أثار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، جدلاً واسعاً حول آداب المرض بعد أن طلب من أحد مساعديه مغادرة المكتب البيضاوي؛ لأنَّه سعل خلال مقابلة صحيفة مع الرئيس. وقد شاركه كثيرون غضبه؛ فما هو إذاً التصرف الصحيح في هذه الحالة؟
توجه ترامب بالحديث لميك مولفاني، القائم بأعمال كبير موظفي البيت الأبيض، بعد أن تنحنح وقال: "إن كنت ستسعل، فغادر الغرفة من فضلك".
وتابع: "لا يمكنك السعال هكذا… إنه يسعل وأنا في منتصف إجابتي. لا يُعجبني ذلك".
وقد اختلفت ردود فعل الجمهور على الإنترنت على وسم #MulvaneyCough، إذ مزح البعض قائلاً إنَّها المرة الأولى التي يمكننا فهم الرئيس المثير للجدل، فيما قال آخرون إنَّ ذلك يُظهر كم أنَّه "مدير متبلد المشاعر".
شاهد المقطع هنا:
شخصيات بارزة يزعجها العطس والسعال
وعلى الرغم من أنَّ غضب ترامب يبدو بسبب مقاطعته فحسب؛ فاستياؤه من السعال ليس مفاجئاً؛ فالرئيس يقر علناً بإصابته برهاب الجراثيم، وفق ما نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
ففي كتاب "The World According to Trump" المنشور في 2005، يُقتبس عن ترامب قوله: "أعني، لديهم تقارير طبية طيلة الوقت. صافِح أحدهم وسينتقل البرد أو الإنفلونزا إليك، أو ستُعدى بمرض ما. قد تُعدى بشتى أنواع الأمراض. من يدري ما الذي لا يمكنك الإصابة به؟".
لكن ترامب ليس الشخصية العامة الوحيدة التي تنفر من السعال والعطس، إذ يُقال إنَّ فينس مكمان، الرئيس الحالي للاتحاد العالمى للمصارعة الترفيهية، قد أرسى قاعدة تمنع العطس في محيطه.
وكذلك كانت كاثلين سيبيليوس، وزيرة الصحة والخدمات الإنسانية في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إذ وبخت مرةً صحفياً خلال مؤتمر، لعدم استخدامه مرفق يده لتغطية وجهه عندما عطس، وطلبت بشيء من المزاح إحضار مُطهِّر يدين، وأعطته درساً حول الطريقة الملائمة للعطس.
إذاً، ما هي أفضل الطرق التي يجب اتباعها عند العطس أو السعال في مكان عام؟
آداب المرض
تقول كريستال ل. بيلي، مديرة معهد واشنطن للإتيكيت: "الفكرة هي تجنُّب البشر بقدر المستطاع عند الرغبة في العطس أو السعال".
وتابعت: "في وقت ما، كنا نستخدم المناديل القماشية؛ لكن إن كانت المناديل الورقية متاحةً أو إن استطعت أن تعطس في مرفق يدك… فتأكَّد من حدوث ذلك، وأن تُحرِّك نفسك وفمك ووجهك في الاتجاه المقابل لأي شخص آخر".
وإن لم يكن ذلك ممكناً، في حال كنت بقطار مزدحم مثلاً، فإن بيلي تنصح باستخدام مرفقك لا يديك، وبذلك تتجنب نشر الجراثيم على الدرابزين أو الأسطح الأخرى التي قد يلامسها الآخرون.
لكن إن انتهى بك الأمر عاطساً أو ساعلاً بالقرب من شخص آخر، فتأسّف قائلاً: "عفواً".
وفي حال شعرتَ باقتراب نوبة سعال في قاعة السينما أو المسرح، فمن الأفضل على الأرجح أن تغادر الغرفة.
وتشير بيلي أيضاً إلى أنَّه في حالة كنتَ مريضاً، فسيكون تجنُّب المصافحة بالأيدي تصرفاً مهذباً للغاية، موضحة: "تحتاج أن تقول شيئاً؛ لا أن ترفض مصافحة أحدهم وحسب دون تفسيرٍ، لأنَّ ذلك سيكون خطأ كبيراً، لكن أعتقد أننا جميعاً نقدِّر عدم مصافحة شخص مريض".
وإن لم يلتزم شخص ما قواعد الاشتباك تلك، فإن بيلي تنصح بـ "طريقة العلكة".
وتتابع: "يمكن أن تعرض عليهم منديلاً، أو إرسال رسالة باستخدام مُطهِّر اليدين، كما لو قابلت شخصاً رائحة نَفَسِه سيئة فأخذت قطعة علكة ثم عرضت عليه قطعة"، مضيفةً: "بخلاف ذلك، لا يمكن التحكم في سلوك أحد سوى نفسك".
السبب الطبي لاتباع تلك الآداب
تقول الدكتورة تناجين هايلي-مريم، وهي أستاذة مساعدة في طب الطوارئ بجامعة جورج واشنطن، إن أفضل طريقة للحد من انتقال العدوى هو باحتوائها في شيء يمكن التخلص منه.
وتتابع: "أفضل ما يمكن هو استخدام منديل ورقي لاحتواء أي شيء يخرج في أثناء السعال أو العطس، ثم طيه بحيث يكون الجانب الملوث إلى الداخل".
يُعتبر الاتصال المباشر بالسوائل التي تخرج من جسد شخص مريض، سواء القطرات الصغيرة أو غيرهاـ من أكثر طرق الإصابة بالبرد شيوعاً؛ لكن أن تطلب من أحدهم مغادرة الغرفة ليسعل "ليس الطريقة المثلى" لتجنب انتقال العدوى، لأنَّ "السعال ليس الطريقة الوحيدة لانتقالها"، وفقاً لهايلي-مريم.
فإذا عادوا إلى محيطك ولمسوا أنوفهم ووجوههم، فلن تبقى في مأمن من العدوى.
وتضيف أنَّ الجسيمات الصغيرة، مثل الفيروسات، يمكنها أن تنتقل لما لا يزيد على 6 أقدام (1.8 متر) عند السعال أو العطس، في حين لا تستطيع القطرات الأكبر في العموم الانتقال لأكثر من 3 أقدام (90 سم). لكن إذا سعل شخص ما في يده أو بالهواء، فهذه الأجسام قد تستقر على الأشياء التي قد يلمسها الآخرون.
وفي العموم، لا تستطيع أغلب الجسيمات أن تصمد خارج الجسم فترة طويلة؛ لكن البعض يستطيع ذلك، مثل الجدري والسل.
ولكنها توضح أنَّه لكي تُصاب بالعدوى يجب أن يتوافر "قدر كبير" من البكتيريا أو الفيروسات، إذ تقول: "نعيش في عالم مليء بالمُعديات؛ لكن جسدك ماهر في التخلص من هذه الأشياء ما دامت غير طاغية".
غسل اليدين يغلق باب العدوى
إذاً، ما نصيحة الدكتورة هايلي-مريم؟ اغسل يديك؛ حتى وإن لم تكن مريضاً.
تقول موضحةً السبب: "لأنك ستلمس سطحاً سعل أو عطس عليه شخص آخر، أو وَضعَ عليه شيئاً عطس أو سعل فيه".
وتضيف: "عندما نكون مرضى، نجتهد في أن نصبح مواطنين ملتزمين الرغبة في منع نقل العدوى للآخرين، ونغسل أيدينا ونتخلص من مناديلنا وما إلى ذلك؛ لكننا في حال الصحة نحتاج إلى أن نكون على القدر نفسه من الالتزام تجاه غسل أيدينا".