المشي أثناء النوم أو كما يطلق عليه علمياً "السرنمة" يحدث في أي عمر، ولكنه أكثر شيوعاً عند الأطفال. يعتقد أن 1 من كل 5 أطفال يمشون خلال النوم مرة واحدة على الأقل. تنتهي تلك الحالة عند بلوغهم سن البلوغ، لكن في بعض الأحيان قد يستمر إلى سن الرشد.
يحدث المشي أثناء النوم خلال فترة النوم العميق، الذي يصل ذروته خلال الجزء المبكر من الليل، لذا يحدث المشي أثناء النوم عادةً خلال الساعات القليلة الأولى بعد النوم.
وتتضمن دورة النوم فترتين مختلفتين هما: نوم حركة العين غير السريعة، ونوم حركة العين السريعة. وتنقسم فترة نوم حركة العين غير السريعة إلى أربع مراحل، الأولى تدوم حوالي 7 دقائق، ويكون الشخص منتبهاً إلى حد ما ومن السهل إيقاظه.
أما المرحلة الثانية ففيها يستعد الجسم للنوم العميق، ويبدأ النوم العميق في المرحلة الثالثة والرابعة، ويكون الجسم أقل استجابة للمؤثرات الخارجية، ويحدث المشي أثناء النوم خلال أعمق مراحل تلك المرحلة من نوم حركة العين غير السريعة.
بعد هذه المرحلة تبدأ فترة نوم حركة العين السريعة، وتكون بعد حوالي 90 دقيقة من بداية النوم، وفيها تحدث الأحلام فتتحرك العينان بسرعة شديدة في اتجاهات مختلفة.
أسباب السير أثناء النوم؟
السبب الدقيق للسير أثناء النوم غير معروف، لكن يبدو أن له علاقة بالوراثة. يكون الشخص أكثر عرضة للسير أثناء النوم إذا كان أحد أفراد أسرته عانى أو يعاني من سلوكيات المشي أثناء النوم أو نوبات الذعر الليلي.
كما يعتقد العلماء أن هناك رابطاً بين السير في أثناء النوم وحمض غاما أمينوبيوتريك GABA، وهو حمض أميني يعمل بمثابة ناقل عصبي في الجهاز العصبي المركزي. يعمل غاما أمينوبيوتريك كمثبط يخنق نشاط الجهاز الحركي في الدماغ، وبالتالي فإنه يتيح تحقق النوم الطبيعي من خلال تنظيم حركة العضلات في أثناء النوم.
في الأطفال، تكون الخلايا العصبية التي تطلق غاما أمينوبيوتريك لا تزال تتطور، ولم تنشئ بعدُ شبكتها الكاملة من الاتصالات للحفاظ على النشاط الحركي تحت السيطرة.
ونتيجة للكمية غير الكافية من حمض غاما أمينوبيوتريك يميل الأطفال إلى السير خلال النوم، لأن الخلايا العصبية الحركية الخاصة بهم تكون قادرة على توجيه الجسم إلى الحركة حتى خلال النوم. في بعض البالغين يمكن أن يظل الحمض أقل فاعلية بسبب العوامل الوراثية، مما يسبب استمرار المشي أثناء النوم حتى مرحلة البلوغ.
هناك عدد من الأمور قد يزيد من فرص حدوث المشي أثناء النوم، وتشمل:
– عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم.
– التوتر والقلق.
– الإصابة بالحمى، خاصة لدى الأطفال.
– أنواع معينة من الأدوية مثل بعض المهدئات.
– الاستيقاظ المفاجئ من النوم العميق نتيجة الضجة المفاجئة أو بسبب الحاجة لدخول الحمام.
وتشمل الحالات الطبية المرتبطة بالسير أثناء النوم مشاكل في القلب، والحمى، وحرقة المعدة، والربو، وانقطاع التنفس أثناء النوم، ومتلازمة تململ الساقين، والاضطرابات النفسية مثل الهلع، واضطرابات ما بعد الصدمة.
