يبدو أن أديداس ستتمكن أخيراً من انتزاع الصدارة من نايكي التي بقيت مسيطرة لفترة طويلة على عالم الماراثونات وسباقات المسافات الطويلة، وذلك بعد أن طورت أديداس حذاء بتقنية جديدة حطمت عداءة كينية بفضله رقماً قياسياً.
فما هي الخصائص المميزة لهذا الحذاء؟ وهل ستثبت أديداس من خلاله أن التكنولوجيا قادرة على التحكم في أداء العدائين؟ إليكم ما تريدون معرفته وفق ما ورد في مجلة Wired الأمريكية:
عداءة تحقق رقماً قياسياً بفضل حذاء أديداس
سجلت العداءة الكينية بيريس جبشيرشير رقماً قياسياً جديداً للسيدات فقط في سباق نصف الماراثون، حيث أكملت مسافة 21.1 كم في العاصمة التشيكية براغ في زمن قدره 65 دقيقة و34 ثانية. وإلى جانب براعتها كان الفضل كذلك لحذاء أديداس الجديد.
اعتاد العداؤون لفترة طويلة ارتداء أحذية نايكي – المنافس اللدود لأديداس – في سباقات الجري، إذ سيطرت الشركة الأمريكية منذ العام 2017 على سباقات المسافات الطويلة للجري عندما طرحت أول حذاء رياضي لها يحتوي على ألواح من ألياف الكربون يساعد العدائين على الجري بكفاءة أكبر.
لكن أديداس الآن تستعيد قوتها من خلال طرح الحذاء الرياضي طراز Adizero Adios Pro.
الحذاء الرياضي الجديد Adizero Adios Pro
على مدار العامين الماضيين، عمل حوالي 50 موظفاً في شركة أديداس من أجل تطوير الحذاء الرياضي Adios Pro.
إذ يعد هذا الحذاء بمثابة حذاء جري عالي الأداء مصمم لسباقات المسافات الطويلة والجري، ويعتبر أول
استجابة حقيقية من جانب أديداس ضد هيمنة شركة نايكي على سباقات المسافات الطويلة، وهو مطروح للبيع اليوم مقابل 170 جنيهاً إسترلينياً (219 دولاراً).
وعلى عكس الغالبية العظمى من أحذية الجري المصممة باحترافية، فهو لا يحتوي على لوح من ألياف الكربون بطول كامل.
تقنية جديدة بعيداً عن ألياف الكربون
منذ أن طرحت شركة نايكي أول حذاء لها طراز Vaporfly 4%، سارعت بقية الشركات المتخصصة في صناعة أحذية الجري في تقليدها من خلال إدخال ألواح ألياف الكربون في الأحذية.
وبالفعل طرحت العلامات التجارية المنافسة مثل Saucony وOn وBrooks وHoka One One وAsics أحذية للسباقات والجري تتضمن ألواح ألياف الكربون.
ومع ذلك، فقد فعلت أديداس شيئاً مختلفاً مع الحذاء طراز Adios Pro. فبدلاً من إدراج ألواح كربون طولية توجد سلسلة من القضبان المتقوسة المملوءة بالكربون في جميع أنحاء الحذاء.
والمميز أن هذه القبضان محشورة بين قطعتين من المادة الرغوة Lightstrike Pro.
وتمتد القضبان بطول كل عظم في القدم وتكون منحنية لتتبع شكل القدم.
وقد جرى تقوية هذه القضبان للمساعدة في توفير أكبر قدر ممكن من الطاقة عند دمجها مع المادة الرغوية والأجزاء الأخرى من الحذاء.
واختبرت الشركة "مئات" من النماذج الأولية المختلفة للأحذية بقضبان ذات أطوال مختلفة، ووضعيات مختلفة، وبصلابات مختلفة حتى توصلت أخيراً إلى هذا التصميم.
وقد تم اختبار ألواح الكربون في هذه الأحذية أيضاً لكن وجد المصممون أن القضبان الكربونية تمنح المستخدم مشية طبيعية أكثر بكثير من تلك التي تمنحها ألواح الكربون.
خدع أخرى اعتمدتها أديداس
بالرغم من اعتماده على القضبان الكربونية بشكل أساسي إلا أن حذاء Adios Pro ليس خالياً تماماً من ألواح ألياف الكربون.
فهناك لوح متوسط الطول مثبت في منطقة كعب الحذاء. فعندما يتعب الرياضيون من الجري لمسافات طويلة يقومون بالارتكاز على كعوبهم بدلاً من الارتكاز على مقدمة أو منتصف القدم، عندها يولدون ضغطاً أكبر على منطقة الكعب لذلك لا بد أن تكون هذه المنطقة مدعمة جيداً بألواح الكربون التي تطيل من عمر الحذاء.
