يمكن أن يكون تحديد وقت التمارين الرياضية على قدر من الأهمية يصل لأهمية التمرين نفسه، وفقاً للأبحاث التي أُجريت حول العلاقة بين أوقات الوجبات والتدريبات، توصل الباحثون إلى أن التمرين قبل الإفطار له فوائد صحية عميقة ومتعددة.
دراسات حول أوقات التمارين الرياضية
تشير بعض الدراسات إلى أن فاعلية التمرينات قد تكون مرتبطة بتوقيت تناول الشخص للطعام، ومع ذلك نادراً ما يكون من الممكن تطبيق نتائج الدراسات التي أُجريت على الأشخاص الهزيلين، على الأشخاص الذين يعانون من السمنة.
لذلك بدأ علماء من جامعات باث وبرمنغهام، وكلاهما في المملكة المتحدة، في محاولة معرفة ما إذا كان توقيت الوجبات وممارسة التمرينات له صلة مماثلة في الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، يمكن أن تؤدي السمنة وعدم ممارسة التمرينات الرياضية إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وذلك بسبب انخفاض حساسية الأنسولين، وزيادة إنتاج الأنسولين، وهي حالة تُميز زيادة مستويات الأنسولين، والعثور على طريقة لمنع هذه الآثار المرتبطة بالأنسولين قد يكون مُنقذاً للحياة ذاتها.
تهدف الدراسة التي نُشرت في 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في مجلة علم الغدد الصماء والتمثيل الغذائي، إلى دراسة كيفية تأثير ممارسة التمارين الرياضية قبل وبعد تناول الطعام واستجابة الأنسولين في الحالتين، وكان أول من يُجرى عليهم اختبار هذه العلاقة هم الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.
شملت التجربة التي استمرت لمدة 6 أسابيع 30 رجلاً، صنّفهم الباحثون إما يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، وقد قام فريق الباحثين بتقسيم هؤلاء الرجال إلى مجموعتين: مجموعة تناولت الإفطار قبل التمرين، مجموعة تناولت الإفطار بعد التمرين.
يقول الدكتور خافيير جونزاليس، من قسم الصحة بجامعة باث: "تشير نتائجنا إلى أن تغيير توقيت تناول الطعام قبل أو بعد التمرين يمكن أن يُحدث تغييرات عميقة وإيجابية على صحتك العامة".
هل التمرين على معدة فارغة يساعدك على فقدان المزيد من الوزن؟
اختلفت الدراسات السابقة في تحديد ما إذا كانت ممارسة التمارين الرياضية قبل الإفطار تساعد على المزيد من فقدان الوزن أم لا، تشير الأبحاث من عام 2016 إلى فوائد التمرين في حالة الصيام من حيث إدارة الوزن، وجدت الدراسة التي شملت 12 رجلاً أنّ أولئك الذين لم يتناولوا وجبة الإفطار قبل ممارسة التمارين الرياضية أحرقوا المزيد من الدهون، وقلَّلوا من السعرات الحرارية خلال 24 ساعة.
لكن هناك أبحاث أخرى تبدد هذه النظرية، فقد وجدت دراسة أجريت على 20 امرأة عام 2014 عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية في تغيرات تكوين الجسم بين المجموعات التي أكلت أو صامت قبل التمرين. كجزء من الدراسة قام الباحثون بقياس وزن الجسم، ونسبة الدهون في الجسم، ومحيط الخصر على مدى أربعة أسابيع، وفي نهاية الدراسة تبين أن كلتا المجموعتين فقدتا وزن الجسم وكتلة الدهون.
فوائد صحية عميقة
وقد أكدت دراسة الدكتور جونزاليس وزملائه أنه لا يوجد تغيير يُذكر في الوزن، لكن هناك فوائد صحية أعمق، فقد أحرق المشاركون الذين مارسوا التمارين الرياضية قبل الإفطار ضعف كمية الدهون التي أحرقوها بعد تناول الوجبة نفسها، هناك سبب بسيط لذلك: عندما يصوم الأشخاص أثناء الليل تكون لديهم مستويات أقل من الأنسولين أثناء التمرين، مما يسمح لجسمهم باستخدام المزيد من الدهون.
يُضيف الدكتور جونزاليس: "الأهم من ذلك، أن هذا إن لم يكن له أي تأثير على فقدان الوزن، إلا أنه أدى إلى تحسن كبير في صحتهم بشكل عام".
استجابت عضلات أولئك الذين مارسوا التمرينات قبل الإفطار بشكل أفضل للأنسولين، مما أدى إلى تحسين التحكم في مستويات السكر في الدم بأجسامهم.
وهو التأثير الذي وصفه الدكتور جونزاليس بأنه رائع للغاية، بالنظر إلى أن مجموعتي التمرين خسرتا قدراً مماثلاً من الوزن، وحصلت كلتاهما على قدر مماثل من اللياقة، لكن من جهة أخرى أظهرت عضلات المجموعة التي مارست التمرينات الرياضية قبل وجبة الإفطار زيادة أكبر في بعض البروتينات، خاصة تلك المسؤولة عن توصيل الجلوكوز إلى العضلات، وكان الأمر الأكثر بروزاً هو حقيقة أن أولئك الذين تناولوا وجبة الإفطار قبل ممارسة الرياضة لم يكونوا أفضل حالاً من حيث استجابة الأنسولين، بعد تناولهم الطعام مقارنة بالمجموعة الأخرى.
يقول الدكتور جاريث واليس، مؤلف مشارك في الدراسة من الجامعة "يُشير هذا العمل إلى أن أداء التمرينات في حالة الصيام يمكن أن يزيد من الفوائد الصحية للتمرينات الرياضية التي يحصل عليها الأشخاص، دون تغيير درجة شدتها أو مدتها.
لكن تظل هذه النتائج محدَّدة بالجنس، حيث عمل الباحثون فقط مع الرجال، لذلك ستحتاج دراسات أخرى إلى تكرار التجربة نفسها لدى النساء، لمعرفة ما إذا كنّ يستفدن أيضاً من التدريبات قبل وجبة الإفطار، كذلك كان الإفطار الذي تناوله المشاركون غنياً بالكربوهيدرات، لذلك قد تحتاج الأبحاث المستقبلية أيضاً إلى فحص ما إذا كانت وجبات الكربوهيدرات المنخفضة تؤدي إلى نفس التأثيرات.
ومع ذلك، فإن الصيام من الليل للصباح وممارسة الرياضة قبل الإفطار يمكن أن يكون المفتاح لزيادة فاعلية التمرينات لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.