شهران من هذه الرياضة كفيلان بتنشيطها.. كيف تؤثر التمارين في ذاكرتنا؟

ممارسة تمرينٍ بسيط قادرة على تغيير كيفية عمل أدمغتنا فوراً، وقدرتنا على معرفة أسماء الأشياء والمعلومات. هذا ما توصلت إليه دراسة تربط بين التمرينات والذاكرة والتقدم في العمر، وتؤكد أن التمارين الرياضية تنشط الذاكرة

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/05/14 الساعة 04:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/13 الساعة 17:59 بتوقيت غرينتش
أظهرت الدراسات أنَّ التمرينات المنتظمة تزيد مع الوقت من حجم قرن آمون، وهو جزء أساسي من شبكات الذاكرة في الدماغ/ istock

ممارسة تمرينٍ بسيط قادرة على تغيير كيفية عمل أدمغتنا فوراً، وقدرتنا على معرفة أسماء الأشياء والمعلومات الأخرى المشابهة. هذا ما توصلت إليه دراسة واعدة جديدة تربط بين التمرينات والذاكرة والتقدم في العمر، وتؤكد أن التمارين الرياضية تنشط الذاكرة .

تضيف هذه الدراسة إلى الأدلة المتزايدة على تراكم هذه التأثيرات، التي تؤدي على المدى الطويل إلى تحسين كيفية عمل الدماغ وكيفية تذكرنا للأشياء.

أسلوب الحياة يؤثر في طريقة عمل الدماغ

حتى وقتٍ قريب، كان العلماء يعتقدون أنَّه بحلول سن الرشد، تصبح أدمغة البشر ثابتةً من حيث التركيب والوظائف، خاصةً عند مقارنتها بالأنسجة المرنة مثل العضلات التي تنمو باستمرار.

وتتأثر الأدمغة استجابةً للطريقة التي نعيش بها حياتنا، إلا أنَّ عديداً من التجارب الحديثة أثبتت أنَّ أدمغة البالغين في الحقيقة قابلة للتغيير، وهي تغيّر شكلها بعدة طرق اعتماداً على أسلوب حياتنا.

التمارين الرياضية تنشط الذاكرة

فمن المعروف أنَّ ممارسة التمرينات، على سبيل المثال، تؤثر في أدمغتنا.

وأظهرت التجارب المجراة على الحيوانات أنَّ التمرينات تزيد من إنتاج المواد الكيميائية العصبية وعدد الخلايا العصبية حديثة التكوين في الأدمغة الناضجة، وكذلك تحسن من قدرات الحيوان على التفكير.

بالمثل، أظهرت الدراسات على البشر أنَّ التمرينات المنتظمة تزيد مع الوقت من حجم قرن آمون، وهو جزء أساسي من شبكات الذاكرة في الدماغ.

بالإضافة إلى أنَّها تحسّن جوانب عديدة من التفكير لدى البشر، وفق ما نشرته صحيفة New York Times.

لكن، لا تزال هناك أسئلة جوهرية حول ممارسة التمرينات وتأثيرها على الدماغ، وضمن ذلك الإطارُ الزمني للتغييرات التي تطرأ، وما إذا كانت قصيرة المدى، أو تستمر باستمرار التمرين، أو تصبح دائمة.

المشي ثلاثة أشهر فقط يحسّن الذاكرة

هذا الموضوع بالتحديد استثار فضول العلماء في جامعة ماريلاند. وقد نشروا بالفعل دراسةً في عام 2013 على بالغين أكبر سنّاً، للبحث في التأثيرات طويلة المدى لممارسة التمارين على أجزاء من الدماغ مسؤولة عن معالجة الذاكرة الدلالية.

الذاكرة الدلالية، بشكلٍ أساسي، هي معرفتنا للعالم والثقافة التي نُعدُّ جزءاً منها.

وهي تمثل سياق حياتنا، بمثابة مجموع من مسميات الأشياء والمفاهيم، مثل ماهية اللون الأزرق.

ومن الممكن أيضاً أن تكون سريعة الزوال، فمع تقدم الأشخاص في العمر، غالباً ما تكون الذاكرة الدلالية واحدةً من أول أشكال الذاكرة التي تتلاشى.

لكنَّ علماء جامعة ماريلاند وجدوا في دراستهم السابقة أنَّ اتباع برنامج على المشَّاية الرياضية مدة 12 أسبوعاً غيَّر حجم أجزاء من الدماغ متعلقة بالذاكرة الدلالية.

