الحجر منحهم فرصة لتعلُّم أشهى أنواع الحلويات.. كورونا قد يضرب قطاع المطاعم في الأردن

عربي بوست
تم النشر: 2020/05/23 الساعة 13:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/23 الساعة 13:11 بتوقيت غرينتش

"بابا بدنا دونتس، وجاي على بالنا كيك وآيس كريم، والمحلات مسكرة إيش بدنا نعمل؟"، هذه كانت قائمة طلبات لطفلين في السادسة والرابعة من عمرهما لوالدهما خلال فترة الحظر المنزلي.

محمد عاكف (36 عاماً)، لم يخطر في باله يوماً أن يتجه إلى المطبخ لصنع الحلويات، إذ كان يسير على قاعدة المثل الشعبي الأردني "شراء العبد أفضل من تربيته"، أي أن يشتري الشيء أفضل من تعب صنعه بنفسه.

وجد محمد نفسه يمسك بهاتفه الذكي، وبدأ بتصفح اليوتيوب والإنستغرام وجوجل بحثاً عن أفضل الوصفات لصنع الحلويات في المنزل، تلبية لرغبة أطفاله الذين يرغبون في مأكولات كانوا يشترونها من المطاعم وأماكن الحلويات، إذ بدأ محاولاته بالدونتس، فشاهد فيديو على الإنستغرام لإحدى الشيفات المعروفات، وطبق الخطوات بحذافيرها ليصنع دونتس شهية بنكهات مختلفة.

وقررت الحكومة الأردنية فرض حظر شامل للتجوال في مختلف مناطق المملكة، بتاريخ الثامن عشر من مارس/آذار، في خطوة للحد من انتشار فيروس كوفيد-19، واستثنى هذا القرار الكوادر الطبيّة والتمريضيّة في القطاعين العام والخاصّ، وفرق التقصّي الوبائي، وعدداً محدوداً من المسؤولين والموظّفين القائمين على إدامة عمل بعض المؤسّسات الحيويّة.

ويستذكر محمد أن يوم صنع الدونانتس كان يوماً أشبه بالاحتفال "لأطفالي ولي ولزوجتي، إذ أمضينا يوماً جميلاً في المطبخ، وساعد على تمضية الوقت بشكل أسرع، مؤكداً أن الحجر يجعل كل شيء مملاً، حتى النوم والراحة".

حلويات قد تغنيهم عن الشراء في المستقبل

من هنا كانت البداية، فبدأ بصنع الكعك والجاتو والانتقال للمجعنات، وصنع الخبز المنزلي، وعند احتسابه لمصاريف المأكولات من الخارج وجد مدى وفرة ما يقوم به ومدى نظافته له ولعائلته، مؤكداً أنه يتحكم بالإضافات الصناعية والسكريات وغيرها من المواد الضارة، والتي لا يسمح بوجودها في  مخبوزاته على حد تعبيره.

ويفكر محمد اليوم، بعد انتهاء الحجر وعودة الحياة لطبيعتها بالتقدم إلى أكاديمة من الممكن أن تعلمه فنون صنع الحلويات، حتى إنه يفكر في إنشاء صفحة على الإنستغرام.

ويجد أن التدريب بدورة متخصصة أو أكاديمية سيجعل منه شخصاً محترفاً، يفهم ما يقوم به بشكل علمي، وخصوصاً أنه يتمتع بنفس جيد للأكل، وعليه أن يتعلم أكثر ليجعل شكل الشيء شهياً كما هو مذاقه.

وفي تاريخ الخامس والعشرين من مارس/آذار، أعلن رئيس الوزراء الأردني وزير الدفاع عمر الرزاز، السماح لمحال المواد الغذائية والخضراوات والمخابز بفتح أبوابها بين الـ10 صباحاً والـ6 مساءً، في إجراء جديد لمواجهة وباء كورونا.

وقال الرزاز "سنسمح للبقالات الصغيرة في الأحياء السكنية والمحال التي تبيع المواد الغذائية والمخابز بفتح أبوابها أمام المواطنين، والسماح للمراكز التجارية الكبرى بتوصيل المواد عبر سيارات من دون استقبال الزبائن".

ويشترط القرار، بحسب الرزاز أن يكون عمر الزبائن بين 16 و60 عاماً، وألا يكون هناك تدافُع وازدحام، وأن يكون الذهاب سيراً على الأقدام، ملوحاً بإغلاق كل مكان يشهد تدافعاً، كما أبقى الرزاز على منع المركبات من التجوال.

