أجريت مقابلة مع مدير تنفيذي لإحدى الشركات الأميركية، وهو في العام الأخير من عمله الذي استمر 3 عقود قبل أن يقرر التقاعد، قال فيها: "لقد أمضيت هنا 31 عاماً، وكان من بينها جميعها عام سيئ وحيد".
بحسب وصف موقع Business Insider الذي نشر تقريراً عن قرار التخلي عن العمل، "يمكن القول إن عاماً واحداً من أصل 31 عاماً، هذا أمر جيد للغاية! حياته المهنية سجلت 97٪ من السنوات الجيدة"، وأورد الموقع قصة الرجل كدليل على أن الأوضاع السيئة في بيئة الشغل لا يمكن أن تستمر.
فالتقرير يؤكد حقيقة أننا مررنا جميعاً بأيام سيئة في العمل، سواء أفسدْنا أمراً ما، أو صُرخ في وجهنا، أو اضطررنا إلى فصل أحد من العمل أو فقدنا عميلاً كبيراً.. لكن التقرير كذلك طرح التساؤل التالي: هل مررت من قبلُ بسنة كلها عصيبة؟
ثم يعود Business Insider ليستشهد بقصة الرجل، منوهاً إلى أنها تعد مسيرة مهنية جيدة للغاية، ولكن في الوقت ذاته لا يقلل من أن فكرة مرور عام كامل سيئ هي فكرة صعبٌ تقبُّلها، لينطلق من هذا التأكيد لطرح السؤال المهم الذي هو مغزى التقرير.
والسؤال هو: إذا كنت في وضع سيئ من ناحية مهنية الآن.. فهل يجب التمسك بالعمل أو القفز من السفينة قبل أن تغرق؟
الكاتب برايان فالتشوك كاتب التقرير، ينصح بطرح هذه الأسئلة الـ5 حتى تعرف الإجابة:
1. هل هذا الوضع السيئ مشكلة قصيرة الأمد أم دائمة؟
في بعض الأحيان، نمر بلحظات عصيبة، ولكن هل هذه مجرد مرحلة تحتاج أنت أو عملك المرور بها؟
يمكنك أيضاً أن تجد نفسك في وضع يدفعك إلى تحويل مسار عملك بشكل تمام، وليس هناك إمكانية للبقاء والاستمرار.
على سبيل المثال، رأت شركة Imagination Tech لصناعة الرقائق الإلكترونية أن أعمالها قد انهارت بين عشية وضحاها عندما ابتكرت شركة آبل، التي تشكل الغالبية العظمى من مبيعاتها، حلاً داخلياً لرقائق الرسومات.
2. هل هناك نقطة نهاية محددة لهذه المرحلة السيئة؟
إذا وجدت أن أسباب المرحلة السيئة ليست دائمة، فهل يمكنك تحديد تاريخ لانتهائها؟
هل لديك زميل لا تتوافق معه أو رئيس سيتقاعد خلال عام؟
وهل نظام عملك غير مناسب تماماً، ولكن سيُستبدل بنظام جديد في العام المقبل؟
أو هل تمر بضائقة مالية وتحتاج فقط إلى اجتياز هذه المرحلة لحين وقت زيادة الراتب أو الحصول على مكافأة لتستطيع العودة إلى وضع الاستقرار؟
وهل أنت في موضع السلطة، ولديك القدرة على إحداث تغييرات؟
في حين أنه قد يكون من الصعب في هذه الأثناء، معرفة أن هناك نهاية في الأفق يمكن أن تجعل الأمور أكثر قابلية للتحمل.
ستنتقل من مجرد وجود مشكلة خطيرة إلى ما يمكن أن يطلق عليه "مشكلة سريعة إلى الأمام"، وعند حدوث ذلك، تحتاج فقط أن تضغط على زر التسريع إلى الأمام والتغلب على هذه المشكلة، وسوف تتغلب عليها.
3. هل لديك شريط لإعادة الضبط إلى مستوى غير واقعي؟
في بعض الأحيان، عندما تعمل بشركة كبيرة فترة من الوقت، يتغير إحساسك بالواقع، وتصير تتوقع هذه العظمة بدلاً من تقديرها.
لقد كنت محظوظاً بما فيه الكفاية للعمل لصالح شركة مذهلة، تختلف تماماً عن جميع الشركات الأخرى في هذا المجال. يقضي العاملون الجدد أول عامين مبتسمِين باستمرار ويكونون منبهرين تماماً بمدى روعة هذه الشركة.
بعد ذلك، يبدأون في اعتبار ذلك على أنه أمر مسلَّم به، ويفقدون الاهتمام.
