.
وبهذا، فقد اتفق الجميع على وجود آثار جانبية للقاح، لكنهم أيضاً أكدوا أن لقاحاتهم آمنة، والآثار الجانبية التي تسببها وقتية إذ تستمر ساعات إلى 3 أيام، كما وصفتها بـ"الخفيفة والمعتدلة" أي يمكن تحملها.
لكن هناك نقطة مهمة أخرى، وهي أن هذه الآثار الجانبية هي قصيرة المدى وتظهر بعد ساعات إلى 6 أسابيع من حقن الأشخاص باللقاح، لذلك فمن السهل أن يعرفها الباحثون، لكن لمعظم الأدوية آثار جانبية طويلة المدى، ومعرفة هذه الآثار يحتاج سنوات من البحث، لذلك قد نعرف جميعاً الإجابة عنها مع مرور السنوات على تطعيم الملايين باللقاح بعيداً عن التجارب المعملية.
لا تهلع عزيزي القارئ، أعود وأطمئنك بأن حصول أي شركة أدوية على تصريح رسمي لإطلاق أدويتها الجديدة بالأسواق ليستخدمها الجميع يمر بالكثير والكثير من المراحل التي تضمن أمانه وفاعليته.
أولاً، يحتاج أي لقاح إلى 3 مراحل اختبار على البشر بعد نجاح تجربته على الحيوانات، ومراحل التجارب على البشر تبدأ بالعشرات في المرحلة الأولى، ثم المئات في المرحلة الثانية، وآلاف أو ربما عشرات الآلاف في المرحلة الثالثة، وجميع المراحل تتم تحت إشراف أطباء وباحثين متخصصين، وفي ظروف مدروسة.
وإذا أظهرت تجربة سريرية أن لقاح كوفيد-19 آمن وفعال، تأتي سلسلة أخرى من المراجعات المستقلة للفعالية والأمان، بما في ذلك المراجعة التنظيمية والموافقة في البلد الذي يتم فيه تصنيع اللقاح، قبل أن تنظر منظمة الصحة العالمية في اللقاح، وتصرح بإصداره رسمياً في الأسواق.
عندما يصل الدواء أو اللقاح إلى منظمة الصحة العالمية، فإنها تدعو لجنة خارجية من الخبراء لتحليل نتائج التجارب السريرية، بالإضافة إلى الأدلة على المرض والفئات العمرية المتأثرة وعوامل الخطر الخاصة بالمرض وغيرها من المعلومات، وإذا ثبتت فاعليته، فإنها تقره، ثم توصي بمجموعة إرشادات حول كيفية استخدام اللقاحات.
أيضاً، يقرر المسؤولون في البلدان المختلفة ما إذا كانوا سيوافقون على اللقاحات للاستخدام الوطني ويضعون سياسات لكيفية استخدام اللقاحات في بلادهم بناءً على توصيات منظمة الصحة العالمية، وفق ما شرحه مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأمريكي (CDC).
وهذه السلسلة الطويلة محاولات من جهات مختلفة لتضمن سلامة الدواء قبل السماح للناس باستخدامه.
هل لقاح كورونا آمِن على الحامل؟
بما أننا نتحدث عن الآثار الجانبية للقاحات، فغالباً سنفكر في الفئات الأضعف التي يسهل أن تتأثر بأي آثار جانبية مثل الأطفال والحوامل.
وبخصوص الإجابة، فإننا لا نعرف بالظبط، هل اللقاح آمِن عليهن أم لا؟ لأنه لا توجد بيانات حول كيفية استجابة النساء الحوامل لقاحات Pfizer أو Moderna لأنهن لم يتم تضمينهن في التجارب، ولا يزال الخبراء يناقشون متى يجب اختبار اللقاحات بشكل عام على الحوامل.
لكن إذا نظرنا في تاريخ الأدوية فإننا سنعرف مدى صعوبة ذلك، إذ لم يتم اختبار اللقاحات الرئيسية أثناء الحمل بسبب مخاوف من تعرض كل من المرأة الحامل والجنين لخطر حدوث مضاعفات.
وفي الوقت الحالي، وحتى تاريخ كتابة التقرير (4 ديسمبر/كانون الأول 2020)، تناقش اللجنة الاستشارية لممارسات التحصين، وهي مجموعة مستقلة شكلها مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) مجموعة نقاط بشأن الفئات التي يجب أن حصل على اللقاح، ومن بينها الحوامل والمرضعات، ولم تصدر قرارها بعد.
هل يُمكن تطعيم الأطفال بلقاح كورونا؟
قد لا يوصى باستخدام لقاحات كورونا للأطفال على الأقل في المرحلة الأولى من التطعيم به؛ لأن اختبارات لقاحات كورونا تضمنت البالغين فقط، ولم تشمل الحوامل والأطفال.
والأهم، هل تمنح اللقاحات حماية أبدية؟
بما أننا نتحدث عن لقاح يمنح حماية من الإصابة بفيروس كوفيد-19، قد نتساءل ما إذا كانت هذه الحماية أبدية، لكن من السابق لأوانه معرفة الإجابة، وما زلنا في حاجة لأبحاث أكثر لمعرفة ذلك، وفقط جواب منظمة الصحة العالمية (WHO).
ومع ذلك، من المشجع أن البيانات المتاحة تشير إلى أن معظم الأشخاص الذين يتعافون من كوفيد-19 يطورون استجابة مناعية توفر على الأقل بعض الحماية ضد الإصابة مرة أخرى، على الرغم من أننا ما زلنا نتعلم مدى قوة هذه الحماية ومدة استمرارها.
قد يهمك أيضاً: نعم لقاح كورونا فعال بنسبة 90%.. لكن القضاء على كوفيد 19 قد لا يحدث قبل شتاء 2021!