مطاعم منزلية

أما طلعت الهرش، البالغ من العمر (32 عاماً)، وهو رب أسرة مكونة من زوجته وطفليه، فقد توجه إلى صنع الطعام بعد إكمال متطلبات الثانوية العامة الأردنية، وتعلم صنع الوجبات بمختلف أنواعها، وكان يعمل في مطاعم صغيرة في مدينة السلط، مكان إقامته، وهي مدينة قريبة من العاصمة الأردنية عمان، ثم قرر العمل في العاصمة لتعلُّم المزيد من الوجبات والعصائر والسلطات الحارة والباردة وكذلك الشاورما.

ومع صدور الحجر الشامل وإغلاق المطاعم وتوقف جميع القطاعات عن العمل بأمر من قانون الدفاع، وجد أن انتقال أكثر ما يحب صنعه إلى البيت هو خطوة جميلة، تخفف من حجة الحجر عليه، بصنع مأكولات يحبها، والجميع كان يرغب في وجودها في الحجر، مع اتباع سبل السلامة العامة والنظافة والتعقيم خلال الصنع والتسليم.

وعندما وجد الهرش أن أكثر طلبات الناس كانت على الشاورما، بدأ بتجهيز طلبيات توصيل من المنزل، ومن  هنا وجد أن التكاليف أقل بكثير، ويمكن أن يبيع الوجبة بسعر أقل مع نظافة وردود فعل جميلة على الطعم، وتشجيع من الجميع بأن ما يقوم به ينافس شيفاً قضى سنوات في صنع الطعام.

وفكر الهرش ملياً بإمكانية افتتاح مطبخ إنتاجي مع زوجته لصنع المأكولات، بعدما وجد أن الكثير من الناس يثقون به وبنظافة عمله، من خلال تعليقات "يعطيك العافية، والله وجبة من البيت بطعم البيت ونظافة البيت، أفضل ألف مرة من بعض المطاعم وأكلها".

وبقيت أعمال المطاعم مغلقة، حتى أعلنت وزيرة السياحة مجد شويكة السماح للمطاعم بكل أشكالها بالعودة للعمل، شريطة تقديم الخدمة إما بالتوصيل إلى المنازل أو عن طريق المناولة للمواطنين مباشرة، وذلك بتاريخ الرابع عشر من أبريل/نيسان، مع اتباع إجراءات من أهمها خضوع العاملين في سلسلة توريد خدمة الطعام لفحص كورونا، وتحديد عدد العمال في المنشأة بين 20% و30%، وتحديد أوقات الخدمة من العاشرة صباحاً وحتى السادسة، تحديد آلية الدفع الإلكتروني فقط، وإطلاق منصة إلكترونية، لأصحاب المطاعم لتقديم طلب للعمل.

نقيب أصحاب المطاعم عمر عواد من ناحيته، يؤكد أن أزمة جائحة كورونا أثرها كبير على العالم ككل، وهذا ما سيؤثر على  اقتصاد الكثير من العائلات في الأردن، ومن هنا بدأنا نجد أن الناس وبعد رفاهية دامت أكثر من 30 عاماً من إيجاد كل شيء جاهزاً ويصل إليهم أو متوفراً في الأسواق، بدأوا بعمل كل شيء من منازلهم.

ويشير إلى أن المواطنين صنعوا الخبز بكل أصنافه، والحلويات والأطعمة، ما يعني أن هذه الأزمة ستضر عمل المطاعم، وأماكن بيع الحلويات، وذلك لسببين: خوف الناس من انتشار المرض، والسبب الآخر الأزمة  الاقتصادية، خصوصاً بعد مقارنة الأسعار بالتكلفة الحقيقية لصنع الشيء، حيث وجد الأشخاص أن التوفير كبير، في حال اعتمدوا على ذواتهم وصنعوا مأكولاتهم بأنفسهم.

ومددت الحكومة الأردنية عمل المطاعم بخدمة التوصيل المنزلي حتى الساعة الثامنة مساءً اعتباراً من تاريخ السادس من مايو/أيار الماضي، بهدف تقديم خدمة أفضل للمواطنين.

ويبين الخبير الاجتماعي الاقتصادي حسام عايش، أن الأسرة الأردنية تدفع 35% من إجمالي إنفاقها على الطعام والشراب، وكلما قلّ المستوى المعيشي زاد حجم الإنفاق على هذين المطلبين.

لكن جائحة كورونا علّمت الناس أن على الشخص أن يستهلك اللازم، وعدم التبذير مع ما ستؤول إليه الحياة الاقتصادية في المستقبل القريب جرّاء فيروس كورونا، بسبب فقدان الكثيرين لمهنهم أو خصم الرواتب، فعليهم جميعاً الاعتماد على مهارات أهل المنزل في كل شيء، فذلك سبيل النجاة، حيث سيؤثر الوباء قطعاً على جميع المجالات، وأولها المطاعم.

علامات:
تحميل المزيد