هل تظن أن عاداتك اليومية التي تقوم بها أثناء قيادتك للسيارة آمنة وغير مكشوفة للمتلصصين؟ السيارات الحديثة لم تعد منزلاً آمنا يخبىء أسرارنا، بل كشف الخبراء العديد من الطرق التي لا تعد ولا تحصى، والتي يُمكن من خلالها أن تجسس سيارتك على عاداتك الشخصية.
يتعقَّب مصنّعو السيارات موقع سيارتك، ومدى السرعة التي تقود بها، وما هي وسائل الترفيه التي تستمع إليها، كل ذلك من خلال أنظمة متصلة بالإنترنت في السيارات الحديثة.
ويُمكن للسيارات الحديثة تسجيل حركات عين السائق، ووزن الركاب بالمقاعد الأمامية، والطقس في الشارع الذي تسكن به، والمطاعم التي تفضل تناول الطعام بها، بحسب ما نشرته صحيفة The Daily Mail البريطانية.
وتستخدم الشركات المعلومات الشخصية التي تُجمع من عشرات الملايين من السيارات حول العالم، ويلتزم العديد منهم الصمت حول الهدف من تجميع تلك البيانات.
يقول بعض الخبراء في مجال الخصوصية إن السيارات الحديثة تجمع ما يكفي من البيانات عن السائقين، والتي يُمكن من خلالها إنشاء ملفات شخصية فريدة من نوعها ومميزة للأشخاص مثل بصمات الأصابع، والتي يُمكن بعد ذلك بيعها لشركات التسويق.
ووفقاً لما ذكرته بام ديكسون، المدير التنفيذي لمنتدى الخصوصية العالمي، تُشكل بيانات موقع السيارات خطراً كبيراً على العملاء، وخصوصيتهم على وجه التحديد.
وصرحت ديكسون لصحيفة واشنطن بوست: "لا يُدرك معظم الناس أن عاداتهم مُتأصلة بعمق، وكذلك مدى أهمية مواقع مواقف السيارات التي نستخدمها بشكلٍ منتظم والتي يُمكن أن تُخبر شخصاً ما بالكثير من الأشياء عن حياتنا".
وأضافت: "يوجد العديد من شركات مكافحة الغش ووكالات إنفاذ القانون التي قد تودُّ بشدة شراء مثل هذه البيانات، والتي يُمكن أن تكشف عن عاداتنا الأكثر اليومية".
وفقاً لشركة ABI للأبحاث، يوجد ما يقرب من 78 مليون سيارة على الطريق متصلة بالإنترنت بطريقةٍ ما.
ووفقاً لما ذكرته شركة غارتنر لبحوث التكنولوجيا، سيتم ربط 98 في المائة من السيارات الجديدة التي تباع في أوروبا والولايات المتحدة بشبكة الإنترنت خلال السنوات الثلاث القادمة.
وقالت ليزا جوي روسنر، مسؤولة التسويق في شركة "أوتونومو" (Otonomo)، وهي شركة متخصصة في بيع بيانات السيارات المتصلة بالإنترنت: "إن الشيء الذي يُدركه مصنّعو السيارات الآن، هو أنهم ليسوا مجرد شركات لصناعة الأجهزة والمعدات الميكانيكية بعد الآن؛ بل أصبحوا شركات لصناعة البرمجيات الإلكترونية".
وأضافت أن "أول مكوك فضائي احتوى على نصف مليون من الرموز البرمجية، ولكن بمقارنة ذلك مع توقعات شركة فورد المُصنّعة للسيارات، فإنه بحلول عام 2020 سوف تحتوي السيارات التي ينتجونها على 100 مليون من الرموز البرمجية".
وتدّعي شركات السيارات أن البيانات التي تُجمعها تُستخدم لتحسين الأداء والسلامة، وتزعم أنه لا تتم مشاركة البيانات مع أطراف ثالثة دون إذن.
ويدّعي الخبراء القانونيون أنه في حين أن شركات السيارات مُطالَبة بموجب القانون بالحصول على موافقة العملاء قبل تبادل المعلومات، فإن هناك حاجة إلى المزيد من التشريعات القانونية لحماية المستهلكين كلما تقدمت التكنولوجيا.
وقال الدكتور ريان كالو، الأستاذ المساعد في القانون بجامعة واشنطن: "لا تجمع شركات صناعة السيارات فقط الكثير من البيانات، ولكنهم يفتقدون أيضاً وجود نظام معين، ينظم كيفية القيام بذلك".
وأضاف أن "أي شركة لديها ذلك الحجم الكبير من البيانات الخاصة بالمستهلكين، ويمكنها السيطرة على طرق التفاعل مع تلك البيانات، سيكون لديها القدرة والدافع لمحاولة استخدام تلك المعلومات لصالح الشركة، وربما على حساب المستهلكين. إنه أمرٌ لا مفر منه تقريباً".
وأوضح تقرير صدر عن مكتب المساءلة الحكومية في الولايات المتحدة لعام 2014، أن العديد من شركات صناعة السيارات الكبرى ومصنّعي نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، كانوا يجمعون البيانات عن الأماكن التي يتردد عليها السائقون.
وقد جُمعت تلك المعلومات من خلال نظم الملاحة (جي بي إس) الموجود داخل السيارات، واحتفظت بها الشركات فترات متفاوتة من الزمن.
وركز التقرير على 3 شركات كبرى في مجال صناعة السيارات بمدينة ديترويت؛ وهي: تويوتا، وهوندا ونيسان، وكذلك شركات صناعة أنظمة الـ"جي بي إس": "جيرمن-Garmin"، و"توم توم-TomTom"، ومطورو تطبيقات "خرائط جوجل" (Google Maps) و"تيليناف" (Telenav).
ووفقاً للتقرير، فإن الشركات تتبَّعت مواقع وجود المستهلكين، وهو الأمر الذي يمكن أن يستخدم لسرقة هويتهم، وملاحقتهم أو مراقبتهم دون علمهم. وبالإضافة إلى ذلك، يُمكن استخدام بيانات الموقع للاستدلال على بعض المعلومات الحساسة الأخرى عن الأفراد، مثل انتماءاتهم الدينية أو أنشطتهم السياسية.