فبعد أربعة أشهر من التمرين، أصبحت هذه الأجزاء أقل نشاطاً في أثناء إجراء اختبارات الذاكرة الدلالية، وهي نتيجة مرغوب فيها.

فالنشاط الأقل يشير إلى أنَّ المخ قد أصبح أكثر كفاءة في معالجة الذاكرة الدلالية نتيجةً لممارسة التمرينات، وهو ما يتطلب اللجوء إلى مصادر أقل للوصول إلى الذكريات.

ولكن ماذا يحدث خلال التمارين؟

أمَّا فيما يتعلق بالدراسة الجديدة التي نُشرت في أبريل/نيسان 2019، بدورية The Journal of the International Neuropsychological Society، فقد قرر العلماء الرجوع إلى أصل المسألة، وتحليل الخطوات المتعلقة بالوصول إلى تلك الحالة.

وأرادوا بالتحديد دراسة الكيفية التي قد يغير بها تمرين واحد الطريقة التي يعالج بها العقل الذكريات الدلالية.

لهذا الغرض، وظفوا 26 رجلاً وامرأة أصحاء تتراوح أعمارهم بين 55 و85 سنة، ولا يعانون مشكلاتٍ كبيرة تتعلق بالذاكرة، وطلبوا منهم زيارة معدل التمرينات مرتين.

وهناك، كانوا إما يستريحون في هدوء، وإما يركبون دراجة تمرين مدة 30 دقيقة، وهو تمرين أمل العلماء أنَّه سيحفزهم دون أن ينهكهم.

وبعد ذلك، يخضع المتطوعون لمسحٍ للدماغ بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي، ويشاهدون أسماء تظهر وتختفي في شاشة حاسوب فوق رؤوسهم. بعض الأسماء كانت مشهورة، في حين أنَّ الأسماء الأخرى كانت مأخوذة من دليل تليفونات محلي.

الأسماء المشهورة جزء أساسي من الذاكرة الدلالية، وقد طُلب من المتطوعين الضغط على زر واحد على الشاشة عند رؤيتهم لاسم شخص مشهور، وعلى زر آخر إن كان الاسم لشخص غير مألوف.

في الوقت نفسه، لاحظ الباحثون نشاط الدماغ والأجزاء المسؤولة عن معالجة الذاكرة الدلالية.

وقد توقع العلماء أنَّ الأجزاء المتعلقة بالذاكرة الدلالية ستعمل بشكلٍ أكثر هدوءاً بعد التمرين، تماماً مثل حالتها بعد أسابيع من التمرينات، حسب قول كارسون سميث، الأستاذ المساعد المتخصص بعلم الحركة ومدير "معمل التمرين من أجل صحة الدماغ" في كلية الصحة العامة بجامعة ماريلاند، وهو الأستاذ المشرف على الدراسة.

لكنَّ هذا لم يكن ما حدث. فبدلاً من ذلك، كانت أجزاء الدماغ المتعلقة بالذاكرة الدلالية تشهد نشاطاً أكبر بكثير لدى الأشخاص الذين تمرنوا مقارنةً بالذين كانوا جالسين في راحة.

الدماغ كالعضلات يحتاج التمارين ليكتسب لياقة

ويقول سميث إنَّه في البداية، كان العلماء مفاجئين ومتحيرين من النتائج. لكنَّهم بعد ذلك بدأوا يخلصون إلى أنَّهم كانوا يشاهدون بداية الاستجابة للتمرينات.

ويضيف سميث: "هناك تشابه مع ما يحدث مع العضلات".

فعندما يشرع الناس في التمرينات، تُجهد عضلاتهم وتسخن بفعل الطاقة.

لكن، عندما يصبحون أكثر لياقة، فإنَّ العضلات نفسها تستجيب بطريقة أكثر كفاءة، مستهلكةً قدراً أقل من الطاقة للقيام بالعمل نفسه.

هذا، ويشك العلماء في أنَّ الدماغ يعمل بالطريقة نفسها، وأنَّ زيادة النشاط بالدماغ بعد أول مرة من ممارسة التمرين هي بداية لإعادة تشكيل الأنسجة نفسها، وهو ما سيحسن من وظيفتها مع استمرار التمرين.

بعبارة أخرى، تصبح مراكز الذاكرة في عقولنا أكثر لياقة.

تحميل المزيد