على الرغم من أن السيدة الخمسينية قد عولِجت بفاعلية من مرض الاكتئاب، فإنها ظلت تعاني أعراضاً ترتبط به عادةً؛ مثل الإعياء، والنعاس، والخمول، رغم أنها كانت تعتقد أنها تحصل على قدر كافٍ من النوم.
ولأن الاكتئاب لم يعد السببَ في استمرار أعراضها المَرَضية، نصحها طبيبها النفسي باستشارة أخصائي اضطرابات النوم.
وعلى نحو مؤكد، كشف قضاؤها ليلة في مختبر النوم بكلية بيرلمان للطب في جامعة بنسلفانيا، حقيقة أنَه حين كانت السيدة نائمة، تعرضت للحظات استيقاظ متناهية القِصر عددها 18 مرة في الساعة؛ وهو ما أسفر عن نوم لا يُشبِع الجسد ولا الدماغ.
وعلى مدار الليل، كانت تتوقف عن التنفس أكثر من 10 ثوانٍ في المرة الواحدة، وهو ما تتبعه حالة من اليقظة القصيرة والشخير، في حين تلهث لالتقاط أنفاسها، لرفع مستوى الأكسجين الذي انخفضت مُعدلاته في جسدها.
وكان التشخيص كالآتي: انقطاع النفَس الانسدادي النومي، إنها حالة تزداد شيوعاً، لكن غالباً ما يجري إغفالها وعدم معالجتها، وتتسبب في تدني جودة الحياة وخطر الإصابة بأمراض القلب، والسكري، وحتى السرطان، وربما الأكثر أهمية من هذا كله هو رفع معدلات التعرض لحوادث السيارات، التي تكون مميتة في كثير من الأحيان، لثلاثة أضعاف.
انقطاع النفَس أثناء النوم يصيب النساء والرجال
وبحسب الأكاديمية الأمريكية لطب النوم، تُصيب حالة انقطاع النفَس الانسدادي النومي نحو 9% من النساء و24% من الرجال، ومُعظمهم في فترة مُنتصف العمر أو أكبر.
ومع ذلك، فإن نحو 9 من بين كل 10 أفراد بالغين مصابين بالمرض القابل للعلاج يُتركَون بلا تشخيص.
وتزداد معدلات الإصابة بهذه الحالة المَرَضية، لأن سببها الأكثر شيوعاً؛ وهو السِّمنة، تتواصل زيادة معدلاته على نحو مستمر بين البالغين.
وكتبت الطبيبتان سيغريد سي. فيسي، وإيلين إم روزين، بدورية The New England Journal of Medicine، في أبريل/نيسان 2019، أنَّ توقُّف التنفس في أثناء النوم يصيب أكثر من اثنين بين كل 5 أفراد ممن يرتفع مؤشر كتلة الجسم لديهم عن 30، وثلاثة بين كل خمسة بالغين يعانون متلازمة التمثيل الغذائي.
على الرغم من أن توقُّف التنفس في أثناء النوم يؤثر أحياناً في الأشخاص النحيفين الذين ربما يكون لديهم فك صغير أو لسان كبير على سبيل المثال، فإن زيادة الوزن المفرطة قد تسبب انسداد مجرى الهواء، بفعل الأنسجة الدهنية في اللسان والحلق عندما تسترخي عضلات الحنجرة في أثناء النوم.
ومن المحتمل أن يحدث هذا أكثر عندما ينام الناس على ظهورهم.
ويصيب السمين والنحيف على حد سواء
ويساعد فقدان الوزن على تجاوز الأمر، لكنه قد لا يعالج المشكلة في جميع الحالات.
روت الطبيبة روزين لصحيفة The New York Times حالة رجل في الأربعينيات من العمر عُولج من قصور القلب الاحتقاني، وفقد 40 رطلاً من وزنه (ما يعادل 27.2 كيلوغرام)، ومع ذلك، ظل مُتعَباً طوال الوقت.
وقالت زوجته إنَّه كان يعاني الشخير بصوت عال، لدرجة أنها كانت تضطر إلى ارتداء سدادات أذن ليلاً.
ثم قرأت عن توقُّف التنفس في أثناء النوم بمجلة، وأصرت على زيارة مختبر النوم.
وهناك، أظهر الفحص الذي يُجرى بالمبيت في المعمل، أن تنفُّسه قد توقف 45 مرة بالساعة؛ وهو ما تسبَّب في انخفاض مستوى الأكسجين بالدم ليلاً إلى 65% عن المعدل الطبيعي.
أعراض الإصابة بانقطاع النفَس الانسدادي النومي
والسؤال هو: كيف نعرف إذا كان لدينا انقطاع النفَس الانسدادي النومي إن لم يكن لدينا شريك يشكو من شخيرنا؟
أجابت سيغريد قائلة: "هناك مجموعة من الأعراض تبدأ بالنوم المضطرب مهما طالت مدة النوم؛ فحتى لو حاولت الحصول على قسط أكبر من النوم في العطلات، فستستيقظ مُفتقد إحساس الانتعاش أيضاً، وهذا النوم المُتقطع يتسبب في الشعور بأنك كنت مُستيقظاً طوال الليل".
ثم أضافت قائمة من العلامات الأخرى. لعل أكثرها دلالة:
أن تشعر بالنعاس خلال اليوم، خاصة عندما تكون جالساً دون نشاط بدني.
