حين يتعلق الأمر بصحتنا، فإن أي خلل يصيب أجسامنا يجعلنا نركز على العوامل الثلاثة المشتبه فيها؛ وهي: الحِمية، والتمارين الرياضية، والنوم. ولكن هناك عامل آخر مهم عليك أخذه بعين الاعتبار في جهودك لتطوير صحتك: إنه عملك.
ترجح الأبحاث، بحسب موقع Business Insider الأميركي، المتخصص في موضوعات بيئة العمل، أنك إذا كنت تعمل في بيئة سامة، فإن صحتك ستعاني.
على سبيل المثال، وجدت دراسة نُشرت عام 2010، أنك إذا كنت هدفاً للتنمر، فهذا يسبب درجات عالية من التوتر والقلق. في المقابل، المزيد من التوتر والقلق يؤدي إلى أمراض مزمنة؛ مثل: ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والسمنة والسكري.
وجود مدير سيئ يمكن أن يكون خطراً على صحتك. وجدت دراسة سويدية أن الموظفين الذين قيَّموا رؤساءهم بشكل غير جيد من ناحية صفاتهم القيادية -من جهة التزويد بالمعلومات الدقيقة، وإظهار التعاطف، والتواصل بإظهار التقدير المناسب- كانوا أكثر عرضة للنوبات القلبية.
في حين قد يكون للناس الذين تعمل معهم أثرٌ سلبي أو إيجابي على صحتك، فكذلك عملك ذاته له التأثير نفسه. على سبيل المثال، وجدت دراسة أُجريت على مدى 10 أعوام، على إناث عاملات، أن النساء اللاتي تعرضن لضغوط عالية -كالمَطالب المبالغ فيها، وعدم القدرة على التحكم في العمل- ازدادت فرص إصابتهن بأمراض القلب والأوعية الدموية بالمقارنة بمن تعرضن لضغوط أقل.
ووجدت دراسة أخرى أن الأفراد الذين عملوا 55 ساعة أو أكثر في الأسبوع كانوا أكثر عرضة لأمراض القلب أو الجلطة القلبية بالمقارنة مع من عملوا ساعات أقل.
قد يكون عملك خطراً على وزنك
بالإضافة إلى ازدياد فرصة تعرُّضك لعدة مشاكل صحية، ترجح الأبحاث أن عملك قد يؤثر أيضاً على وزنك.
فقد وجد استطلاع، أجرته Career Builder، أن 44% من العمال الأميركيين أقرُّوا بالزيادة في أوزانهم بأعمالهم التي يزاولونها. وفي حين تُثار تساؤلات عما إذا كانت الأعمال المكتبية هي السبب، فإن الأبحاث ترجح أن التوتر الناجم عن العمل والتعب لهما تأثير سلبي مؤكد.
على سبيل المثال، أظهرت دراسة نُشرت عام 2010، أن التوتر المستمر في العمل مرتبط بارتفاع مؤشر كتلة الجسم. نتائج مماثلة وُجدت لدى عينة من النساء: من عملن أكثر من 49 ساعة في الأسبوع، سجَّلن ارتفاعاً أعلى في الوزن.
إذاً، هل عملك ذاته مسؤول عن حالتك الصحية المتدهورة، أم أن هناك عوامل أخرى تلعب دوراً؟
ربما يكون مُرْضياً أن تلوم رئيسك في العمل على الأرقام التي يُظهرها ميزانك، إلا أن التوتر -على الأغلب- هو المسؤول الخفي. وعندما تجرب العمل مع رئيس صعب بالعمل، وعلاقات مرهقة، وساعات طويلة، وضغوط أخرى في العمل، فإن هذا يؤثر عليك بعدة طرق.
أولاها، ينكبُّ العديد منا على الأكل بشراهة عند الشعور بالتوتر، ومعظمنا لا يلجأ إلى التفاح والسَّلطات؛ بل نميل إلى السكريات و/أو الأكل المشبع بالدهون.
