أطلقت وزارة الصناعة الجزائرية حملة توعوية تحثُّ فيها الجزائريين على التبرع بجلود أضاحي عيد الأضحى المبارك؛ من أجل الإسهام في تطوير صناعة الجلود على المستوى الوطني.
وترغب الوزارة، من خلال هذه المبادرة الأولى من نوعها، في الحصول على 800 ألف قطعة من جلود الأضاحي على الأقل، من إجمالي أزيد من 4 ملايين أضحية تُذبح في عموم البلاد، لتموين المدابغ التي ستتكفل باستغلالها في الصناعة التحويلية أو التصدير نحو الخارج.
وفي حين أكد مختصون الجدوى الاقتصادية للمبادرة، رفض الاتحاد العام لفلاحي الجزائريين الامتثال لطلب وزارة الصناعة، معتبراً أن الأولوية لمادة الصوف التي تعرضت للكساد.
الدولة تريد كل الجلود
وكانت وزارة الصناعة الجزائرية قد أصدرت، مطلع شهر أغسطس/آب 2018، بياناً أعلنت فيه عن "حملة ذات منفعة عامة، لجمع جلود الأغنام والأبقار يوم عيد الأضحى"، مفيدةً بـ"وضعها تحت تصرُّف المدابغ؛ من أجل تثمينها واستغلالها في صناعة الجلود".
وقالت الوزارة إنها تستهدف جمع 800 ألف قطعة من جلود الأضاحي من إجمالي 4 ملايين أضحية، واختارت 6 ولايات نموذجية في النسخة الأولى للمبادرة؛ وهي: "الجزائر العاصمة، ووهران، وقسنطينة، وسطيف، وجيجل، وباتنة".
وأقحمت الهيئة ذاته في الحملة، وزارة الشؤون الدينية، والداخلية، والاتصالات السلكية واللاسلكية، والفلاحة والاتصال، إلى جانب جمعيات المجتمع المدني والحرفيين المختصين في صناعة الجلود.
وصممت للعملية حملة إشهارية، تحثُّ فيها على "الحرص على سلامة الجلد في أثناء الذبح، ووضع 2 كيلوغرام من الملح على الجزء اللين منه، وتفادي وضعه في الشمس؛ حتى لا يتعفن، ثم وضعه في أقرب نقطة جمع الجلود بالحي أو أمام المساجد أو بالمذابح المتخصصة".
واستهلت الحملة بجملة "أخي المواطن.. إذا كنت ترغب في المساهمة في الصناعة الوطنية للجلود، وتحرص على نظافة محيطك، وتريد ثواب التطوع بجلد الأضحية، فشارك معنا هذه الخطوات".
حملة ذات منفعة عامة :#في_يوم_عيدنا_نبني_صناعتنا_وننقي_محيطنا.
Geplaatst door وزارة الصناعة و المناجم الجزائرية Ministère de l'Industrie et des Mines op Zaterdag 11 augustus 2018
لأنها ذات جدوى اقتصادية
ورأى بعض المختصين أهمية المبادرة التي أطلقتها وزارة الصناعية لإنعاش شعبة الجلود ذات المجد الضائع في البلاد.
وقال الأمين العام لفيدرالية عمال النسيج والجلود، عمار طاكجوت، لـ"عربي بوست"، أن المبادرة "إيجابية جداً"، لكن "يجب ألا تكون مناسباتية، وتكون عملاً سنوياً بالنظر إلى الثورة الحيوانية الهائلة التي تتوفر عليها البلاد".
وأوضح طاكجوت قائلاً: "كيف لا تكون مفيدة، ونحن أمام 4 ملايين أضحية تُذبح، وبعملية بسيطة في حالة التصدير، يقدَّر ثمن المتر المربع الواحد من الجلد بـ5 دولارات، ما يعني تحصيل 5 ملايين دولار، ويعلم الجميع حاجة البلاد المُلحّة لمداخيل إضافية من العملة الصعبة".
وتابع المتحدث أنه في حالة استغلالها في الصناعة التحويلية، فإن "الجزائر تستهلك سنوياً 80 مليون حذاء بمختلف الأنواع، 95% منها يُستورد من الخارج، و4 ملايين جلد يمكن أن يقلص فاتورة الواردات إلى أدنى مستوى".
وتعتبر الجزائر البلد المغاربي الوحيد الذي لا يستورد أضاحي العيد ويحقق اكتفاء ذاتياً؛ لكونه يتوفر على ثروة حيوانية تقدَّر بـ28 مليون رأس غنم.
وهذا الأمر يتطلب -حسب طاكجوت- "توجيه مجال التربية الحيوانية بما يخدم النجاعة الاقتصادية؛ لأن عمليات الذبح لا تقتصر على عيد الأضحى أو المناسبات الدينية الأخرى فقط، وإنما طول السنة، ما يستدعي تجنيد المذابح ووضع تنسيق محكم بينها وبين مدابغ صناعة الجلود".
وزارة الشؤون الدينية تُفتي
من جانبها، أفتت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بما يخدم مبادرة وزارة الصناعة، وقالت في توجيه عمّمته على المساجد، إنه "لا يجوز بيع شيء من الأضحية التي تُذبح لله".
ودعت الأئمة إلى "تحسيس المواطنين في دروس الجمعة وفي خطبة العيد بضرورة العناية بجلد الأضحية، من خلال سلخها وتمليح جلدها جيداً، وتسليمها لمصالح النظافة بوضعها في اليوم نفسه بنقاط معينة؛ وذلك لاستغلالها في الصالح العام"، مؤكدة أنها "لا تُباع؛ لأنها ذُبحت حسب الأحكام الشرعية المعروفة".
والفلاحون يرفضون
مبادرة وزارة الصناعة لقيت معارضة من قِبل الفلاحين؛ بسبب ما اعتبروها انتقائية لا تخدم بالشكل المطلوب الاقتصاد؛ لأن الأولوية حسبهم لجمع الأطنان الهائلة من الصوف واستغلالها في الصناعة النسيجية.
وقال الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، محمد عليوي، خلال ندوة صحافية، السبت 11 أغسطس/آب 2018، "أحياناً نستغرب كيف تفكر وزارة الصناعة هذه! مربو المواشي في ولايات الوطن يتوسلون من يأخذ منهم آلاف الأطنان من الصفوف بالمجان، وهي الآن مرميَّة في العراء ولا أحد تحرَّك، واليوم يطلبون منا التبرع بالجلود!"، مضيفاً: "الطاعة لله ولولي الأمر، والله لن نمتثل لأي تعليمة (توجيه) ما لم تأتِ من عند الرئيس".