ماذا يحدث عندما يسير الشخص أثناء نومه؟
قد يكون المشي أثناء النوم مجرد جلوس الشخص في السرير والنظر من حوله، كما قد تعتلي وجهه الحيرة لفترة قصيرة من الوقت. في حالات أخرى يقوم الشخص ويخرج من السرير ويتجول في المكان، وربما يفتح الخزائن، وفي بعض الأحيان يتناول الطعام، وربما يكون في حالة من الهياج، كذلك يعد التبول في أماكن غير مرغوب فيها من أعراض المشي في أثناء النوم لدى الأطفال.
في الحالات القصوى قد يخرج الشخص من المنزل، ويمارس بعض الأنشطة كالتجول أو قيادة السيارة.
عادةً ما تكون عيون الشخص مفتوحة خلال المشي أثناء النوم، ورغم هذا فإنه لا يتعرف على الناس من حوله، وإذا تحدثت بشيء لأحد يمشي خلال نومه، فقد يستجيب لك جزئياً، وربما يتحدث بأشياء لا معنى لها.
تستمر معظم حلقات المشي أثناء النوم أقل من 10 دقائق، لكنها قد تكون أطول. في نهاية كل حلقة، قد يستيقظ الشخص، أو يعود إلى الفراش ويذهب إلى النوم.
في الصباح، في الغالب، لا يتذكر الشخص أنه قد مشى خلال نومه، وإذا استيقظ خلال المشي فإنه يشعر بالارتباك ولا يتذكر ما حدث.
ماذا تفعل إذا رأيت أحدهم يسير خلال نومه؟
أفضل ما يجب فعله إذا رأيت شخصاً يمشي أثناء النوم هو التأكد من أنه آمن. أرشِده بلطف إلى الفراش من خلال طمأنته، فإذا لم يتم إزعاجه، فغالباً ما يعود للنوم مرة أخرى. حاول إيقاظ الشخص بلطف بعد الخروج تماماً من حالة المشي خلال نومه، قبل أن يستقرّ مرة أخرى للنوم، فهذا يمنعه من المشي مرة أخرى في نفس دورة النوم العميق.
لا تصرخ أو تفاجئ الشخص، ولا تحاول تقييده جسدياً إلا إذا كان في خطر.
متى يجب طلب المشورة الطبية في حالة المشي أثناء النوم؟
لا يحتاج المشي في أثناء النوم أحياناً إلى عناية طبية، ونادراً ما يكون علامة على أي شيء خطير، وقد يتحسن مع مرور الوقت، خاصة عند الأطفال.
ومع ذلك، يجب أن تفكر في رؤية طبيبك في حالة حدوث المشي أثناء النوم بشكل متكرر، فقد يتعرّض الشخص لخطر إصابة نفسه أو الآخرين.
لا يوجد علاج محدد للسير أثناء النوم، لكنه يساعد بشكل عام في محاولة الحصول على قسط كافٍ من النوم والحصول على روتين منتظم ومريح قبل النوم. كذلك، يمكن علاج السبب إذا كان متلازمة تململ الساقين أو توقف التنفس أثناء النوم.
يمكن للشخص الذي يعاني من المشي أثناء النوم تقليل فرص التعرض لذلك من خلال اتباع بعض النصائح، وتشمل:
– حاول الذهاب إلى الفراش في الوقت ذاته كل ليلة.
– تأكد من النوم في غرفة مظلمة وهادئة.
– الحد من المشروبات قبل وقت النوم، خاصة تلك التي تحتوي على الكافيين، واحرص على الذهاب إلى الحمام قبل النوم مباشرة.
– إذا لاحظت أن طفلك يمشي خلال نومه في نفس الوقت في معظم الليالي فجرب إيقاظَه بلطف قبل الموعد بحوالي 15 دقيقة، وذلك من أجل تغيير دورة النوم، مما قد يمنع السير خلال النوم.