إذا نمت في غضون 10 دقائق من مُشاهدة فيلم، أو خلال حفلة موسيقية، أو عند مشاهدة التلفزيون.
أن تستيقظ أربع مرات أو أكثر في الليلة الواحدة للتبول (وهو ما يعني أن البروستاتا ليست الملامة عند الرجال على تكرار الذهاب للمرحاض).
أن تستيقظ في الصباح بفم جاف أو صداع.
أن تشعر باعتلال المزاج، وتكون سريع الانفعال وتجد صعوبة في التركيز.
أن يتباطأ وقت ردِّ فعلك وسرعتك في أداء المهام كما لو كنت أكبر بخمسة أعوام مما أنت عليه بالفعل.
وتقول سيغريد إنَ الذين يعانون بعض هذه الأعراض عليهم أن يلفتوا انتباه أطبائهم إليها.
وإذا كنت تفضِّل ألا تبني شكوكك على الأعراض وحدها، فيمكنك دعوة صديق مقرب لمشاركة الغرفة معك ليلة أو ليلتين، واسأله في الصباح ما إذا كان قد سمع شخيرك أو استيقظ بسببه، أو لاحَظ أن لهاثك الصاخب للهواء كان يأتي بعد ما يبدو أنه توقُّف طويل لتنفُّسك.
الشخير ليس الدليل الوحيد
وليس من الحتمي أن يكون صوت الشخير مرتفعاً ليكون عَرَضاً من أعراض توقُّف التنفس في أثناء النوم، لكن من المرجح أنه يكون غير منتظم ويتخلله توقف مؤقت.
والتشخيص الصحيح قد يكون مشكلة بالنسبة لملايين الناس الذين يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى مختبرات النوم الطبية، التي عادةً ما تكون موجودة في المراكز الطبية الرئيسة، وتكون مشكلة كذلك بالنسبة لمن ليس لديهم تأمين صحي يُغطي فحوص النوم المطلوبة.
هناك أيضاً خيار إجراء اختبار منزلي، وتتراوح تكلفته بين ثلث ونصف تكلفة الفحص في مختبر النوم.
ويعتمد هذا الاختبار على استخدام جهاز من دون أقطاب كهربائية يُسجِّل التنفس وتدفق الهواء ومستويات الأكسجين بالدم في أثناء النوم.
جهاز CPAP يُحسِّن النفَس
ومن الممكن علاج توقُّف التنفس في أثناء النوم بفاعلية باستخدام جهاز مُعَد للاستخدام الليلي يسمى CPAP، ويقوم بالضغط بالقدر الصحيح على مجرى الهواء باستمرار، لإبقائه منفتحاً عند عملية الشهيق والزفير.
ويستخدم الجهاز قناعاً يجب ارتداؤه بصورة صحيحة، لتشكيل قفل محكمٍ حول الأنف والفم.
مع الأسف؛ فإن كثيرين ممن يمكنهم الاستفادة من جهاز CPAP يفشلون في استخدامه باستمرار، إن استخدموه بالأساس.
يجد كثيرون أن الجهاز مزعج. ومع ذلك، يقول نحو ثلث المستخدمين الذين دأبوا على استخدامه، إنَّه غيَّر حياتهم كلياً، وأصبحوا الآن غير مستعدين للذهاب إلى أي مكان من دونه، لأنهم يشعرون بتحسُّن كبير معه.
وتقول الطبيبة سيغريد إنَّ أحد مرضاها اشترى مُوَلِّداً، حتى يتمكن من استخدام الجهاز في إجازته الصيفية.
واشترى مريض الطبيبة روزين أيضاً جهاز CPAP، الذي لم يُحسِّن حياته بأكملها فقط، بل حياة زوجته أيضاً، التي صار بإمكانها النوم طوال الليل دون انقطاع بسبب الشخير الصاخب.
وهناك حل جراحي مكلف
ثمة خيار علاج آخر وهو مُحفِّز العصب تحت اللسان، والذي يُزرَع جراحياً لتحريك اللسان إلى الأمام، والحفاظ على مجرى الهواء مفتوحاً في أثناء النوم.
وعلى الرغم من أنَّه لا يعمل على منع توقف التنفس كلياً، تقول الطبيبة سيغريد إنه يُحسِّن الحالة بالقدر الكافي لشعور المرضى بتحسن كبير.
ومع ذلك، يمكن أن تكون التغطية المادية التأمينية لهذا الإجراء مشكلة لبعض الناس.
وهناك خيارات أخرى تشمل جبيرة توضع في الفم، لدفع الفك السفلي إلى الأمام، واستخدام العقبات، مثل كُرات التنس الملصقة في ظهور المنامات، لمنع المرضى من النوم على ظهورهم.
بالنسبة لأولئك الذين يحتاجون خسارة الوزن، فإنَّ هذا مُهمٌّ، حتى مع استخدام جهاز مثل CPAP.
وخسارة الوزن عامل كبير للتحسن
كتبت الطبيبتان أنَّ أكثر من نصف الأشخاص الذين يعانون زيادة الوزن وتوقُّف التنفس في أثناء النوم المعتدل، يتحسنون بفقدان 22 رطلاً فقط من أوزانهم (ما يعادل 9.9 كيلوغرام).
لكنهما حذَّرتا من استخدام مواد مثل الكحول وبنزوديازيبين، والأفيونات؛ إذ بإمكانها زيادة الأمر سوءاً.