الإصابة بفيروس كورونا المستجد أمر مُروِّع، وما يثير القلق أكثر أنَّ المصاب بالفيروس قد يضطر إلى العلاج منزلياً مع الضغط على المستشفيات في بعض الدول، وعندها يبحث عن إجابة السؤال "كيف تتعافى من فيروس كورونا في المنزل؟"، وتنفع وقتها إرشادات وتوصيات الناجين من الفيروس.
نتمنى السلامة لجميع قراء التقرير، لكن تجارب الآخرين مفيدة وتستحق أن نطّلع عليها. لذلك ترجمنا تجربة المراسلة السياسية لصحيفة The New York Times الأمريكية، ماغي أستور، التي أصيبت هي وزوجها بفيروس كوفيد-19، في أواخر مارس/آذار 2020.
كان المرض في هذه الفترة بالنسبة إلى ماغي وزوجها يتجاوز كل المرات التي مرضوا فيها طيلة حياتهم، لكن مع ذلك استطاعا تجاوز المرض وحدهم في المنزل، كون حالة تنفسهم كانت طبيعية، ولم يحتاجوا لرعاية خاصة في المستشفى.
النصيحة القياسية -التي تتمثّل في الراحة والسوائل وخافض الحرارة- أساسية، وما زالت هكذا، ولكن ماغي وزوجها لم يشعرا آنذاك بأنها كافية على النحو الذي يُلائم شدّة المرض، وبعدما استردا عافيتهما وتواصلا مع آخرين تعرضوا للإصابة بالفيروس، جمعوا نصائحهم مع نصائح أصدقائهم كما سنستعرض الآن.
كيف تتعافى من فيروس كورونا في المنزل؟ ومتى تطلب المساعدة؟
أوّلاً، وبالتأكيد، عليك أن تتأكَّد من إمكانية تدارُك معظم إصابات كورونا في المنزل، ولكن إذا انطوت الإصابة على أعراض مثل صعوبة التنفّس والألم المستمرّ أو الضغط في الصدر، أو اضطراب غير معهود، أو فقدان القدرة على الصحو أو البقاء متيقظاً، وكذلك زُرقة الشفاة أو الوجه، فعندها يجدر بالمصاب طلب الرعاية الطارئة.
سيُعاني البعض أعراضاً معتدلة نسبياً في بادئ الأمر، ثم تزداد حالاتهم خطورة. وقال الدكتور بيتر كوهين، الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد وأخصائي الباطنة بجمعية Cambridge Health الطبيّة –التي ساهمت في إعداد هذا المقال بشأن تطوّر أعراض عدوى كوفيد 19- إنه من المُرجّح أن يُصاب هؤلاء بضيق التنفّس في غضون أربعة إلى ثمانية أيّام بعد أوّل ظهور للأعراض، وهذه "هي المرحلة التي يتعيّن على الأشخاص الانتباه خلالها".
إذ قال الدكتور كوهين، إذا ازداد ضيق التنفس من يوم لآخر، فإنّ هذه علامة تشير إلى ضرورة الاتصال بالطبيب. وثمة حالات أقل شيوعاً تتمثّل في إصابة المرضى الذين يعانون من انخفاض مستويات الأكسجين بالدوار بدلاً من ضيق التنفّس، ومن ثمّ لا بد من الانتباه لذاك العَرَض أيضاً.
إن كان الأمر مع المريض خلافاً لذلك ستساعده النصائح التالية:
ما الذي يحتاجه المريض؟
إن كنت تقرأ هذا المقال وأنت بصحّة جيدة عليك شراء بعض المستلزمات الأساسية الآن، ومن بينها مقياس الحرارة، وعقار الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين، ومشروبات لعلاج الجفاف مثل محلول بيديالايت. نتمنى السلامة لك بكل تأكيد، لكن الاحتياط واجب وضروري في هذه الأوقات بالأخص.
قد يكون مقياس التأكسد النبضي (Pulse oximetry) مفيداً في بعض الأحيان، سواء على مستوى دق جرس الإنذار وفي حالات المرض الشديد أو لطمأنتك بأنك على ما يرام، لأن الشعور بضيق التنفس بينما يبدو مستوى الأكسجين لدى المريض طبيعياً يمكن أن يجنّب الذهاب إلى المستشفى، ولكن بالنسبة للمريض، لكي تتعافى من فيروس كورونا في المنزل فأنت لا تزال في حاجة للتواصل مع طبيب.
إذا كنت مريضاً ولم تكن لديك تلك المستلزمات، فاطلب من أحد الأصدقاء شراءها لك، أو ربما يسلّمك إيّاها أحد المتاجر بخدمة توصيل الطلبات للمنازل (وادفع بقشيشاً جيداً!). وفي كلتا الحالتين تجنُّب التواصل، سواء مع صديقك أو مع عامل التوصيل، دعهم يتركون الحقيبة على الباب ولا تفتحه قبل أن يغادروا.
الوصفات الطبية قد تساعد
قد لا تكفي الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، لاسيما إذا كان السعال والغثيان الناجمين عن كوفيد-19 يستدعيان أدوية بوصفة طبيب.
