من أجل تعزيز الدور الحضاري والديني لمحافظتي بابل وصلاح الدين وتنشيط السياحة في العراق، صوّت مجلس النواب العراقي على مقترحي قانونين، أحدهما لجعل مدينة بابل عاصمة العراق الحضارية، والآخر باعتبار مدينة سامراء – أكبر مدن محافظة صلاح الدين سكاناً – عاصمة إسلامية له.
وجاءت نتيجة الاقتراح بالموافقة، وذلك في جلسة البرلمان الاعتيادية الرابعة العشر ضمن الفصل التشريعي الأخير، والتي أُقيمت في الخامس من مارس/آذار 2018 م، برئاسة سليم الجبوري رئيس البرلمان العراقي.
الأهداف ترمي إلى تطوير السياحة بالدرجة الأولى
ويهدف القانونان إلى إحداث تنمية اقتصادية وسياحية وثقافية شاملة؛ من أجل النهوض بالمستوى الثقافي والحضاري للمواطن العراقي، بالإضافة إلى استثمار الأماكن التاريخية في محافظة بابل، والأماكن الدينية في سامراء بشكل يضمن الحفاظ على تلك المدن كثروات نفيسة، ومن أهم روافد الاقتصاد الوطني.
ويسعى القانونان أيضاً إلى تطوير البنى التحتية لتستوعب متطلبات التطوير السياحي التاريخي والديني في المنطقتين بما يتناسب مع الدور الحضاري لهما، وكذلك لتستطيع سامراء استيعاب كافة الفعاليات التي ستتم فيها بما في ذلك احتفالية إعلانها عاصمة للحضارة الإسلامية للعراق.
ومن ضمن قائمة الأهداف المعلنة لكلا القانونين تطوير علاقات التعاون السياحي بين العراق والمنظمات السياحية الدولية، والعمل على استرداد الآثار العراقية المنهوبة.
وفي العام الماضي أُقرت البصرة عاصمة العراق الاقتصادية
ليست هذه المرة الأولى لإعلان عواصم متخصصة في العراق ففي أبريل/نيسان 2017، صوّت البرلمان العراقي بالموافقة على قانون البصرة عاصمة العراق الاقتصادية، وكان من أهم أهدافه إحداث تنمية اقتصادية ورفع المستوى المعيشي للمواطن عن طريق توفير العديد من فرص العمل، وإنشاء مركز تجاري عالمي ومناطق تجارية حرة وأخرى تنموية، إلى جانب استثمار الموارد البشرية والاقتصادية بالشكل الأمثل، وتطوير البنى التحتية بالمحافظة.
ومن أبرز الجوانب العملية للقانون إنشاء ميناء كبير في مدينة الفاو الحدودية، وربط المدينة مع المحافظات العراقية الأخرى بشبكة سكك حديدية، وإحيائها عن طريق إنشاء جامعة عالمية، ومراكز لبحوث البحار والنخيل وعدة فنادق، بالإضافة إلى عودة زراعة أشجار النخيل والحناء، وقد بدأ بالفعل العام الماضي إحياء سوق الذهب بوسط مدينة البصرة عن طريق إنشاء مصانع مشتركة للذهب.
والسر وراء اختيار محافظة البصرة عاصمة اقتصادية، يرجع لكونها الميناء الوحيد في العراق وتقع على الخليج العربي، كما أنها تضم حقول نفطية، وتعتبر أيضاً مركزاً لزراعة الأرز والشعير، وقد نظر خبراء الاقتصاد إلى هذا القانون على أنه عامل مهم لجذب الاستثمارات إلى المحافظة مما يساهم في ازدهار النشاط الاقتصادي بها.
جمال الحدائق المعلقة يميز بابل
تعد محافظة بابل خامس أكبر محافظات العراق من حيث التعداد السكاني، وتقع على نهر الفرات على بعد 90 كيلو متراً من العاصمة العراقية بغداد، وتشتهر بحدائقها المعلقة إحدى عجائب الدنيا السبع، وتزيد مساحة المحافظة عن 5 ألاف كيلو متر مربع، وتنقسم إلى ستة أقضية رئيسية أشهرها قضاء الحلة.
وتضم المحافظة الكثير من المراقد والمزارات الإسلامية التي تعتبر وجهات للشيعة في العديد من مناسباتهم الدينية، كما تحوي المحافظة أيضاً الكثير من الجوامع الأثرية التراثية منها جامع الحلة الكبير وجامع الإمام الحسين، ويوجد بها جدار بابل الأثري.
وتتزين بابل بـ8 بوابات رئيسية لها، أهمها بوابة عشتار المحفوظة حالياً في متحف برلين بألمانيا، ويوجد فيها أيضاً قصر نبوخذ نصر، وأسد بابل الحجري الكبير ذو الرأس المكسور، إلى جانب معبد ننماخ والمسرح البابلي.
سامراء تزدهر بالآثار الدينية
أُدرجت مدينة سامراء العراقية ضمن قائمة التراث العالمي عام 2007 ، وتعد المدينة من أهم المدن التي تمتلك موروثات دينية وحضارية، فقد كانت عاصمة الدولة العباسية في عهد الخليفة المعتصم بالله.
ومن أهم المعالم الإسلامية الموجودة بها مئذنة الملوية، وهي مئذنة المسجد الجامع الذي أسسه الخليفة العباسي المتوكل على الله عام 237 هجرياً/ 886 ميلادياً، وبُنيت المئذنة في الأساس كمنارة وتحولت بعد ذلك إلى مئذنة، ويبلغ ارتفاعها 52 متراً وتتخذ شكلاً أسطوانياً حلزونياً.
كما تضم مدينة سامراء عدداً من أكبر القصور في العالم الإسلامي منها قصر المشتاق، وقصر الخلافة وقصر المعشوق، بالإضافة إلى وجود بها ضريحي علي الهادي والحسن العسكري، وهما من أئمة الشيعة ما يجعلها مقصداً لهم في العديد من المناسبات الدينية.
أما موقعها فتقع شرق نهر دجلة في محافظة صلاح الدين، وتبعد عن بغداد مسافة 125 كيلو متراً، وتبلغ مساحتها أكثر من 4500 كيلو متر مربع.