كثير من الأطفال الصغار خجولون بشكل طبيعي عند مواجهة مواقف جديدة. فقد تجد الطفل يتشبث بوالدته، أو يبكي في المواقف الاجتماعية، أو يحاول جسدياً تجنب التفاعل الاجتماعي عن طريق إخفاء رأسه أو الابتعاد أو إغلاق عينيه.
ولكن ماذا تفعل عندما تواجه الخجل الشديد لدى الأطفال أو إذا كان لديك طفل خجول للغاية؟ ماذا لو منعه الخجل من التفاعل مع الأطفال الآخرين والاستمتاع باللعب معهم؟ ماذا لو كان الخجل يمنعه من المشاركة في الأنشطة مع زملائه في الروضة أو المدرسة؟
ولنتعرف في التقرير على الخجل، وسبل التغلب عليه، وكيف تعرفين أن طفلك يعاني من الخجل الشديد
ما هو الخجل الشديد لدى الأطفال؟ وما الذي يسببه؟
الخجل هو سمة شخصية طبيعية شائعة النمو بين الأطفال الصغار، وهي استجابة طبيعية لما قد يبدو موقفاً مخيفاً.
تشير التقديرات إلى أن ما بين 20٪ و48٪ من الناس لديهم شخصيات خجولة، وقد أظهرت بعض الدراسات أن ما يقرب من نصف المراهقين يصفون أنفسهم بأنهم خجولون. بالنسبة للعديد من الأطفال والمراهقين وحتى البالغين، فإن الخجل هو ببساطة سمة شخصية.
يولد معظم الأطفال الخجولين بهذه الطريقة، على الرغم من أن التجارب السلبية يمكن أن يكون لها أيضاً دور. فإن أظهر طفلك سلوك الخجل فجأة، فقد يكون هناك ما أثار ذلك، وبالتالي يحتاج إلى مساعدة لتجاوزه.
يمكن أن تحدث مستويات مختلفة من الخجل خلال نمو الطفل، وفقاً لخبراء الطفولة المبكرة. على سبيل المثال، يكون الأطفال خائفين بشكل طبيعي من البالغين الجدد، وفي سن الرابعة أو الخامسة، يمكن أن يصاب الأطفال بالخجل الواعي أو الخوف من الحرج.
عادة، يزول الخجل تدريجياً مع تقدم الأطفال في السن وتجربة مجموعة متنوعة من المواقف الجديدة. لكن الطفل المصاب بالخجل الشديد قد يستغرق وقتاً أطول للاعتياد على الأشخاص أو المواقف، وقد يحتاج للمساعدة للتغلب على الخجل.
كيف تعرفين أن طفلك يعاني من الخجل الشديد؟
قد يظهر الطفل الخجول جداً، مزيجاً من السلوكيات عند تواجده في مكان غير مألوف أو التقائه بشخص غريب، وتشمل تلك السلوكيات:
– نادراً ما يتحدث من تلقاء نفسه.
– لا يرد عادةً عندما يسأله شخص عن أي شيء.
– يتبع التوجيهات المكتوبة في حين لا يستجيب لها شفهياً.
– عندما يتحدث تكاد لا تسمع صوته.
– يبتعد حينما يتحدث إليه الآخرون، ولا يتواصل معهم بصرياً.
– كثيراً ما ينظر إلى الأرض.
– لا يشارك مع زملائه في اللعب أو الأنشطة التعليمية.
– يرفض الدخول إلى مكان جديد دون أحد والديه.
– لديه مشكلة في تكوين الصداقات.
– يتجنب الذهاب إلى حفلات أعياد الميلاد أو ممارسة الرياضة.
متى يصبح الخجل مشكلة؟
قد يكون سلوك الطفل الخجول مشكلة إذا كان يسبب له أو لكِ الكثير من الضيق، أو يعيق الحياة اليومية، على سبيل المثال إذا كان طفلك لا يريد الخروج أو الذهاب لأي مكان إلا معكِ بسبب خجله.
وبالطبع يكون الخجل مشكلة إذا شعر طفلك بالوحدة، ومع ذلك لا يعرف كيف ينضم إلى أطفال آخرين أثناء اللعب. وقد يسبب الخجل أيضاً مشكلة إذا شعر الطفل أنه لا يستطيع الإجابة أو طرح سؤال في الفصل.