وفي حين قد يكون "الأكل العاطفي" بحد ذاته، سبباً كافياً لكسب الوزن، إلا أننا ربما نتعرض أيضاً للتوتر الناجم عن تغيرات في الهرمونات. على سبيل المثال، وجدت دراسة أُجريت على نساء، أن ارتفاع التوتر ارتبط بانخفاض الاستقلاب وانخفاض حرق الدهون.
وأخيراً، عندما تعمل ساعات طويلة، فإنك تخصص ساعات أقل لتقضيها في الاعتناء بنفسك وتدبر أمور وزنك.
فبعد قضائك 10 ساعات أو أكثر من العمل الجاد، هل سترجح كفة الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية أم التمدد على أريكة ومشاهدة التلفاز؟ وجدت دراسة أُجريت على عمال يعانون السمنة في كوريا، أنهم يرجحون الكفة الأخيرة؛ إذ وجد الباحثون أن الموظفين الذين عملوا بين 40 و49 ساعة في الأسبوع كانوا 2.4 مرة أكثر ميلاً إلى الانخراط في جهد يتطلب التحكُم في أوزانهم، بالمقارنة مع من عملوا 60 ساعة في الأسبوع.
ما الذي تستطيع فعله حيال ذلك؟
ربما أكون قد رسمت صورة قاتمة، ولكن هناك أمور عدة تستطيع فعلها للسيطرة على وزنك. أقدِّم 3 اقتراحات لمساعدتك في تجنُّب تأثير عملك على زيادة وزنك:
1- افعل كلَّ ما في وسعك لتجنُّب مسببات توترك الحالية
في حين لا يمكنك فعل شيء بخصوص كل عوامل التوتر بعملك، تستطيع تقوية نفسك في إدارة الأمور التي تملك بعض السيطرة عليها. من أجل إدارة عبء العمل، تحدَّث إلى رئيسك، أو أوجِد طريقة لزيادة إنتاجيتك. تعلّم طرقاً بناءة للتعامل مع الخلافات مع زملاء العمل. امنح نفسك فرصة لإعادة شحن ذاتك خلال اليوم بنيل قسط من الراحة. بتقليص درجة التوتر التي تواجهها في العمل، ستكون قد اتخذت موقفاً باتجاه تطوير صحتك.
2- حضِّر وجباتك مسبقاً
إذا كنت ترغب في تجنب وضع نفسك بموقف يتطلب منك أن تتخذ قراراً حول ما يجب عليك أن تأكله وكُلّ جبهات دفاعك ضعيفة، فابذل مجهوداً لتحضير وجباتك مسبقاً، واملأ درج مكتبك بوجبات صغيرة صحية "سناك"، بحيث تكون قادراً على مواجهة الرغبة في الركض نحو حافظة الأطعمة الجاهزة بعد الظهر عندما تشعر بأنك في حاجة لتناول شيء. كلما سهَّلت على نفسك انتهاج العادات الصحية زادت فرصة اعتيادك إياها على المدى الطويل.
3- اجعل اعتناءك بنفسك هدفك الأعلى
اعلم أن تخصيصك بعض الوقت لنفسك ليس رفاهية زائدة، إنه ضرورة لصيانة وضعك الصحي النفسي والجسماني. ربما تكون ملتزماً بعملك، لكنَّ الحقيقة هي أنك لن تكون بالفاعلية ذاتها في ممارسته إذا كنت قلقاً ومتعَباً. إذاً، اقطع عهداً على نفسك بأن تنال قسطاً وافياً من النوم، وأن تمارس جهداً بدنياً بضع مرات في الأسبوع (حتى لو كان المشي بعض الوقت خلال فترة راحتك في العمل).
واقرأ أيضاً..
صدق أو لا تصدق.. في اليابان 25% من العاملين يريدون قتل رؤسائهم بالعمل!