كيف تطورنا إلى السمنة؟ بروتين طوَّره أسلافنا للنجاة من المجاعات يُربك أجسادنا الآن

البشر يزدادون سمنة، ولكن هناك دراسة تشير إلى مفارقة مثيرة، وهي أن وباء السمنة قد يكون مدفوعاً بخدعة حيوية طورناها لحمايتنا من التضوّر جوعاً حتى الموت

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/07/21 الساعة 12:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/21 الساعة 12:18 بتوقيت غرينتش
بروتين طوَّره أسلافنا للنجاة من المجاعات يُربك أجسادنا الآن

البشر يزدادون سمنة، ولكن هناك دراسة تشير إلى مفارقة مثيرة، وهي أن وباء السمنة قد يكون مدفوعاً بخدعة حيوية طورناها لحمايتنا من التضوّر جوعاً حتى الموت.

المشكلة أن الإفراط في تناول الطعام يضع ضغطاً على الجسم مشابهاً، نوعاً ما، للضغط الناتج عن الجوع، ويحفز وضع النجاة من الجوع، وهو ما يجعل أجسادنا تخزّن دهوناً أكثر. 

اكتشف العلماء بجامعة نيويورك بروتين الخلايا الدهنية، الذي يحافظ عليها من التكسّر عند تعرُّض أجسادنا للضغط. 

بحسب صحيفة Daily Mail البريطانية، يحاول الباحثون الآن تصميم طريقة لتعطيل هذا البروتين وإبقاء آليات الجسم الدفاعية ضد الجوع بعيداً عن التدخل في عمل أنظمة وجراحات إنقاص الوزن.

اكتساب الوزن أمر أكثر تعقيداً  

يعاني أكثر من 70% من الأمريكيين زيادة الوزن أو السمنة، وهو ما يجعلهم عرضة للإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري، وأمراض القلب والموت المبكر، على سبيل المثال لا الحصر. 

ويرجع سبب استعداد الجسم للسمنة جزئياً إلى العوامل الوراثية، كما أن هناك عديداً من عوامل نمط المعيشة قد تتسبب في ذلك. 

وتعتبر الحِمية الغذائية الغربية من أكبر المساهمين في انتشار وباء السمنة، حيث أُثبت أن الأطعمة المصنَّعة تشجع على الإفراط في تناول الطعام. 

بالإضافة إلى ذلك، يتمتع الأمريكيون وسكان ما لا يقل عن 45 دولة أخرى بنمط معيشة مستقر، من دون نشاط جسدي كافٍ، ولا تواتيهم كثير من الفرص للتخلص من الوزن الزائد. 

ولكن التمثيل الغذائي واكتساب الوزن أمران أكثر تعقيداً من مجرد "أكل أقل وحركة أكثر". 

وبدا ذلك واضحاً في دراسة أُجريت عام 2016 على المتسابقين في البرنامج التلفزيوني "The Biggest Loser".  

بعد ست سنوات من الحِمية الغذائية المكثفة وممارسة التمرينات بانتظام طوال ستة أسابيع للمنافسة، استعاد معظم المتسابقين الأربعة عَشر الوزن الزائد مجدداً، وأصبح تمثيلهم الغذائي أبطأ، ويعانون تغيرات هرمونية تجعلهم يشعرون بالجوع أكثر من ذي قبل. 

كان الأمر محبطاً، ولكن النتائج مثيرة للاهتمام.

المشكلة  ذات شقين

والآن، ألقت دراسة لاحقة بعض الضوء على إمكانية خيانة أجسادنا لنا حتى مع بذل أفضل الجهود لمكافحة السمنة. 

فحص العلماء بروتيناً اسمه RAGE، ويوجد البروتين على سطح الخلايا الدهنية في الثدييات. 

ووظيفته هي الحفاظ على مخزون الدهون بحيث تكون هناك وفرة منه عند حاجتنا إليها، مثلما هو الحال عندما تُرسل إشارات الأدرينالين بحاجتنا إلى طاقة إضافية للهروب من خطر ما، أو عند الشعور بالبرودة الشديدة، أو الجوع، أو الذعر. 

ولكن من يعانون السمنة، أو الشيخوخة أو مرض السكري، تتكون عندهم النواتج النهائية لعملية الغليكيشن المتقدمة (AGEs) في مجرى الدم. 

في السن الأصغر، تتراكم تلك المواد عندما تتناول أنواعاً معينة من الأطعمة أو المطهوة في درجات حرارة عالية. 

وبالنسبة لمن يعانون السمنة، فإن المشكلة تكون ذات شقين على الأرجح: الأول أن نظامهم الغذائي يحتوي بشكل كبير على تلك الأنواع من الأطعمة، والثاني أن السمنة نفسها تؤدي إلى الإجهاد التأكسدي والالتهابات، من خلال محاكاة العملية الطبيعية للشيخوخة أو الحالة المَرَضية للسكري. 

قالت آن ماري شميدت، كاتبة الدراسة وأستاذة الغدد الصماء بجامعة نيويورك، لموقع DailyMail.com: "عادة ما تزيل أجسادنا تلك المُركبات (AGEs) بشكل جيد، ولكن هناك جوانب للسمنة لم نفهمها جيداً حتى الآن، ولكنها تعطل تلك الآليات الوقائية". 

ووجد الباحثون بجامعة نيويورك أن تلك المُركبات (AGEs) تنشّط بروتين RAGE على سطح الخلايا الدهنية، وتفعل وضع الحماية، وتحافظ على الخلايا الدهنية الزائدة.

يعمل بروتين RAGE  في ذلك الوقت بمثابة "مكابح التمثيل الغذائي"، ويثبّط قدرتنا على حرق الدهون من أجل الحصول على الطاقة.

التطور ينقلب على نفسه 

قالت د. شميدت: "الأطعمة والعناصر الغذائية لم تكن أموراً قابلة للتنبؤ، لذا كانت القدرة على تخزين الطاقة تعتبر ميزة". 

واستدركت: "ولكن عندما تتوافر العناصر الغذائية بهذا الكم الكبير ولا تزال مستقبِلات الحفاظ على الطاقة موجودة ونشطة، فإنها تثبّط أي جهود تحاول استهلاك مخزون الطاقة".

لذا، وضعت هدف مختبرها تعطيل البروتين RAGE ومنعه من إيقاف عملية الاستهلاك الطبيعي لمخزون الطاقة.

في الواقع، تتابع د. شميدت وفريق متعدد التخصصات مسارات بروتين RAGE، في أبحاثهم منذ 1992. 

وقالت: "إننا نعمل بكل جهدنا على هذا الأمر، نحاول الوصول إلى تركيبة دواء مناسبة منذ كثير وكثير من السنين حتى الآن، ونرى إمكانات إيجابية بناء على التجارب على الحيوانات".  

وأضافت: "بالتأكيد عند إجراء التجارب على الحيوانات قد لا نرى دائماً النتائج نفسها على البشر. ولكن هناك فرص وهناك أمل، وقد نضع نهاية للسمنة المحيّرة". 

وتأمل د. شميدت أن يكون لديهم عقار جاهز للمرحلة الأولى من التجارب السريرية خلال خمس سنوات، وأن تجرى التجارب على عينة صغيرة من المرضى. 

وقالت: "الأمور تتقدم بشكل رائع، نحتاج فقط الحصول على التركيبة الصحيحة، التي تلبي كل المعايير والمتطلبات"، واختتمت: "إننا ملتزمون المضي قدماً في ذلك حتى النهاية".

علامات:
تحميل المزيد