أشارت دراسة إلى أن النساء الحوامل اللائي يعملن دوامين مسائيين على الأقل أسبوعياً قد يزيد معهن خطر التعرض للإجهاض، بالرغم من أن فرص الإجهاض لا تزال صغيرة نسبياً.
وتوصل باحثون في الدنمارك إلى هذه النتيجة بعد دراسة بيانات حوالي 23 ألف امرأة حُبلى ليعرفوا مدى تأثير ساعات العمل المسائية على فرص حدوث الإجهاض بين الأسبوع الرابع والثاني والعشرين من الحمل.
اقرأ أيضاً
تناسب طردي بين الدوام المسائي والإجهاض
وبحسب موقع Healthline Networks الأمريكي، فقد وجد الباحثون أنه من بين النساء اللائي يتجاوز حملهن ثمانية أسابيع، ارتفع خطر حدوث إجهاض مع من يعملن دوامين مسائيين أسبوعياً بنسبة 32% أكثر من النساء الحبالى اللائي لا يعملن بنظام الدوام المتغير.
وتناسب خطر حدوث الإجهاض طردياً مع مرات العمل الليلي أسبوعياً، إضافة إلى عدد الأيام المتتالية التي عملن فيها مساءً.
في حديثها إلى موقع Healthline، قالت الدكتورة لويس مولنبرغ بيغتروب، مؤلفة الدراسة والباحثة في قسم الطب المهني والبيئي بمستشفى بيسبيبيرغ وفريدريكسبرغ الدنماركية: "النساء اللائي يعملن في الدوام المسائي يتعرضن للضوء في المساء، وهو ما يعطل إيقاع الساعة البيولوجية ويقلل من إفراز هرمون الميلاتونين. وقد ثبت أن الميلاتونين مهم في المحافظة على نجاح الحمل، ربما عن طريق الحفاظ على وظيفة المشيمة".
اقرأ أيضاً
لكن لا داعي لكثير من القلق
بالرغم من هذا، قال الباحثون إن النساء لا يجب أن يقلقن كثيراً من هذه النتائج.
أضافت الدكتورة لويس: "يبدو أن الدوام المسائي يزيد من خطورة الإجهاض التلقائي، لكن حجم (الخطورة) ليس مقلقاً. فمن بين 100 امرأة يعملن في دوام مسائي، يمكن أن نتوقع زيادة عدد حالات الإجهاض المبكر بحالة واحدة فقط مقارنة بالنساء اللائي يعملن في الدوام الصباحي، وتحديداً يكون عدد الحالات 5 بدلاً من 4 حالات إجهاض تلقائي بعد 8 أسابيع من الحمل".
وتشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة إلى أن العمل ليلاً أو العمل لساعات طويلة كان مرتبطاً بالولادة المبكرة، واضطرابات الدورة الشهرية، والإجهاض.
فضلاً عن أن العمل ليلاً يمكن أن يعطل إيقاع الساعة البيولوجية، الذي يساعد على تنظيم الهرمونات وقت الحمل.
قالت الدكتورة شانون كلارك، الأستاذة المشاركة في قسم أمراض النساء والتوليد بكلية الطب التابعة لجامعة تكساس في غالفستون، إن كمية النوم التي يحتاجها الجسم خلال وقت الحمل ليست ثابتة.
وأخبرت موقع Healthline قائلة: "تحتاج النساء إلى مزيد من النوم خلال وقت الحمل، ولا سيما في الثلثين الأول والثالث. إذ يكون الإرهاق أكثر وضوحاً في هذين الثلثين مقارنة بالثلث الثاني، عندما تشعر كثير من النساء بطاقة أكبر. أما عن العدد المحدد من الساعات التي يحتجن إليها يومياً، فإنها تختلف من امرأة إلى أخرى استناداً إلى احتياجاتها الأساسية بدون حمل".
ترجمة الدراسة إلى أرقام
من بين 10,047 امرأة حبلى اشتركن في الدراسة الدنماركية وعملن في دوام ليلي بين الأسبوع الثالث والأسبوع الحادي والعشرين من الحمل، كان هناك 740 حالة إجهاض.
