تستعد عائشة بنت سيد أحمد، المرأة المسنة، لإحياء ليلة "السابع والعشرين" من شهر رمضان التي يشاع على نطاق واسع أنها "ليلة القدر"، ويخلدها الموريتانيون كغيرهم من المسلمين بالإكثار من قراءة القرآن والتعبد والدعاء بالمغفرة والفوز بالجنة.
كما يحيونها ببعض العادات والتقاليد الشائعة في البلد، والتي يزداد التمسك بها خارج المدن الكبيرة وخصوصاً في القرى والأرياف المنتشرة داخل موريتانيا.
وما زالت الذاكرة الشعبية لدى الموريتانيين تزخر بالعديد من العادات والتقاليد التي يعتبرها البعض غريبة، والبعض الآخر يراها ملفتة للانتباه، نظراً لاستنادها إلى حكايات أقرب إلى الخيال.
ويتميز شهر رمضان المبارك بانتشار بعض هذه العادات والتقاليد التي يحرص الموريتانيون على تطبيقها منذ بداية الشهر حتى نهايته.
تقول بنت سيد أحمد إن شهر رمضان في موريتانيا يتميز بالعديد من التقاليد الشعبية، لكن أكثرها لفتاً للانتباه ما يخص ليلة "السابع والعشرين" من رمضان، التي "ينتهي فيها تصفيد الشياطين"، على حد تعبيرها، وهو ما تحكي عنه المخيلة الشعبية أنه أمر يحمل الكثير من المخاطر التي تحتاج عملاً يوقفها.
وتضيف بنت سيد أحمد لـ "عربي بوست"، أن حرق "الباخور"، ليلة الـ 27 من شهر رمضان، وكي الأطفال بالإبر في بعض أماكن الجسم، وتجنب الأماكن التي تنتشر فيها القمامة، وعدم الاقتراب من آثار بقايا جيف الحيوانات، يحمي من خطر الشياطين ويساعد في إبعاد شبح "المس بالشياطين"، الذي يرى المجتمع أنه أمر ممكن الحدوث إذا لم تتم مكافحته بهذه العادات والتقاليد المنتشرة على نطاق واسع".
ويحيي الموريتانيون ليلة السابع والعشرين من رمضان، حيث يختتم القرآن مع آخر صلاة للتراويح خلال الشهر، وتكتظ كافة المساجد في العاصمة نواكشوط، وباقي المدن الأخرى بالمصلين من الرجال والنساء، ويقبل الكل على التعبد والاعتكاف في بعض الأحيان، حيث يكثر في موريتانيا حفظة القرآن والمقرئون نظراً لانتشار "المحاظر" أي الكتاتيب القرآنية في البلد.
حلاقة الشعر للتبرك في رمضان
ويقبل الموريتانيون على حلاقة رؤوس الأطفال والرجال خلال العشر الأولى من شهر رمضان المبارك، "طلباً للتبرك"، إذ يطلقون على هذا التقليد "زغبة رمضان"، وتعني حلق الرؤوس لإنبات شعر جديد خلال الشهر المبارك.
ويعتقدون أنه شعر يتوفر على البركة، كما يطلبون بالحلاقة في رمضان الشفاء من الأمراض الجلدية بمختلف أنواعها.
ويقول يقله ولد أحمد إن والدته أخذت استعداداتها مع بداية شهر رمضان المبارك، وقامت بحلاقة رؤوس أطفال ورجال الأسرة على الطريقة التقليدية التي تقوم بها الأمهات المتقدمات في السن في موريتانيا خلال شهر رمضان.
وأضاف لـ "عربي بوست"، أن الأمهات يقمن بشراء قاطعات صغيرة تعرف محلياً بــ"لنست"، يستعملنها في حلق رؤوس الأطفال خلال شهر رمضان، مؤكداً أنه تقليد يقوم به معظم الموريتانيين وتشرف بعض الأمهات على تنفيذه، كما يحلق البعض رؤوسهم في رمضان عند محلات الحلاقة العصرية فالمهم ـ يضيف ولد أحمد ـ هو حلق الرؤوس مع بداية شهر رمضان المبارك.
وتحضر العادات والتقاليد في شهر رمضان بقوة في المناطق النائية كالأرياف والقرى الصغيرة التي يمثل قاطنوها أغلب سكان البلد، حيث يمثل العمل (حرق البخور، والكي بالنار، والعمل على إبعاد الشر)، النسبة الأكبر من عمل الموريتانيين مع نهاية رمضان.