هل تعاني من القلق و التفكير الزائد أو "الأوفر ثينكنج"؟ في كثير من الأحيان ينطوي التفكير الزائد عن الحد على التركيز على الأفكار السلبية، وإعادة تذكر الماضي، أو القلق بشأن المستقبل مما يؤثر على صحتك على المدى الطويل.
تقول آشلي كارول، وهي طبيبة نفسية في مستشفى بارك لاند ميموريال في ولاية دالاس إن التفكير الزائد يصبح مشكلة عندما يبدأ في التأثير على الحياة اليومية، كأن يؤثر على شهيتك ويسبب لك الأرق ويجعلك في عزلة عن الآخرين.
في أي وقت يمنعك تفكيرك من اتخاذ أي قرار فهذا أمر مبالغ فيه، وليس شيئاً جيداً. إن التفكير الزائد عن الحد هو سبب العديد من الفرص الضائعة، ويعاني المفكرون بشكل زائد من صعوبةٍ في النوم ليلاً؛ لأن عقولهم تستمر في التفكير عندما يتعب الجسم.
وتوضح كارول أن الإفراط في التفكير يمكن أن يؤثر أيضاً على الصحة البدنية. وقالت إن بعض مرضاها الذين يتعاملون مع الأفكار السلبية والقلق يعانون من الصداع وآلام الجسم ومشاكل في المعدة.
وغالباً ما يرتبط التفكير الزائد بمشاكل الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات الإجهاد اللاحق للصدمة واضطراب الشخصية الحدية.
وفقاً للجمعية الطبية الأمريكية، فإن التوتر هو السبب الأساسي لأكثر من 60% من جميع الأمراض التي تصيب الإنسان:
هذا هو ما يفعله التفكير الزائد عن الحد بجسدك
يشل إبداعك
يمكن أن يؤدي الإفراط في التفكير بشكل أساسي إلى أن تتعثر وتنفد الأفكار أو الحلول الجديدة.
تشير دراسة حديثة أجريت في جامعة ستانفورد إلى أن الإفراط في التفكير يمنعنا من إظهار إمكاناتنا الإبداعية.
تعاونت جريس هاوثورن، أستاذة بمعهد التصميم بجامعة ستانفورد، مع العالم السلوكي آلان ريس لإيجاد طريقة لقياس الإبداع علمياً باستخدام تصوير الدماغ
أثناء التوصيل بأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، طُلب من المشاركين رسم مجموعة من الصور، بعضها سهل التوضيح، وبعضها صعب. وكلما كانت الصور أكثر صعوبة في الرسم، كان على المشاركين أن يفكروا وكانت رسوماتهم أقل إبداعاً. على الجانب الآخر، كلما كان التفكير أقل كانت الرسومات أكثر إبداعاً.
تشير هذه النتائج إلى أن الإفراط في التفكير في مشكلة ما يجعل من الصعب عليك القيام بأفضل أعمالك الإبداعية.
من جهة أخرى، فإن التفكير الزائد عن الحد يحفز عقلك على توليد العديد من الأفكار والسيناريوهات المختلفة، ويستهلك الكثير من الطاقة العقلية.
عندما نفكر ونضغط على أنفسنا، فإن أجسامنا تنتج هرمون الكورتيزول. بمرور الوقت، يمكن أن يكون هذا الإصدار المستمر من الكورتيزول مستنفداً لطاقة الجسم ومسبباً للإرهاق.
كشفت دراسة أنه عندما تكون أجزاء معينة من الدماغ والعمليات الإدراكية لدى شخص هادئة، فإنه يصبح أكثر إبداعاً.
كل أعضاء الجسم تتأثر بهذا القلق وخاصة الجهاز الهضمى
الإفراط في التفكير يمكن أن يسبب القلق، والذي بدوره يؤثر على الجهاز الهضمي، مما يعيق جسمك عن امتصاص العناصر الغذائية التي يحتاجها.
تؤدي كثرة التفكير إلى مشاكل في الجهاز الهضمي مثل التهاب المعدة وعسر الهضم، واضطرابات القولون العصبي، والتغيرات في حركية الجهاز الهضمي وإفرازات المعدة، والقرحة المعدية.