بالنسبة لماغي ولزوجها كان دواء البنزاتونات (للسعال) والبروميثازين (للغثيان) منقذين للحياة. ووصف الأطباء لبعض الزملاء دواءً للسعال يعتمد في تركيبته على الكودايين، أو زوفران. ويفضل دائماً التواصل مع الطبيب للتأكد من مناسبة الأدوية.
تسهيل عملية التنفس
قد يؤدي الهواء الجاف إلى تفاقم بعض الأعراض مثل السعال وضيق الصدر. عندها يحتاج المريض إلى جهاز لترطيب الجو، وإن لم يتوافر، سيوفي الدشّ الساخن بهذا الغرض.
وقد ذكر العديد من القراء شعورهم بتحسن عندما استلقوا على بطنهم. فيما أخبرت ماغي امرأة في بريطانيا كان شريكها مريضاً لعدة أسابيع أن أحد تمارين التنفّس قد ساعده، وكان كما يلي: أخذ نفس عميق، والاحتفاظ به لمدة 5 ثوانٍ ثم إخراجه زفيراً. مع تكرار الأمر خمس مرات، وفي المرّة السادسة بينما يخرج الزفير ينبغي أن يسعل المريض بشدّة.
عليه بعدها أن يكرر هذا التمرين مرّتين ثم يستلق على وجهه ويتنفّس بعمق لمدّة 10 ثوان. مع تكرار إجراء هذا التمرين مرّتين يومياً.
في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب باستخدام بخاخ ألبوتيرول لتقليل السعال وتهدئة التنفس.
مراقبة الأعراض بدقة
بمجرد إصابة أي شخص بالمرض يتعيّن عليه البدء في تدوين سِجل مفصّل؛ درجة الحرارة في كل قياس على مدار اليوم، ويكرر القياسات عدّة مرات. وفي كل مرّة يتناول فيها أحد العقاقير، أو طعاماً أو مشروباً، وإذا اختفى أحد الأعراض أو ظهر آخر يدوّن ما جرى.
لأن هذا يتيح سجلاً مفصلاً يأخذه المريض معه إذا احتاج إلى رعاية طبية، كما يساعد على الانتباه لحالته. فبالنسبة للمريض فإنها تجيبه عن أسئلة: هل يمكنني تناول المزيد من أدوية السعال الآن؟ منذ متى أصبت بهذه الحمى؟ هل هذا العرض أقل بقليل مما كان عليه بالأمس؟ فأثناء المرض لن يستطيع أحد الإجابة عن هذه الأسئلة بدقة.
الصحة النفسية مهمّة
إن الإصابة بعدوى كوفيد-19 أمر مرهق للغاية، خاصةً عند علاج كورونا في المنزل. ولا يعد الشعور بالاكتئاب أو القلق أو التعرض لنوبات هلع جراءها أمراً مُستغرباً، لذلك سيكون مهماً لبعض المرضى بالفيروس أن يتابعوا أيضاً صحتهم النفسية مع متخصص، فأهميتها تضاهي الصحة الجسدية في بعض الأحيان.
قال ديريك نورمان، مساعد قسم الأخبار في صحيفة Times، إنه في أسوأ لحظات مرضه، عندما كان ينتابه شعور بضيق التنفس والذعر كان يجلس منتصباً، ويركّز على التنفس بثبات ويرسم صورة إحدى الذكريات في خياله.
إذ يقول: "كنت أغمض عيني وأتصور التفاصيل الدقيقة لمشهدٍ عايشته ذات مرّة، وأغوص في أغوار تلك الذكرى، ولتكن على غرار الجلوس في مقهى في الهواء الطلق بالمغرب العربي. وأحاول تذكّر أصوات حياة الشارع، وهواء الصحراء الجاف على جلدي، أو رائحة البهارات والشيشة والعادم الذي يحوم في الهواء. إنها تفاصيل محددة للغاية استعيدها بينما أواصل التنفّس ببطء.
فيما شدد تيم هيريرا، رئيس تحرير قسم Smarter Living بصحيفة New York Times، على أهمّية الهواء النقي. وفيما يتعّذر الأمر حينما تكون مصدراً لنقل العدوى، وكذلك إذا كنت تقطن منطقة مزدحمة دون مساحة خاصّة تنعم فيها بالهواء الطلق، فإن فتح النافذة قد يُفيد.
لذلك تنصح ماغي أي مريض بالقول: "لا بأس بكونك لست بخير، فأنت لست مضطراً لأن تكون على ما يُرام. عليك فقط تجاوز الأيّام يمكنك البكاء، ويمكنك الاستغراق في مشاهدة عروض Netflix، أو حل الأحجية، أو إعادة قراءة الكتب، فقط افعل ما يساعدك على مرور الوقت".
الراحة أهم ما في الأمر
يعاني بعض الأشخاص من أعراض خفيفة في الأيام القليلة الأولى، ثم تسوء حالاتهم فجأة، بينما يعاني البعض من الحمى التي تزداد وتقل مراراً وتكراراً، ويمرض البعض أسبوعين متتاليين، ثم ينعمون ببضعة أيّام خالية من أيّ أعراض، وتنتكس حالاتهم. ويعاني البعض الآخر من أعراض طويلة الأمد لشهورٍ.
هذا أمر شائع جداً ويثير الجنون، ولكن على المريض أو من يشك في إصابته بالفيروس أن يمنح نفسه الوقت الكافي للراحة، حسبما تقتضي وظيفته ووضعه المالي.