الكمامة تؤدي لاكتساب مناعة ضد عدوى كورونا والدليل ما حصل مع فيروس الجدري

يعتبر فيروس سارس-كوف-2، الفيروس المسبب لعدوى كورونا أو فيروس كوفيد- 19، جديداً تماماً بالنسبة لباحثي الأمراض المُعدية وغيرهم من علماء الصحة العامة.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/09/11 الساعة 19:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/11 الساعة 19:48 بتوقيت غرينتش
الجرعات الصغيرة من الفيروس لن تؤدي إلى مرض الشخص بشكل خطير، ولكنها ستكون كافية في الوقت نفسه، لكي يتمكن جهاز المناعة من تطوير أجسام مضادة/ istock

يعتبر فيروس سارس-كوف-2، الفيروس المسبب لعدوى كورونا أو فيروس كوفيد- 19، جديداً تماماً بالنسبة لباحثي الأمراض المُعدية وغيرهم من علماء الصحة العامة. 

ومن أجل مواجهته، لجأ العلماء إلى كل الأدبيات القديمة التي تتناول كيفية تعامل العالَم مع الأوبئة السابقة على مر العصور. وهناك ورقة رأي جديدة تقدِّم تقييماً لإحدى الطرق التي يمكن أن نتعلمها من مواجهتنا لمرض الجدري.

طرحت الورقة، التي نُشرت في مجلة New England Journal of Medicine، فكرة أن ارتداء الجميع للكمامات يمكن أن يؤدي إلى ما هو أكثر من مجرد الحد من معدل انتقال عدوى كورونا، إذ تقترح الورقة أنه قد يؤدي أيضاً إلى زيادة المناعة وتقليل حالات الإصابات الشديدة بالمرض.

وناقشت الورقة على وجه التحديد، نظرية "التجدير"، وهو أحد الأشكال البدائية للتحصين عن طريق استخدام شكل مخفف من فيروس الجدري لإصابة الأشخاص بعدوى خفيفة تؤدي إلى إكسابهم مناعة ضد الفيروس طوال حياتهم. 

الكمامة تؤدي لاكتساب مناعة ضد عدوى كورونا

والفكرة ببساطةٍ هي أن الجرعات الصغيرة من الفيروس لن تؤدي إلى مرض الشخص بشكل خطير، ولكنها ستكون كافية في الوقت نفسه، لكي يتمكن جهاز المناعة من تطوير أجسام مضادة لحماية الشخص في المستقبل.

كانت عملية "التجدير" تُجرى باستخدام الصديد من جروح الجدري للشخص المصاب، وإدخاله إلى جروح سطحية في جسد الشخص السليم. 

وتفترض أستاذة الطب بجامعة كاليفورنيا والمشاركة في كتابة الورقة البحثية مونيكا غاندي، أن ارتداء الجميع للكمامات قد يوفر الوقاية للأشخاص من الإصابة بعدوى شديدة من كوفيد-19، ويمكن أن تعمل كنوع من التحصين. 

على سبيل المثال، إذا خالط مرتدو الكمامة شخصاً مصاباً بفيروس سارس-كوف-2، فسوف تعمل الكمامة على منع وصول معظم الفيروسات إلى الشخص السليم. 

ولكنه بدلاً من ذلك يصاب بكميات صغيرة جداً من الفيروس، مثلما كان يحدث في عملية "التجدير" قديماً.

عدوى كورونا
كانت عملية "التجدير" تُجرى باستخدام الصديد من جروح الجدري للشخص المصاب، وإدخاله إلى جروح سطحية في جسد الشخص السليم/ istock

وأكدت مونيكا غاندي أنها تظل مجرد نظرية، وسوف تبقى مجرد فكرة نظرية، لأن تجريبها سيتطلب إجراء تجربة منضبطة وعمياء، تتعرض فيها إحدى المجموعات لجرعات كبيرة ومميتة من الفيروس من دون ارتداء كمامات، وتتعرض المجموعة الأخرى للجرعات الكبيرة نفسها ولكن مع ارتداء كمامات. وهذا غير مقبول من الناحية الأخلاقية بكل تأكيد. تقول مونيكا: "لن نقْدم قط على تجربة طبية نصيب فيها نصف المشاركين بفيروسات مميتة عن عمد".

ودعماً لهذه النظرية، استشهدت مونيكا وزملاؤها ببيانات الرصد التي تشير إلى أن معدل الإصابة بعدوى كورونا من دون أعراض، مقارنة بالعدوى التي تأتي مصاحبة بالأعراض أعلى بكثير في الأماكن التي تُفرض فيها سياسات صارمة لارتداء الكمامات. 

واستشهدوا أيضاً بدراسة حديثة على حيوانات القداد السوري، تشير إلى أن ارتداء الكمامات يؤدي إلى الإصابة بعدوى أكثر أخف أو أكثر اعتدالاً، حسب ما نشرت مجلة Popular Science.

وتقول مونيكا غاندي: "في الواقع، تمثل هذه الورقة دعوى عالمية لارتداء الكمامات على مستوى جميع السكان". 

تصبح الإصابات خفيفة وبلا أعراض

إذا صحَّت تلك النظرية، فإن ارتداء الكمامات على مستوى الجميع لن يؤدي فحسب إلى تقليص معدل انتقال الفيروس والعدوى، بل سيؤدي أيضاً إلى انخفاض أعداد الإصابات الخطيرة، وأن تصبح معظم الإصابات بسيطة أو معتدلة أو من دون عوارض على الإطلاق، ويكتسب المصابون بذلك مناعة من الفيروس في المستقبل.

ولكن تظل هناك بعض التحفظات والمحاذير، أولها عدم تحديد ما يُعرف بـ"الجرعة المميتة" لفيروس سارس-كوف-2 التي تجعل المصاب في حالة مَرضية شديدة جداً وقد تؤدي إلى وفاته. 

وأكدت عالمة الفيروسات بجامعة كولومبيا، أنجيلا راسموسن، خطورة هذه النقطة، وقالت لصحيفة The New York Times: "هناك أشخاص أصيبوا بالجدري بسبب عمليات التجدير، وماتوا بسبب ذلك".

وقال عالم الفيروسات بجامعة مانيتوبا، جاسون كيندراتشوك، إنَّ طرح هذا النوع من الأفكار جزء طبيعي من أسلوب عمل المجتمع العلمي. وأضاف: "إننا نحاول معرفة وفهم عقود من المواد المتعلقة بهذا الفيروس في ظرف شهور".

وقال كيندراتشوك: "من الطبيعي أن يعود الباحثون إلى الماضي بحثاً عن إجابات، ولكن من غير المرجح أن تحصل هذه الفكرة على كل هذا القدر من الانتباه إذا كانت متعلقة بأي مرض آخر". 

ويعمل كيندراتشوك على فيروس إيبولا، وقال إنه على مر السنوات طُرحت العديد من الأفكار والنظريات في المجلات العلمية دون أن تثير هذا النوع من ردود الفعل. 

وقال: "إن الطبيعة العالمية والملحّة لهذه الجائحة هي ما أدّت إلى تسليط الضوء على تلك النظريات".

وأضاف كيندراتشوك مستدركاً: "ولكنني أظل متحفظاً جداً بشأن هذا النوع من الأفكار. علينا بالتأكيد أن نفكر قليلاً بعيداً عن المألوف، ولكن علينا أن نفهم نطاق معرفتنا المحدودة عن هذا الفيروس حتى الآن".

تحميل المزيد