التفكير الكثير يمكن أن يقودك للموت
قام الباحثون في كلية الطب بجامعة هارفارد بتحليل أنسجة المخ بعد موت الأشخاص الذين ماتوا في الستينيات والسبعينيات من العمر إلى أنسجة لأشخاص لا يقل عمرهم عن مائة عام. وقد وجد أن الأشخاص الذين ماتوا في سن مبكرة لديهم مستويات أقل من بروتين يسمى REST أو RE-1 Silencing Transcription. هذا البروتين مسؤول عن تهدئة الدماغ، والتوقف عن الإفراط في التفكير والقلق. يمكن أن يحمي بروتين REST أيضاً من مرض الزهايمر.
عقلك وقلبك في خطر بسبب كثرة التفكير
كشف الباحثون في جامعة كاليفورنيا في بيركلي أيضاً أن الإجهاد المزمن يسبب مشاكل عقلية مثل القلق واضطرابات المزاج.
ارتبطت العديد من قضايا الصحة العقلية ومخاطرها بالتفكير الزائد عن الحد.
كما أن الإفراط في التفكير والقلق يمكن أن يعرض صحة القلب والأوعية الدموية للخطر وآلام الصدر، وعدم انتظام دقات القلب، وما إلى ذلك.
والشعور بالتوتر والقلق يسبب إطلاق الكورتيزول في الجسم، مما يؤدي بدوره إلى إضعاف الجهاز المناعي، وبالتالي تصبح أكثر عرضة للعدوى والأمراض.
حتى بشرتك لن تسلم من تأثيره
تتسبب الهرمونات المنبعثة عندما تكون تحت الضغط في تضييق الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى ضعف الدورة الدموية. وهذا يقلل من تدفق الدم إلى الجلد، مما يجعله جافاً وعرضة للتهيج.
يؤدي التوتر لزيادة إفراز هرموني الأدرينالين والكورتيزول، ما يسبب زيادة إفراز العرق من الجسم، فتفقد البشرة الكثير من السوائل، لذلك يجب إمداد الجسم بالكثير من الماء عند الشعور بالتوتر، وذلك تفادياً لتعرّض البشرة للجفاف.
في فترات التوتر تتغير كمية الأوكسجين المحمولة في مجرى الدم، مما يقلل بدوره من توفير الأوكسجين لبشرتك. ولديك خطوط توتر حول الجبهة والعينين والفم.
يمكن أن يسبب الإجهاد العاطفي الناجم عن القلق عدداً من الاضطرابات الجلدية أو يزيدها سوءاً، مثل الصدفية والتهاب الجلد والحكة والتهابات الجلد، حيث يسبب الإجهاد التهاباً في الجسم، مما يؤدي إلى اشتعال الجلد وتفاقم الأمراض الجلدية.
لقد تم ربط القلق المفرط والإجهاد بزيادة خطر الصلع والثعلبة أيضاً. إذا كنت تفكر كثيراً، فقد تجد شعرك يسقط بمعدل أعلى.
شهيتك قد تتغير
عندما يعاني الشخص من قلق طويل يمكن أن تنشأ مشاكل في المعدة والجهاز الهضمي، بما في ذلك التغيرات في الشهية. قد يشارك بعض الأشخاص في سلوكيات الأكل بنهم، وهذا ما يسمى بالأكل العاطفي الذي يرتبط بالمشاعر وكثرة التفكير.
وقد يعاني الآخرون من انخفاض الشهية، على الرغم من أن هذا عادة ما يكون أقل شيوعاً.
غالباً لا يكون نوع الطعام الذي يتم تناوله طعاماً صحياً، بل يميل من يعاني من اضطراب الأكل النفسي أو الأكل العاطفي إلى تناول الأطعمة الدسمة أو الغنية بالكربوهيدرات أو السكريات.
يتميز هذا السلوك بعدم شعور المريض بطعم الأكل، بل هو يأكل بدون وعي، بالإضافة إلى عجزه عن التحكم في شهيته أو حتى التوقف عن تناول الطعام عند الامتلاء أو الشبع، فالجسم لا يستجيب لما تبعث به المعدة من رسائل حول مخزون الطعام الذي فيها.