ووجدت الدراسة أيضاً أن النساء اللائي عملن ما لا يقل عن 26 دواماً ليلياً بين الأسبوع الرابع والثاني والعشرين من الحمل، كانت احتمالية تعرضهن للإجهاض ضعف النسبة مع النساء اللائي لم يعملن ليلاً، لكن هذا اعتمد على دراسة ثماني نساء فقط.
وبالرغم من أن الدراسة تُظهر علاقة بين الدوام الليلي والإجهاض، ليس هذا دليلاً على وجود علاقة سببية بين الأمرين، بل إن الخبراء حذروا بأن النساء الحبالى لا يجب عليهن أن يقلقن من العمل في دوام مسائي.
ففي حديثه إلى موقع Healthline، قال الدكتور مارك باريش، الأستاذ المشارك في قسم أمراض النساء والتوليد بكلية الطب بجامعة كانساس: "لست مقتنعاً حالياً أن هناك ضرراً كبيراً على الأمهات الحبالى اللائي يعملن في دوام ليلي. أستند في هذا الرأي إلى خبراتي السريرية الشخصية وإلى مراجعة دراساتي السابقة والحالية التي ركزت على نتائج الحمل مع الأمهات اللائي يعملن في دوام مسائي".
وأضاف: "ما توصلت إليه من الدراسة أن هناك كثيراً من عدم الاتساق فيما يجري نقله، نظراً إلى أن بعض الدراسات تشير إلى وجود أضرار بينما تنفي أخرى ذلك".
يحظى حوالي 30% من العمال في الولايات المتحدة بأقل من ست ساعات نوم يومياً. ويعمل حوالي 15 مليون منهم بدوام مسائي كامل، أو جداول عمل غير منتظمة، أو دوام متغير.
وتقول الدكتورة شيري بلافسكي، مديرة برنامج المراقبة الطبية في مركز الصحة المهنية والبيئية التابع لقسم علوم الصحة العامة بجامعة كاليفورنيا ديفيز، إن مزيداً من الأبحاث اللاحقة للدراسة الدنماركية يمكن أن تكون مفيدة.
وأضافت في حديثها إلى موقع Healthline: "لقد تفاجأت بالتأكيد من هذه النتائج وأتمنى أن تساعد الدراسات اللاحقة في التأكد من احتمالية زيادة خطر الإجهاض بسبب الدوام المسائي. تكونت عينة هذه الدراسة من الممرضات والطبيبات، وينتابني الفضول لمعرفة نوعية العمل الذي كانوا يؤدونه تحديداً في المساء".
ما الذي تفعلينه إذا كنت تعملين في المساء
تأتي الدراسة الدنماركية آخر حلقة في سلسلة من دراسات كثيرة تبحث تأثير الدوام المسائي على النساء اللائي في سن الإنجاب.
لم تكن أي من هذه الدراسات تجارب عشوائية منتظمة، ولذا لا يمكن قطعاً أن تكون حاسمة.
وتشير الدكتورة لويس إلى أنه من غير الأخلاقي إجراء دراسات عشوائية تبحث الآثار السلبية للعمل مساءً على الحبالى.
إذ إن العمل مساء خلال الحمل يمكن أن يكون الخيار الوحيد المتاح أمام بعض النساء. فقد قالت الدكتور شانون، وهي أيضاً متحدثة باسم الكلية الأمريكية لأطباء أمراض النساء والتوليد، إن هناك عدداً من الطرق التي يمكن أن تضمن لهؤلاء النساء أن يحافظن على صحتهن أثناء الحمل.
وأوضحت: "سوف أنصحها أن تحافظ على نمط نوم منتظم بقدر الإمكان، وأن تمتنع عن تغيير الدوام أو الدوام الليلي، وأن تحافظ على وزن صحي، وأن تزور طبيب أمراض النساء والتوليد بصفة دورية، وأن تتأكد من السيطرة المثالية قبل الحمل على الحالات المرضية الموجودة مسبقاً، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم".
وأضافت قائلة: "وفي العموم، قد يكون العمل في دوام مسائي ثابت أقل إرهاقاً على الجسم وأفضل له من العمل في دوام مسائي متغير، ولا سيما خلال الحمل".