تناول الطعام واقفاً يعطل براعم التذوق، والإجهاد يجعل المذاق سيئاً.. ماذا يقول العلم عن الإدراك الحسي للطعام والشراب؟

هذا ما تساءل بشأنه عدد من الباحثين في جامعة جنوب فلوريدا، ولفهم كيف يؤثر الانزعاج الجسدي على الإدراك الحسي للطعام والشراب، أجروا دراسة علمية

عربي بوست
تم النشر: 2019/06/15 الساعة 14:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/15 الساعة 14:25 بتوقيت غرينتش
العلم عن الإدراك الحسي للطعام والشراب

في الكثير من الأحيان، حينما نكون في عجلة من أمرنا، نلجأ إلى تناول وجبتنا سريعاً ونحن واقفين، كذلك نفعل أيضاً في بعض مطاعم الوجبات السريعة. ولكن، هل فكرت يوماً أن وقوفك أثناء تناولك للطعام على عجل يجعلك لا تتذوق بشكل جيد؟

هذا ما تساءل بشأنه عدد من الباحثين في جامعة جنوب فلوريدا، ولفهم كيف يؤثر الانزعاج الجسدي على الإدراك الحسي للطعام والشراب، أجروا دراسة علمية جديدة نشرت في مجلة Consumer Research.

فرضيات الدراسة

الكاتب الرئيسي للدراسة ديبايان بيسواس؛ دكتوراه في التسويق بجامعة جنوب فلوريدا، أراد

البحث حول كيفية تفاعل النظام الدهليزي المسؤول عن توازن الإنسان، ووضعية جسده، وتوجهه المكاني مع حاسة التذوق التي تتعرف على النكهة والمذاق.

فقد رأى أن الوقوف لبضع دقائق يعقبه الإجهاد البدني وكتم براعم التذوق. فالوقوف يجعل الدم يندفع إلى الأجزاء السفلية من الجسم بقوة الجاذبية، ما يجعل القلب يعمل بجهد أكبر لضخ الدم إلى الأجزاء العليا من الجسم، فيزداد معدل ضربات القلب.

يعمل هذا على تنشيط المحور الوطائي النخامي الكظري HPA، ويؤدي إلى زيادة تركيز هرمون الإجهاد الكورتيزول. تقل على إثر ذلك الاستجابة الحسية، ما يؤثر على تقييم مذاق الطعام والشراب، وإدراك درجة حرارة الطعام وحجم الاستهلاك الكلي.

ولذا، فعندما يشعر الناس بعدم الراحة، فإن الأطعمة التي عادةً ما تكون ذات مذاق جيد، لا تكون ممتعة أو جيدة المذاق.

آليات التجربة

أكد بيسواس فرضيته من خلال تقييم حوالي 350 مشتركاً في الدراسة خلال ست تجارب داخل أحد المعامل. انقسم المشاركون منهم من كان واقفاً، والآخرين كانوا جالسين. كان على المشاركين تقييم إجهادهم البدني والنفسي، ومقدار استمتاعهم بالطعام.

في البداية، قدم الباحثون للمشاركين قطع من شرائح بيتا (الخبز بعد تتبيله وتحميصه بزيت الزيتون في الفرن)، فأعطى أولئك الواقفون تقييماً أقل من الجالسين على كراسي مريحة.

ثم قد الباحثون للمشاركين قطعاً صغيرة من كعك البرونيز طيبة المذاق، وكان تقييم الجالسين لها أن مذاقها جيد للغاية.

ولكن بعد ذلك غير الطباخ الوصفة ليجعلها تبدو سيئة المذاق بإضافة ربع كوب إضافي من الملح، كانت النتيجة عكسية. فلم يلاحظ الواقفون تغير مذاق الكعك، كما أن تقييمهم كان أفضل من تقييم الجالسين في هذه الحالة.

خلال إحدى التجارب، أُعطي مجموعة من الواقفين مشروباً وهمياً من المفترض أن يؤدي للاسترخاء الجسدي، ثم قدم الباحثون لجميع المشاركين كعكات صغيرة. صنف أولئك الذين تناولوا المشروب المزيف الكعك بأن مذاقه طيباً أكثر ممن لم يشربوا، ولكن لم يرتقِ التصنيف للمذاق الذي شعر به الجالسون.

تأثير الإجهاد على المذاق، ووضعية الجسم على إدراك الحرارة

وسّع بيسواس الدراسة عن طريق إحداث ضغوط إضافية. وطالب المشاركين بتجربة وجبات خفيفة من الفاكهة أثناء حمل حقيبة تسوق، ومحاكاة ما يحدث عندما يحاول المرء أخذ عينات من محل بقالة أو في ساحة طعام.

أفاد كل من المشاركين سواء الجالسين أو الواقفين أن الوزن الإضافي جعل مذاق الأطعمة أسوأ، ما يعني أن الإجهاد البدني يجعل المذاق أسوأ.

بالإضافة لذلك، اختبر الفريق تأثير وضعية الجسم على إدراك درجة حرارة الطعام. فقدم الباحثون للمشاركين أكواباً من القهوة الساخنة.

أفاد الواقفون بأنه ليس ساخناً للدرجة التي أشار إليها الجالسون، إلا أنهم شربوا كمية أقل من الجالسين.

يشير هذا إلى أن الوقوف والإجهاد البدني يكبتان الشهية، ويمكن أن يساعدا على تحقيق فقدان الوزن على المدى البعيد. فالأكل أثناء الوقوف جعلنا نستهلك كمية أقل من التي نستهلكها أثناء الجلوس.

كيف يمكن الاستفادة من تلك التجربة على المستوى الشخصي؟

– إذا كان هناك طعام صحي ولكن مذاقه غير جيد، فمن الأفضل تناوله أثناء الوقوف، فهذا لن يشعرك بمذاقه السيئ بينما تستفيد من فوائده. وتنطبق تلك الحالة أيضاً على الأدوية سيئة المذاق، وتلك التي يرفضها الأطفال عادةً، فمن الأفضل أن تقدمها إليهم وهم واقفون.

– كذلك يمكنك بتلك الطريقة جعل الأطفال يتناولون الأطعمة التي لا يفضلون مذاقها وهم في وضع الوقوف، فهذا لن يجعلهم يتأففون من مذاقها.

– إذا كنت تخطط لفقدان الوزن، فيمكنك تناول طعامك واقفاً، فهذا يكبت الشهية، ويجعلك تتناول كميات أقل.

– إن اهتم أصحاب مطاعم الوجبات السريعة بنتائج التجربة، فيمكنهم زيادة رضا عملائهم بإضافة بضعة كراسي ليتناول العملاء الطعام جالسين فيستمتعون بمذاقه بشكل أفضل.

تحميل المزيد