من المثير للدهشة أن الأزياء المحتشمة لم تعد مجرد انعكاس لهويتنا الدينية والثقافية، بل تحوَّلت إلى موضة عالمية تبنَّاها الكثير من المصممين ودور الأزياء.
أزياء محتشمة تكتسح الأسواق العالمية
بحسب صحيفة The Independent البريطانية، بدأت الأزياء المحتشمة باكتساح الأسواق العالمية بشكل ملحوظ.
فقد أصبحت موضة رائجة، لدرجة أن نسبة البحث عن مصطلح "modest fashion" أي "الأزياء المحتشمة" على جوجل أصبحت قريبة من 149 مليون نتيجة، وهو رقم كبير نسبياً مقارنة بالأعوام الماضية.
في حين ذكر موقع Pinterest UK أن عمليات البحث عن هذا المصطلح ازدادت بنسبة 500% منذ بداية العام الجاري 2019.
كما أن قيمة سوق الملابس المحتشمة العالمية تبلغ بالفعل مليارات الدولارات، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم.
ويتنبأ مؤشر الاقتصاد الإسلامي العالمي أنه بحلول عام 2020 قد تبلغ قيمة هذه السوق أكثر من 293 مليار دولار أمريكي.
اليوم، أصبحت الأزياء المحتشمة موجودة في كل مكان، بداية من مقاطع الفيديو على يوتيوب مروراً بتشكيلات متاجر الأزياء، ووصولاً إلى عروض أزياء أشهر المصممين.
ما هي "الأزياء المحتشمة"؟
يمكن تفسير مصطلح "الأزياء المحتشمة" بعدد من التفسيرات المختلفة، لكنه عادةً ما يُستخدم لوصف الملابس التي تخفي شكل الجسم بدلاً من إبرازه.
ويمكن أن تشمل هذه الملابس الحجاب والبرقع، بالإضافة إلى القمصان والسراويل والسترات والفساتين ذات القصات الفضفاضة والمحتشمة.
وفي حين أنه قد يكون قرار ارتداء هذا النوع من الملابس لأسباب دينية أو ثقافية، إلا أنها يمكن ارتداؤها أيضاً للحصول على مظهر جمالي أكثر احتشاماً.
من ملابس تقليدية إلى أحدث صيحات الموضة
أدت الحاجة إلى المزيد من خيارات الملابس الأنيقة والعصرية المحتشمة، خاصةً في حالة الشابات المتدينات، إلى تنامي سوق الأزياء المحتشمة.
عدد كبير من مصممي الأزياء ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي المسلمين عملوا بجد لسدِّ الفجوة التي رصدوها في الأسواق، والتي لا تراعي النساء المحتشمات في أزيائها.
فبدأ هؤلاء بإنشاء متاجر تواكب الموضة وتناسب المحتشمات في الوقت نفسه، بالإضافة إلى استخدام منصاتهم على الإنترنت للتأثير على الرأي العام.
وفعلاً حقق هؤلاء نجاحاً غير متوقع.
فأصبح الإنستغرام مثلاً عامراً بحسابات المؤثرين المهتمين بالأزياء المحتشمة، بما في ذلك ماريا عليا وحبيبة دا سيلفا وديان بيلانجي.
كما حصلت ديان بيلانجي على لقب "محرك القوة في مجال الموضة الإسلامية العالمية" من قبل موقع Business of Fashion.
إذ إنها ناشطة قوية في مجال الأزياء المحتشمة، وتقيم عروض أزياء في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وأستراليا ودبي ومصر والكويت والأردن.
وهي أيضاً سفيرة للعلامة التجارية Wardah Beauty لمستحضرات التجميل، ونشرت كتابها الخاص بعنوان Hijab Street Style عام 2012، وهي تشكيلة من صور لأزياء تقليدية ترتديها نساء مسلمات ألهمن بيلانجي.
ساعد هؤلاء المؤثرون على جعل الأزياء المحتشمة موضةً عالميةً، بعدما كانت الخيارات المتاحة في هذا المجال إما قديمة الطراز وإما مملة.
ماركات عالمية تتبنى الأزياء المحتشمة والعارضات المحجبات
بالنظر إلى أنها صناعة تزداد شعبية، وتحاول في الوقت نفسه كسر القوالب النمطية، فمن الواضح أن هناك مكاسب مالية لا بد أن صناعة الأزياء المحتشمة تحققها.
على مرِّ السنوات، استجابت أشهر العلامات التجارية في مجال الموضة لطلبات العملاء، من خلال إطلاق خطوط الأزياء المحتشمة الخاصة بها، وبذل الجهود لتجعل حملاتها التسويقية أكثر شمولاً.
ففي العام 2014، سوَّقت العلامة التجارية الأمريكية الشهيرة DKNY مجموعة رمضانية من أزياء المحجبات للراغبات في ارتداء ملابس وفساتين محتشمة.
في حين قدمت العلامة التجارية السويدية الشهيرة H&M أول عارضة أزياء ترتدي الحجاب، ماريا إدريسي، في العام 2015.
وفي السنوات الأخيرة، أظهرت عارضات أزياء يعتنقن الإسلام، مثل الأمريكية حليمة عدن، البالغة من العمر 20 عاماً، للعالم، أن النساء المحجبات يمكن أن يكنَّ أنيقات.
وفي العام 2016، أصبحت حليمة أول متسابقة ترتدي الحجاب في مسابقة ملكة جمال مينيسوتا، ومنذ ذلك الحين ظهرت عدة مرات في أسابيع الموضة.
كذلك أصبحت حليمة أول عارضة أزياء محجبة تظهر على غلاف مجلة British Vogue البريطانية عام 2018، على مدار تاريخ المجلة الذي يبلغ 102 عام.
وأصبح هناك كذلك أسبوع للموضة خاص بالأزياء المحتشمة.
ففي العام 2017، استضافت العاصمة البريطانية لندن أول حدث للأزياء المحتشمة على الإطلاق، حيث عُرِضت مجموعة متنوعة من الأزياء المحتشمة العصرية والفاخرة لعدد من العلامات التجارية، وأثبت الحدث أنه يمكن لجميع النساء الاستفادة من هذه الأزياء، بغضِّ النظر عن الهوية الدينية أو الثقافية.
من أين أحصل على هذه الأزياء؟
بدأت العلامات التجارية السائدة ومصممو الأزياء على حد سواء في تلبية احتياجات سوق الأزياء المحتشمة.
ففي العام 2018، طرحت علامة H&M تشكيلةً كاملة من الأزياء المحتشمة، وأطلقت عليها اسم LTD Collection، في محاولة لجذب المستهلك العالمي.
وفي الآونة الأخيرة، طرح المتجر الإلكتروني البريطاني ASOS تشكيلته الخاصة من الأزياء المحتشمة، إذ عرض منتجات من علامة تجارية جديدة تُدعى Verona Collection، التي تبيع منتجاتها أيضاً في متاجر Macy's بالولايات المتحدة.
وأصبحت أشا محمد، وهي مدونة في مجالي الصحة النفسية والجمال، عارضة أزياء لهذه العلامة التجارية، إذ ترتدي جميع منتجاتها، سواء من الحجاب أو الفساتين الطويلة أو القمصان الواسعة.
وتشمل العلامات التجارية الأخرى التي توفر تشكيلات من الأزياء المحتشمة كلاً من Nike و American Eagle والمتجر الإلكتروني The Modist.