هذا هو الحال، خاصةً مع حديثي التخرج في الجامعات الذين لم يسبق لهم العمل بأي مكان آخر؛ لذلك فهم يفتقرون إلى نقطة المقارنة.
ويترك البعض العمل إلى ما يعتقدون أنه مرعى أكثر اخضراراً (مكان عمل أفضل).
وكثير منهم ينتهي به الأمر إلى ترك هذه الوظيفة في غضون عام واحد، وينتهي الأمر بعدد مذهل منهم يحاولون العودة خلال السنة الأولى من مغادرتهم- شيء لم أره من قبل!
لذلك، ربما تتعلق المشكلة أكثر حول التصور وكيف تختار النظر في الوضع.
4. هل تغيرت قيمك الأساسية، مما خلق عدم توافق مع وظيفتك؟
عندما لا تتوافق وظائفنا مع قيمنا، فإنها سرعان ما تصبح شيئاً لا يطاق.
وهناك حديث مشهور في أحد مؤتمرات "Ted" لروبين أوبراين، التي كانت عضوةً ناجحةً للغاية في جماعة ضاغطة تهتم بصناعة الأغذية، وهي حالياً تقود حملة لتحسين العادات الغذائية بأميركا، وذلك يتعارض تماماً مع عملها القديم.
كان لديها لحظة استفاقة عندما نظرت إلى البيانات الصحية التي غيرت ما كانت تشعر به إزاء كيفية تناولنا الطعام في هذا البلد وماذا يفعل ذلك بالناس. بعد هذه النقطة، لم تستطع البقاء في عملها فترة أطول؛ لأنه كان يتناقض مع ما أصبحت تؤمن به.
5. هل هناك بدائل؟
وأخيراً، من المهم أن تسأل نفسك ما إذا كان لديك خيارات بديلة.
قد يكون هناك أدوار (وظائف) أخرى في الشركة يمكنك التقدم بطلب للحصول عليها.
ولتعزيز فرصك، يمكنك التواصل مع الأشخاص الذين يقومون بأداء تلك الوظائف أو الأقسام لمعرفة المزيد من المعلومات، تعقَّبْهم، وابنِ علاقة جيدة معهم حتى يفكروا فيك عندما يكون لديهم منصب متاح، وما إلى ذلك.
وربما كان هناك خيارات في مكاتب (أقسام) أخرى يمكنك متابعتها.
إذا لم يكن لديك خيار متاح للعمل في مكان آخر، فيمكن أن تبدأ بالبحث عن وظيفة جديدة، بينما لا تزال تحتفظ بوظيفتك الحالية.
في حال أنك قد ترغب في ترك العمل على الفور، وبصرف النظر عن الفائدة المالية لبقائك في العمل، فأنت أيضاً مرشَّح أكثر جاذبية إذا كنت ما زلت تعمل حالياً عما إذا كنت تركت عملك بالفعل.
في بعض الأحيان، يكون هذا خارجاً عن قدرتك، ولكن إذا كان في مقدرتك، فقد يكون من المفيد التمسك بعملك الحالي حتى تجد الخيار التالي. سيعزز ذلك سيرتك الذاتية، وهذا يزيد من قيمة الخيار في المستقبل ويوفر عليك الحاجة إلى شرح الفجوة الزمنية في سيرتك الذاتية.
إذا كان لديك هذه المشكلة، فيمكنك أيضاً إيجاد وسيلة لكسب دخل إضافي يمكن الاعتماد عليه والحفاظ على سيرتك الذاتية سليمة، أو ربما يصبح عملك الجانبي وظيفتك الرئيسية، وهذا هو الحافز الذي تحتاجه ليدفعك للقيام بالمغامرة.
وأخيراً، من الجدير بالذكر مرة أخرى أنه قد يكون لديك القدرة على تغيير الأشياء. سواء أكنت قائداً أم لا (ولكن خصوصاً إذا كنت)، قد لا تكون مصدراً للمشكلة، ولكن هذا لا يعني أنك لا يمكن أن تكون مصدراً للحل.
وفي النهاية، لا بد من ذكر أن الاستقالة خطوة ذكية في طريق التقدُّم الوظيفي، لكن الاستقالة المحسوبة والمُخطَّط لها بعناية خطوة أكثر ذكاءً.
فكيف تترك العمل بأفضل طريقة مُمكنة ودون أن تتأثر علاقاتك بمديريك أو زملائك؟
سؤال أجيب عنه في تقرير نُشر في موقع "عربي بوست"، يتابع معك خطوةً بخطوة، الإجراءات التي يجب عليك اتخاذها قبل أن تقرر ترك وظيفتك، وفي أثناء التحضير للاستقالة، وحتى بعد ترك المؤسسة التي تعمل بها.