أسباب سرطان الثدي متنوعة، فقد يكون السبب وراثياً وقد يحدث المرض بفعل السمنة المفرطة، كما أن خللاً في الهرمونات قد يكون عاملاً مسبباً أيضاً.
لكن هناك دراسات حديثة تقترح أن عادات النوم أيضاً قد تكون أحد العوامل المسببة لمرض سرطان الثدي.
فبحسب شبكة CNN الأمريكية، وُجد أن النساء اللاتي قلن إنهن يفضلن النهوض من فراشهن مبكراً، أقل عرضةً للإصابة بمرض السرطان من هؤلاء اللاتي يفضلن السهر حتى وقت متأخر.
فما مدى دقة هذه الدراسات؟
هل يعتبر السهر حتى وقت متأخر من أسباب سرطان الثدي؟
من المعروف أن هناك عوامل تشكل خطورةً أكبر من عادات النوم في الإصابة بمرض السرطان مثل تناول الكحوليات والسمنة المفرطة.
وبناء على ذلك، يعتقد بعض الخبراء أنه لا جدوى من تغيير عادات النوم.
لكن، من جهة أخرى، أشارت الإحصائيات إلى أن سيدة من بين كل 100 امرأة، قالت إنها تستيقظ مبكراً، أُصيبت بمرض سرطان الثدي، مقارنةً بسيدتين من بين كل 100 سيدة تقول إنها تحب السهر حتى وقتٍ متأخر من الليل، وفقاً للدراسة التي نُشرت الأربعاء 26 يونيو/حزيران 2019، في مجلة The BMJ.
كما وجدت الدراسة أيضاً أن النوم وقتاً أطول من متوسط عدد ساعات 7 إلى 8 ساعات يومياً يزيد مخاطر الإصابة بمرض سرطان الثدي بنسبة طفيفة.
ووجدت الدراسة كذلك أنه إجمالاً هناك علاقة ضعيفة بين مرض سرطان الثدي والأرق.
ما بين مؤيد ومعارض
استخدم الباحثون معلومات تتعلق بأكثر من 400 ألف امرأة في بنكَي معلومات كبيرين: نحو 180 ألف امرأة من UK Biobank، وأكثر من 220 ألف امرأة من The Breast Cancer Association Consortium.
وشملت البيانات تفضيلات المشاركات بشأن الاستيقاظ مبكراً أو في وقتٍ متأخر من اليوم.
وقال لوكا ماجناني، وهو زميل باحث بقسم الجراحة وأمراض السرطان في الكلية الإمبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب لمنظمة مركز إعلام العلوم: "من المهم الإشارة إلى أن هذه البيانات لا تقترح بأي حالٍ من الأحوال، أن تغيير عادات النوم قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تقليل مخاطر الإصابة بمرض سرطان الثدي".
وتابع: "ما تشير إليه الدراسة هو أن مخاطر الإصابة بسرطان الثدي تتعلق بعوامل جينية (ومن ثم، لا يمكن تعديلها) والتي تتعلق، في الوقت ذاته، بتفضيلات (الاستيقاظ مبكراً) أو (السهر حتى وقت متأخر من الليل)".
أما دايبندر جيل، وهو زميل باحث بعيادة ويلكم ترست في الكلية الإمبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب، فقد قال إن الدراسة تمثل "تطوراً مفيداً في مجال الطب".
كما أنها تعزز نتائج دراسات سابقة تقترح وجود علاقة بين سلوكيات النوم ومخاطر الإصابة بأضرار صحية.
وقال إن تحسين نمط النوم، في هذه الحالة، لن يقلل بالضرورة مخاطر الإصابة بسرطان الثدي. وتابع: "لا يزال أمامنا بعض الوقت قبل أن نفهم تماماً تداعيات أنماط النوم على الصحة".
جيناتك تتحكم في عادات نومك
الرسالة الأساسية من هذه الدراسات هي أن الناس ربما لا يعون بشكلٍ كامل، أن النوم مهمٌ للغاية وأن فوائده الصحية تتجاوز عدم الشعور بالإرهاق الجسدي أو تحفيز النشاط الإدراكي وخلافه.
فالعوامل الرئيسية التي نعلم بوضوحٍ أن لها علاقة بالإصابة بسرطان الثدي، هي تناول المشروبات الكحولية والسمنة المفرطة أو ارتفاع مؤشر كتلة الجسم.
لكن مع ذلك، من المرجح أن يكون النوم عامل خطر رئيسياً في الإصابة بسرطان الثدي، لكنه لا يصل إلى أهمية العوامل الأخرى المعروفة.
بات معروفاً حالياً أن جيناتنا تؤثر في تفضيلات استيقاظنا مبكراً من عدمه، وأن تفضيلات النوم في وقتٍ معين تؤثر ليس فقط في أنماط نومنا، بل أيضاً في مستوى الهرمونات ودرجة حرارة الجسم.
غير أن تفضيلات أوقات النوم ليست وراثية بالكامل.
إذ إن هناك عوامل أخرى تتعلق بنمط حياة الأشخاص مثل الحِمية الغذائية، والأنشطة اليومية، والتعرض لضوء صناعي، كل ذلك يؤثر أيضاً في تفضيلات أوقات النوم.
وبشكل عام، فإن الأشخاص الذين لا يوجد توافق بين تفضيلات أوقات نومهم وأنشطتهم اليومية، هم الأكثر عرضةً للإصابة بمخاطرٍ صحية.