لكن الألواح استخدمت في منطقة الكعب فقط، أما بقية الحذاء فقد تم حشوه بالقضبان التي يمكن تكييف شكلها وطولها وموضعها وصلابتها بسهولة أكبر من الألواح الأمر الذي يتيح للمصمم التحكم بشكل أكبر بكفاءة الحذاء.
لماذا كانت تعتبر أحذية نايكي الأكثر كفاءة؟
على الرغم من أن الدراسات المستقلة قد أثبتت أن خط إنتاج الأحذية طراز Vaporfly الخاص بشركة نايكي جعل العدائين أكثر كفاءة، فإننا لا نعرف السبب الدقيق وراء ذلك.
على الرغم من أننا ندرك أن الجمع بين لوح ألياف الكربون والمادة الرغوية ZoomX يساهم في زيادة كفاءة الأحذية المصممة من قبل نايكي.
إن الكشف عن سبب كون الأحذية أكثر كفاءة قد يتضمن دراسات علمية محكمة حيث يجري اختبار الأحذية مع وبدون ألواح ألياف الكربون (والألواح المصنوعة من مواد أخرى) لمعرفة مصدر الكفاءة.
ويقول سام هاندي، نائب الرئيس لتصميم الأحذية المخصصة للجري في شركة أديداس إن ألواح ألياف الكربون ليست بالضرورة ضرورية لزيادة كفاءة أحذية الجري. إنما يتعلق الأمر بجميع العناصر الموجودة في الحذاء دون استثناء.
يقول ألبرتو أونسيني مانجانيلي، المدير العام لتصميمات أحذية الركض في شركة أديداس: "ما يهم هو مدى سرعة تحلل المادة الرغوية في الحذاء، ومقدار الصلابة المضاف إلى المادة الرغوية مع المكونات الداخلية الأخرى. إنها أجزاء متصلة وتعمل معاً. لذلك يجب أن تعمل بشكل متزامن. وعندما تقوم بتغيير أحد هذه العناصر، فأنت بحاجة إلى تعديل العناصر الأخرى للحصول على أفضل أداء ممكن ".
طريقة ارتداء العداء لتلك الأحذية
بينما يمكن للشركات الرياضية ضخ الملايين في صناعة الأحذية الأكثر فاعلية قدر الإمكان، هناك عنصر أساسي آخر: طريقة ارتداء العداء لتلك الأحذية.
حتى الآن، فقط الرياضيون المحترفون الذين ترعاهم الشركة الرياضية يتدربون ويساعدون في تطوير الحذاء.
في الرقم القياسي العالمي الذي حققته العداءة الكينية جبشيرشير في براغ، كانت جميع العداءات في سباق نصف الماراثون يرتدين أحذية أديداس -كلهن يرتدين الحذاء الجديد-.
لذا وبالرغم من أهمية الحذاء في مثل هذه السباقات إلا أنه لن يكون عصا سحرية تمكنك من تحطيم الأرقام القياسية.
مع ذلك فإن عدد الأرقام القياسية التي سجلها العدائيين المرتدين للأحذية المصنوعة من ألياف الكربون قد أجبر الاتحاد الدولي لألعاب القوى على إدخال قواعد جديدة للأحذية في يناير/كانون الثاني من هذا العام -ويواصل الاتحاد التحقيق في تأثيرها على الرياضة.
التكنولوجيا ساعدت في تحطيم الأرقام القياسية
يقول بعض النقاد إن الأحذية ذات الكفاءة المتزايدة هي شكل من أشكال المنشطات التكنولوجية، ويجب استبعاد الأرقام القياسية المحققة باستخدامها.
في بعض الحالات، كان الرياضيون حريصين على عدم استخدام أحذية ذات كفاءة عالية لإثبات أدائهم المتميز. لكن ذلك لم ينطبق على العداءة الكينية جبشيرشير التي أقرت بعد تحقيقها رقماً قياسياً عالمياً أن التكنولوجيا ساعدت في ذلك.
قالت: "لقد كنت منهكة في آخر خمسة كيلومترات، لكن الأحذية الجديدة ساعدتني في تسجيل رقم قياسي".
يجب أن تكون أي تقنية مدمجة في الحذاء مريحة في الجري، ومجرد أن الحذاء يؤدي أداءً عالياً في اختبارات الكفاءة في المختبر لا يعني أنه سيكون شيئاً يريد عدائي المسافات الطويلة ارتداؤه أثناء الركض لفترات طويلة على الأرض.
يقول هاندي: "إن ما تقيسه على أنه فائدة ميكانيكية بالنسب المئوية قد يكون ذا فائدة كثيرة أو قليلة جداً بالنسبة للرياضي عندما يركض بالفعل بالحذاء".