الشعور بالوحدة مؤلم لدرجة أنه يمكن أن يؤثر على صحتك، لكنه في الوقت ذاته قد لا يكون أمراً سيئاً؛ إذ يقول الخبراء إنه بإمكان بقائك وحيداً إفادة علاقاتك الاجتماعية، وتحسين إبداعك وثقتك بنفسك، ومساعدتك على تنظيم مشاعرك لتتمكّن من التعامل بشكلٍ أفضل مع مختلف المواقف.
كيف أتخلص من الشعور بالوحدة إذا قررت البقاء وحيداً؟
في البداية يجب أن تعرف أن العزلة ليست جيدة دائماً، إلا في حال كنت منفتحاً على نفسك ومدركاً أن البقاء وحيداً ليس بالضرورة أن يكون سلبياً، بل ربما يكون لأسباب مقنعة ستفيدك في حياتك.
فالعزلة قد يكون لها تأثيرٌ مهدّئ لأنفسنا ويُجهّزنا للتعامل مع الآخرين بصورةٍ أفضل، كما تساعدنا في تنظيم مشاعرنا.
وربما تكون هناك بعض المزايا العقلية والعاطفية والاجتماعية لاختيارك قضاء الوقت في فعل الأشياء بمفردك، لكن الطريقة الرئيسية للفائدة تكمُن في اختيارك الانفراد بنفسك.
لماذا يصعُب قضاء الوقت بمفردك؟
روبرت كوبلان، عالم النفس التطويري وأستاذ علم النفس بجامعة كارلتون قال: "تاريخياً، تمتّعت العزلة بسمعةٍ شديدة السوء"، لأنها كانت تُستخدم أحياناً بوصفها شكلاً من أشكال العقاب وفق ما أوردته صحيفة New York Times الأمريكية.
وأضاف أن سبب المشكلة هو أننا نُغفِل حقيقة أنّ العزلة يُمكن أن تكون اختيارية، ولا يجب أن تكون دائمة.
كما أن وجود العديد من الأبحاث التي تُبرهِن على أن البشر كائناتٌ اجتماعية تستفيد من التفاعل مع الآخرين، دفع بالكثير من الأشخاص إلى محاولة إنكار أهمية قضاء الوقت بمفردك. وصار من الصعب عليهم تخيّل قدرة الشخص على الاستفادة من كليهما.
لا تجعل عزلتك بسبب شخص ما
يجعل بعض الناس تجربة عُزلتهم تدور بالكامل حول أشخاصٍ آخرين، إذ كشفت الأبحاث أنّ الناس يشعرون عادةً بكبتٍ يمنعهم من الاستمتاع بالأنشطة بمفردهم، خاصةً من يعتقدون أن الآخرين يراقبونهم.
والمبالغة في تقدير مدى تركيز الناس معنا، والقلق من تعرُّضنا لأحكامهم علينا؛ هي مشاعرٌ يُمكن أن تُثنينا عن فعل الأشياء التي تجلب لنا البهجة.
ويُمكن أن تُثير خوفك مشاعر مثل الانفراد بنفسك مع أفكارك، ومنح نفسك المساحة والوقت المفتوح ليتجوّل عقلك دون مُشتّتاتٍ اجتماعية.
لماذا من الجيد أن ننفرد بأنفسنا؟
الاستمتاع بمزايا قضاء الوقت بمفردك لا يتعلَّق بكونك انطوائياً أو مُنفتحاً، إذ إن الأشخاص الذين يُقدِّرون العزلة، ويميلون إلى تجاهل رغباتهم سعياً لإرضاء الآخرين، يجدون الانفراد بأنفسهم أكثر متعة.
وتُعَدُّ حرية عدم الاضطرار للسير على خُطى الآخرين، دون "ضغطٍ لفعل شيء أو الحديث إلى أحد أو الالتزام بالتخطيط مع الآخرين"، لعلاج الضغط وتفكيكه حتى لدى الأشخاص الاجتماعيين بشكل كبير.
كما أنّ قضاء الوقت مع أفكارك دون مُشتِّتاتٍ اجتماعية يُمكن أن يكون أمراً مُنعشاً ويبني ثقتك بنفسك، ويُسهِّل عليك الحفاظ على الحدود.
علاوةً على أنَّ ذلك يُمكن أن يُعزِّز من إنتاجيتك، وانخراطك مع الآخرين، وإبداعك.
كيف نفعل ذلك؟
- بتحريف القاعدة الذهبية: عامل نفسك كما تُحب أن تُعامل الآخرين. لا تكُن غريب الأطوار وكُن مُنفتحاً على استكشاف اهتمامات جديدة.
- اترك مساحةً خاليةً في حياتك وخصِّص لها بعض الوقت، حتى لو اقتصر الأمر على قضاء 30 دقيقة أسبوعياً للقراءة في أحد المقاهي.
- اتخذ خطوات قصيرة إذا كُنت قد بدأت للتو.
- إن الوقت الذي تقضيه بمفردك يُمثِّل فرصةً عظيمة لاستكشاف الاهتمامات الجديدة.
- في حال كانت فكرة قضاء الوقت بمفردك مُرهقةً ومُثيرةً للتوتُّر بشكلٍ خاص؛ فربما كانت تلك علامةً مهمةً على حاجتك للمساعدة الطبية.
- إذا كنت تجد صعوبةً في الاستماع إلى الأفكار التي تدور داخل عقلك؛ يُمكن أن يكون تدوين اليوميات وسيلةً رائعة للتغلُّب على تلك المشاعر وتقييمها.
- حاول ألا تقضي الوقت على هاتفك، لأنَّه يُمثِّل مصدر تشتيتٍ كبير.