لا شكّ أن غالبية الناس يعرفون حقيقة أنّ كوكب الأرض يفيض بمن عليه من البشر، إذ يتوقع الخبراء أنه بحلول عام 2100 ستتزايد أعداد سكان الأرض لتصل إلى الذروة لتُقدر بـ11 مليار نسمة، ورغم ذلك، فإن هناك دولاً تكافح لأجل إبقاء سكانها على أراضيها، فالكثير منهم يهاجر للبحث عن حياة أفضل.
أكثر الدول انخفاضاً في عدد السكان
في السنوات الأخيرة حظيت الأماكن التي تُعد موطناً لكثيرٍ من الحروب، مثل سوريا، بمركز الصدارة في قائمة أكثر الدول انخفاضاً في عدد السكان، ولكن في هذا العام 2020 أصبحت الأمور مُختلفة بعض الشيء.
إليكم أكثر 5 دول تُعاني انخفاضاً في عدد السكان في عام 2020، وفق ما ذكره موقع World Atlas الكندي.
لبنان: -6.68%
لدى لبنان تاريخ مُستمر من الصراعات والحروب، فقد شهد أهلها حرباً أهلية طويلة استمرت منذ عام 1975 إلى عام 1990 تقريباً، وخلَّف ذلك أثراً بالغاً على حياة السكان.
وفي عام 2019 استُكملت أول دراسة حول القوة العاملة للبلاد مُنذ اندلاع الحرب، وكشفت عن بعض الأسباب التي تدفع اللبنانيين للرحيل.
تبين أن مُعدل البطالة يبلغ حوالي 11.4% دون أن يشمل ذلك مُخيمات اللاجئين في الدولة.
وما زال الصراع السياسي المُحتدم وانعدام الاستقرار يدفعان كثيراً من اللبنانيين إلى البحث عن حياة أكثر أمناً في مكانٍ آخر.
هُناك أمثلة يتجلى فيها افتقار الدولة إلى سلطة قوية من ضمنها حقيقة أنه في العام الحالي 2020، انفجر عن طريق الخطأ 2750 طناً من نترات الأمونيوم في ميناء في بيروت، وهو ما أسفر عن مقتل 190 شخصاً. وأدى هذا إلى تشريد الآلاف ودمر مباني على مُحيط أميال.
والأمر الآخر الذي يُسهم أيضاً في انخفاض عدد السكان هو قلة مُعدلات إنجاب النساء في هذه الدولة عن مُتوسط مُعدل الخصوبة العالمي (2.087 مُقارنة بمُعدل 2.5 في المُتوسط في جميع أنحاء العالم).
ويبلغ عدد سكان لبنان حالياً 6.8 مليون شخص.
جُزر كوك: -2.59%
لسنواتٍ عدة وعدد سُكان جُزر كوك الصغيرة، الذي يتراوح بين 17 ألفاً إلى 18 ألف نسمة، آخذ في التناقص.
الأمر ببساطة هو أن الكثير من الناس ممن يعيشون هُناك يتطلعون إلى مُستقبل اقتصادي أفضل، ويضطرون في الأغلب إلى الرحيل والبحث عنه.
مُعظم من يُقدمون على الهجرة ينتهي بهم الأمر وقد اتخذوا من نيوزيلندا مُستقراً لهم، بل في الحقيقة، تعيش الغالبية العُظمى من أهل جُزر كوك الآن في نيوزيلندا بدلاً من موطنهم الأصلي.
ومُعظم من يُقيمون بالفعل في جُزر كوك غالباً ما يكسبون قوت يومهم من تصدير اللؤلؤ أو صيد السمك أو العمل في الزراعة أو بالحصول على مهنة في مجال التمويل الخارجي.
وفي عام 2018 وعد رئيس الوزراء هنري بونا بدفع علاوة أطفال إضافية للأمهات تُقدر بـ 770 دولاراً عن كل طفل يُولد في الجُزر للتصدي لانخفاض عدد السكان، ولكن دون جدوى.
ويبلغ عدد سكان جزر كوك حالياً نحو 17500 شخص.
بورتوريكو: -1.59%
يعد الفقر والكوارث الطبيعية السببين الرئيسيين اللذين يدفعان سُكان إقليم بورتوريكو إلى الهجرة.
في عام 2018، بلغ مُعدل الفقر في إقليم بورتوريكو، التابع للولايات المُتحدة الأمريكية، 43.1%.
