بالتأكيد دخلت هذا النقاش، أي كمامة أكثر فاعلية -صحياً ومادياً- القناع الطبي الذي يُستخدم لمرة واحدة، أم قناع N95 والأقنعة ذات الفلات، أم الأقنعة القماشية التي يمكن غسلها وإعادة استخدامها؟ لكن الآن دخل طرف جديد في المعادلة وهو القناع النحاسي.
هنا سيحتدم النقاش، خاصةً مع الدراسات الكثيرة التي تتحدث عن مدة بقاء الفيروسات نشطة على الأسطح المختلفة، وستظهر أسئلة أخرى خاصة بهذا القناع البني الجديد، لماذا النحاس خصيصاً، وهل يستحق الأمر إنفاق المال الإضافي؟
لماذا النحاس؟
الإجابة معقّدة. يقول مايكل شميت، أستاذ علم الأحياء الدقيقة والمناعة بكلية الطب بجامعة ساوث كارولينا، الذي درس استخدام النحاس في المنتجات الطبية: "لدي آمال كبيرة في الأقنعة النحاسية، لكن هناك الكثير من الأبحاث حول فاعليتها لا يزال يتعيّن إجراؤها. إذا كانت الطبقات النحاسية توضع فقط على القناع فنحن لا نعرف ما إذا كانت ستعمل بالطريقة المرجوة أم لا".
يمكن للنحاس أن يدمر البكتيريا والفيروسات، كونه يحتوي على أيونات ذات شحنة موجبة تعيق الفيروسات المشحونة سلباً، ثم تخترق أيونات النحاس الفيروسات وتمنعها من التكاثر، كما وجدت دراسة حديثة أن النحاس فعال في تعطيل فيروس كورونا الجديد في غضون أربع ساعات.
وقد استخدم النحاس تاريخياً للحدِّ من انتشار الأمراض، فاستخدم في صنع مقابض أبواب المستشفيات وحوامل المحاليل، واستخدم أيضاً في النسيج. ويشير شميت لمجلة Fast Company الأمريكية إلى ابتكار شركة Cupron نسيجاً يحتوي على النحاس قبل أكثر من عقد من الزمان ليُستخدم في المستشفيات.
كيف بدأت فكرة "كمامات النحاس"؟
كانت عالمة الأحياء الدقيقة فيليس كون من أوائل المدافعين عن استخدام النحاس في المستشفيات، وطوّرت العالمة الأمريكية قناعاً مصنوعاً من شبكة نحاسية بنسبة 99.95%، وعرضته للبيع على موقعها الإلكتروني مقابل 25 دولاراً.
ثم بدأت المزيد من الشركات في دمج النحاس في الأقنعة التي تصنعها، وتبيعها بأسعار ما بين 10 دولارات و70 دولاراً للواحد منها، مثل شركة Atoms الناشئة للأحذية، وThe Futon Shop، وشركة تكنولوجيا إسرائيلية تدعى Argaman.
شركة Cupron الأمريكية التي ابتكرت الأقمشة الممزوجة بالنحاس قبل 10 سنوات بدأت في صنع الأقمشة أيضاً بمزجها مع ألياف القطن والبوليستر الممزوج بالقطن، واشترت مستشفيات أمريكية من هذه الأقمشة لصناعة كمامات طبية للموظفين بها.
وقد قررت بعض المستشفيات تقسيم أنواع الكمامات المستخدمة على العاملين حسب درجة الاتصال بالمرضى، مع النقص الذي تعاني منه بعض الولايات الأمريكية، فقد قررت مستشفيات كليفلاند استخدام أقنعة N95 والأقنعة الجراحية للعاملين الذين يرعون الحالات المؤكد إصابتها بكوفيد-19، أما الأقنعة النحاسية تلك التي اشترت منها 25 ألف كمامة الأسبوع الماضي فسيستخدمها باقي الموظفين في المستشفى.
كيف يمكن أن يكون القناع النحاسي أفضل؟
معظم أقنعة النحاس التي صنعت حتى الآن ليست بفلتر لتقنية الهواء، مثل قناع N95، ما قد يسمح للجسيمات بالدخول عبر الفجوات الموجودة في الجانب، لذلك فهي غير مناسبة للأشخاص المعرّضين للاتصال المباشر مع أولئك المصابين بكوفيد-19، بل للارتداء في الأماكن العامة.
لكن في الوقت نفسه، إذا كان مرتديها مصاباً بالعدوى، فإن الفيروسات المحملة في الرزاز الذي يخرج من الفم أو الأنف ويهبط على القناع ستُقتل في غضون ساعات، على عكس الأقنعة القماشية العادية التي تعيش عليها الفيروسات لأيام.
كما يضيف كبير علماء الطب في Cupron: "إحدى الطرق التي يمكن أن ينتقل بها الفيروس هي لمس شخص ما سطحاً مصاباً -مثل مقبض الباب- ثم لمس قناعه لتعديله. في هذه الحالة، فإن النحاس الموجود في القناع سيقتل هذه الفيروسات، في حين أنها ستبقى على القناع القماش التقليدي، وقد يلتقطها منه بأصابعه من جديد ثم يفرك عينيه أو يحك أنفه، ما قد يصيبه بالعدوى".
وبحسب ما يقول شميت، تعتمد فاعلية القناع على كمية النحاس الموجودة فيه. فجزيئات الفيروس صغيرة جداً، لذا يجب أن تواجه النحاس فعلياً ليتمكن من تعطيلها. وأفضل الأقنعة النحاسية هي تلك التي تحتوي على نحاس مدمج في كل ألياف القناع، وليس فقط في طبقة واحدة مضمنة داخل القناع.
أيضاً، من بين فوائد الأقنعة النحاسية أن العديد منها قابل للغسل. وفي حين أن التفاصيل المحددة للغسيل تختلف عن الأقنعة القماشية الأخرى، يمكن غسل العديد من الأقنعة النحاسية بشكل متكرر دون تقليل فاعليتها.
ورغم كل المزايا التي عُرضت سابقاً فإن معظم الأقنعة النحاسية في السوق لم تُختبر فاعليتها، ولم تُصرِّح بها المؤسسات الصحية بعد؛ لذلك من المهم معرفة اسم الشركة، وإذا ما كانت أي هيئة صحية صرَّحت باستخدامها وفاعليتها.