ما الذي يمكنك فعله لمساعدة طفلك الخجول؟
بصفتك أمه، ضعي في اعتبارك أولاً أن طفلك لا يخجل من العناد، لذلك لا ينبغي أن يعاقب على سلوكه الخجول. بدلاً من ذلك، فكري في التعامل مع الخجل كأي عملية تعلم أخرى، مثل تعلم القراءة. المفتاح هو التحلي بالصبر واللطف والتفاهم مع طفلك وأنت تزيدين من ثقته.
كما عليكِ أن تعلمي أنكِ لن تحوليه إلى فراشة اجتماعية، ولكن، لا يزال بإمكانك أن تساعديه في علم كيفية التعامل في البيئات الاجتماعية وبناء العلاقات.
ونستعرض الآن بعض النصائح التي يمكنك اتباعها لمساعدة طفلك الخجول:
– لا تصنفي طفلك على أنه خجول
حينما تصفين طفلك بأنه خجول، فأنت بذلك تجردينه من صفاته العديدة الأخرى، كذلك يعزز هذا التصرف من إحساس الطفل بأنه خجول، مما يجعله مستمراً في خجله دون بذل مجهود للتغيير.
بدلاً من وصف طفلك بالخجول، يمكنك اللجوء إلى طريقة أخرى مثل القول بأنه يحتاج فقط إلى بعض الوقت للتعود على المواقف الجديدة.
– عززي ثقة طفلك ورضاه عن ذاته
الأطفال الذين يشعرون بالرضا عن أنفسهم هم أقل عرضة للخجل. حددي نقاط القوة لدى طفلك والبناء عليها. هل هو مبدع؟ هل يحب ممارسة الرياضة؟ إن تشجيع هذه المهارات سوف يسمح لطفلك برؤية نفسه كفرد موهوب وقادر. هذا الشعور بالثقة يمكن أن يساعده في أن يصبح أكثر شجاعة في المواقف الاجتماعية.
– علمي طفلك المهارات الاجتماعية
يقع العديد من الأطفال الخجولين في شرك حلقة مفرغة تمنعهم من التواصل مع الأطفال الآخرين، لأنهم يشعرون بعدم الارتياح في الأوساط الاجتماعية، فيتجنبون التفاعل مع أقرانهم. هذا يعني أنهم لا يتدربون على التحدث واللعب مع أطفال آخرين، وبالتالي يكون لديهم فرصة أقل لتطوير المهارات الاجتماعية، بما في ذلك إجراء محادثات.
يمكنك تعليم طفلك العديد من المهارات الاجتماعية التي يمكن أن تساعده في التغلب على الخجل. يمكنك تعليمه كيفية مقابلة أناس جدد، وتحية الآخرين، وبدء المحادثات، والانضمام إلى اللعب. يمكنك استخدام الدمى والشخصيات المحببة للعب مواقف مختلفة.
– ساعدي طفلك على الالتقاء وتكوين صداقات
حاولي تعريض طفلك لأطفال جدد، ولكن بشكل تدريجي. على سبيل المثال، يمكنك زيارة متنزه يلعب فيه نفس الأطفال بشكل منتظم. لا تجبريه على التفاعل مع أطفال غير مألوفين على الفور، وتأكدي من إعطائه الكثير من الوقت للاعتياد.
بعد ذلك، رتبي مواعيد اللعب له في المنزل، حيث يشعر بالراحة والأمان. خلال التفاعلات الأولى، أعطي طفلك الكلمات التي يحتاجها للتحدث مع أصدقاء جدد، أو شاركي مع طفلك والآخرين في الحديث أولاً وحاوري طفلك خلال ذلك حتى يتمكن من الاندماج في الحديث.
– حددي بعض الأهداف والمكافآت
اعملي مع طفلك على تحديد بعض السلوكيات كأهداف، وتابعي تقدمه فيها، ومن الأفضل أن تبدأ صغيرة وتزداد تدريجياً. فعلى سبيل المثال، اجعلي الهدف الأول أن يلقي طفلك السلام على أحد الجيران، وعندما يحققه، انتقلي لهدف جديد، ولا تنسي الثناء عليه وتشجيعه.
ولكن، أيضاً، احرصي على ألا تبالغي في مدح وثناء طفلك أمام الآخرين وفي الأماكن العامة، فمن المحتمل أن يسبب هذا الإحراج لطفلك.