تخيّل أنك تعمل في شركة تحدد أنت فيها زيادة راتبك الشهري؛ لا تقلق من مدير أو مسؤول يبغضانك ربماً، فهنا عملك وشهادة زملائك، هي الكلمة الفصل.
فشركة Smarkets البريطانية، على سبيل المثال، تحث موظفيها على تقديم طلبات زيادة الأجور، يصدّق عليها زملاؤهم الذين يقدمون اقتراحات تتعلق بنسبة العلاوة المناسبة.
ومع ذلك، إذا لم يشعر الأشخاص بالرضا حيال الاقتراحات المُقدمة، يمكنهم أيضاً طرح طلباتهم الخاصة، التي تتراوح الزيادة المطلوبة فيها عادة بين 10 و30%، وفق ما ذكرت صحيفة Daily Mail البريطانية.
كما تسمح السياسة المتعلقة بشفافية الأجور أيضاً للعاملين، بالتحقق من رواتب زملائهم، في محاولة لتضييق الفجوة في الأجور بين الجنسين.
وقالت أنجلين موليت ماركيز، مهندسة البرمجيات في شركة Smarkets: "يحصل معظم الأشخاص على ما يطلبونه".
وطالبت موليت ماركيز بعلاوة تصل إلى 12% في آخر تقييم لها، وحصلت عليها بالفعل.
ويصل الراتب المبدئي لخريج الهندسة إلى ما يقرب من 45.000 جنيه إسترليني سنوياً (63 ألف دولار)، ولكن يمكن أن يزداد ليصل إلى مبلغ يتكون من 6 أرقام، وذلك بالنسبة للموظفين ذوي الكفاءة العالية.
عدم المساواة بين الجنسين
وتشرف سوزانا بينتو على الاستعراض نصف السنوي للأجور، والذي من خلاله يطلب الموظف رأي وتعليق 5 زملاء على عمله، بالإضافة إلى زيادة مقترحة في الأجر، يمكنه الحصول عليها مستقبلاً.
وقالت: "ليست مسألة قول فقط، مهلاً، أعتقد أنك رائع!"، وسيجري التحقق منها بالفعل.
وأضافت: "يتمثل الأمر الجيد فيما يتعلق بحقيقة كون أجورنا تتمتع بالشفافية، في أنها، بشكل افتراضي، تحافظ على عدالة الشركة".
ويمتد ذلك ليشمل القضاء على عدم المساواة المزعومة بين الجنسين، وهو ما شاب بعض الشركات البريطانية، ومن ضمنها هيئة الإذاعة البريطانية BBC.
واضطُرت الإذاعة العام 2017 إلى الكشف عن رواتب بعض كبار الموظفين لديها، ما أظهر استحواذ الرجال على 12 منصباً من أصل 14 من بين المناصب الأعلى أجراً؛ وهو ما أدى إلى شكاوى تتعلق بعدم المساواة في الأجور بين الجنسين عن العمل نفسه.
وقال مهندس البرمجيات كاجلار سينل إن السماح للموظفين بالاطلاع على رواتب بعضهم البعض يعد من الطرق التي يمكن من خلالها أن تضمن الشركات المساواة في الأجور.
وأضاف قائلاً: "سيكون من الواضح جداً حصول النساء داخل الشركة على هذا القدر من المال، وحصول الرجال على هذا القدر من المال؛ ولذا أعتقد أن ذلك سيكون مفيداً".
شفافية الأجور
ومع ذلك، رأى العديد من الموظفين أن النهج نفسه قد لا ينجح في كل مكان؛ نظراً إلى أن شفافية الأجور يمكن أن تكون مثبطة للهمم.
وصرح جوردي بلاينز، الأستاذ بكلية لندن للاقتصاد، بأنه قد ينجح هذا النظام بشكل أفضل في مجالات مثل المبيعات؛ نظراً إلى وجود مؤشرات واضحة على الأداء.
واستدرك قائلاً: "لكن في الأماكن التي لا يسهل فيها تبرير الفروق في الأجور –وهو ما يُسمى عدم مساواة بالأجور– من خلال الفروق في الإنتاجية، يمكن لشفافية الأجور أن تكون محبطة للغاية".
ففي النرويج، تنشر مصلحة الضرائب معلومات رئيسية على الإنترنت تتعلق بدافعي الضرائب كل عام، متضمنة أرباحهم وثرواتهم، مما يسمح للنرويجيين بالاطلاع على مقدار ما يجنيه زملاؤهم.
وهناك أساليب مماثلة في السويد وفنلندا، حيث يمكن للناس المطالبة بمعلومات الضرائب عبر الهاتف أو بصفة شخصية، بينما في إيرلندا يحق للموظفين المطالبة ببيانات الأجور المُصنَّفة حسب الجنس عن المستوى الوظيفي نفسه.
كما توصلت دراسة أُجريت من قِبل المفوضية الأوروبية، إلى أن "الحساسية الثقافية" كانت أكثر العقبات شيوعاً فيما يتعلق بتنفيذ القواعد نفسها المرتبطة بمعلومات الأجور عبر القارة، في حين شكلت التكاليف المرتبطة بالعملية في بريطانيا العقبة الرئيسية.
وعلى الرغم من التحديات في الدول المختلفة وتلك التي تواجه الشركات الكبيرة، حثت موليت ماركيز الشركات الأخرى على تجربة مسار الشفافية.
وقالت: "ستتمثل النصيحة في الحصول على نظام تواصل فعال حتى خارج عرض الأجور".
وأضافت: "فإذا لم تتواصل المجموعات التابعة لك على نحو جيد، فمن المحتمل ألا تنجح هذه العملية على أي حال، وعليك أن تبنيها على شيء قوي بالفعل".