وتزيد هذه النسبة بقليل عن نسبة الفقر في البر الرئيسي للولايات المُتحدة التي بلغت حوالي 13% في ذلك الوقت.
ونظراً لسهولة هجرة سكان إقليم بورتوريكو إلى الولايات المُتحدة الأمريكية المجاورة اختار الكثيرون الإقدام على هذه الخطوة، فضلاً عن أن بُركاني ماريا وإرما أجبرا الكثير من سُكان إقليم بورتوريكو على الرحيل في أعقاب الدمار الذي تسببا به في عام 2017.
ويبلغ عدد سكان بورتوريكو حالياً نحو 3.2 مليون شخص.
إقليم ساموا الأمريكي: -1.4%
أحد الأقاليم الأخرى التابعة للولايات المُتحدة الأمريكية، وهو إقليم ساموا الأمريكي، يشهد انخفاضاً في عدد السكان، إذ إن أهله يسعون إلى مُستقبلٍ أفضل من الناحية الاقتصادية.
هذا الإقليم عالق في موقفٍ صعبٍ، فهو بخلاف الأقاليم الأمريكية الأخرى، لا يحظى بنشاط سياحي مُستقر.
وعند تناقص الإعانات والمنح الاتحادية، التي تُمثل جزءاً كبيراً من العائدات الحكومية للبلاد وتعتمد على حجم التعداد السكاني، يؤثر ذلك بالسلب كما هو مُتوقع على اقتصاد البلاد.
وبدون تغيير شروط الدعم الذي يحصل عليه إقليم ساموا الأمريكي، سيظل يشهد تناقص عدد السكان في المُستقبل.
ويبلغ عدد سكان إقليم ساموا الأمريكي حالياً نحو 180 ألف شخص.
سان بيير وميكلون: -1.15%
تعرف جزيرة سان بيير وميكلون التي تقع تحت حكم فرنسا، برغم وقوعها قبالة ساحل كندا بالقرب من مُقاطعة نيوفاوندلاند ولابرادور، بأنها جزيرة ساحرة، ولكنها لا تخلو من المتاعب.
إذ تضم عدداً ضئيلاً من السكان يبلغ عددهم حوالي 6 آلاف نسمة، يشتغل مُعظمهم بأنشطة تجهيز الأسماك.
وبخلاف هذه الصناعة فضلاً عن اشتغال القليل من الناس في مجال السياحة، قد يصعب العثور على عمل. بجانب أن انخفاض مُعدل الخصوبة لـ 1.75 طفل وُلد لكل امرأة في عام 2018 يُسهم أيضاً في الانخفاض السكاني.
وبرُغم ذلك، هُناك ارتفاع في مُتوسط أعمار الأفراد في جزيرة سان بيير وميكلون، فضلاً عن تمتع المواطنين برعاية صحية شاملة بالإضافة إلى تعليم مجاني خلال مرحلة الدراسة الثانوية.
ويبلغ عدد سكان سان بيير وميكلون حالياً نحو 6000 شخص.
أسباب الانخفاض السكاني
هُناك العديد من العوامل التي قد تتسبب في الانخفاض السُكاني لدولةٍ ما، إذ يُمكن للحرب والاضطرابات السياسية والاضطهاد العُنصري أو العرقي أن تكون بمثابة قوى مُحركة رئيسية تدفع الناس إلى الهجرة بحثاً عن حياةٍ أفضل.
كما قد قد يكون انعدام الاستقرار الاقتصادي، الذي قد يُصاحبه في أغلب الأمر صراعات عنيفة، سبباً رئيسياً في الهجرة أيضاً.
وتُعاني تلك الدول التي يُهاجر منها العديد من الشباب من ارتفاع نسبة الشيخوخة بين السكان، مما يحولُ بينهم وبين سد هذه الفجوة من خلال رفع مُعدل النمو بشكلٍ كافٍ أو إبقائه ثابتاً.
فما كان ذات مرة منطقة زراعية سيُصبح ضاحية جديدة، وما كانت ذات مرة مُدناً مُزدهرة قد تتلاشى تحت أنقاض الحرب، أو تُهجر بمرور الوقت بسبب تدهور الحالة الاقتصادية.
ونظراً لأن الفرص الاقتصادية والسياسية تجوب أنحاء العالم تلبية لاحتياجاتنا ومطالبنا نحن البشر، سيظل الناس في حالة هجرة، وستظل الفئات السكانية في حالة تغير مستمرة.