تعتبر الطائرات بيئة مليئة بالجراثيم أكثر من أي وسيلة نقل عامة أخرى، كيف لا؟ وأنت تجلس إلى جانب غرباء لا تعرف إن كانوا مرضى أم سليمين، وتستعمل حماماً أو اثنين يستخدمهما العشرات إن لم يكن المئات، وكذلك تتناول طعامك على طاولات تنثني من كراسي أمامك لمسها كثيرون قبلك.
موقع Fortune نشر تقريراً مفصلاً عن "أكثر الأماكن قذارة على الطائرة"، ينصح بمسحها بمناديل ورقية معقمة مبللة Wipes وهي في متناول الجميع قبل استعمالها من باب الوقاية، وفي حال عدم توفرها يمكن الطلب من القائمين على ضيافة الطائرة إحضار منديل مبلل بماء ساخن وسيفعلون ذلك دون تردد.
قبل أن نبدأ باستعراض هذه الأماكن، من المهم أن نعرف أن بعض الأشخاص قد يكونون أكثر عرضة للأمراض على الطائرات بسبب انخفاض الرطوبة لأقل من 20%، بينما تتخطى نسبة رطوبة المنزل عموماً 30%، وذلك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
ويؤثر التعرض للهواء الجاف على المخاط، وهو خط الدفاع الأول في الجهاز المناعي، ما يزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض.
وكانت دراسةٌ نشرتها مجلة الصحة البيئية عام 2004 قد وجدت أن الناس يكونون أكثر عرضة بـ113 مرة، حسب أحد معايير الدراسة، للإصابة بنزلة برد أثناء سفرهم على متن طائرة أكثر من التواصل العادي.
وإلى جانب الرطوبة، توجد بضع أماكن قذرة على الطائرات، حسب دراسات وتحذيرات من الأطباء. إليكم كيف يمكن أن نتجنَّبها.
طاولات الكراسي
أقذر الأماكن المحتملة على الطائرة يُفتَح أمامك مباشرة.
نشر موقع TravelMath دراسةً مُقلِقة عام 2015، فُحِصَت فيها عينات من الأسطح الصلبة داخل الطائرات، ووجدت الدراسة أن أسطح طاولات الكراسي تحتوي على ثمانية أضعاف البكتيريا الموجودة على زر المرحاض لكل بوصة مربعة.
فقد أظهرت النتائج أن الطاولات تحتوي على 2155 وحدة بكتيرية لكل بوصة مربعة، مقارنةً بـ127 وحدة بكتيرية لكل بوصة مربعة، وهو المعدل الذي تقول مؤسسة العلم القومية أنه المعتاد في مرحاض المنزل.
وقال عالم الأحياء الدقيقة بجامعة أريزونا الأميركية، الدكتور تشارلز غيربا، لمجلة Time أن الطاولات التي فحصها خلال دراسته احتوت على فيروسات الإنفلونزا البشرية، والنوروفيروس norovirus (الذي قد يُسبِّب الإسهال والتقيؤ)، وبكتيريا العنقوديات الذهبية (superbug MRSA) والتي تُسبِّب العدوى الجلدية.
وربما يكون سبب كثرة البكتيريا لهذه الدرجة هو قلة الوقت المتاح لطاقم التنظيف بين الرحلتين، وذلك وفقاً لصحيفة Wallstreet الأميركية، وعندما تُنظَّف، ربما تستخدم الخطوط الجوية منظفات عامة بدلاً من مبيدات الجراثيم.
ولتجنُّبِ تناول الطعام على طاولة مسحها أحدهم بمنديله أو غيَّرت أمٌ حفاض طفلها فوقه قبلها بساعات، ينصح مدير قسم طب السفر بمركز بالتيمورز ميرسي الطبي الدكتور مايكل زيمرينغ، بتنظيفها بمناديل صحية، لكن إن لم تسترح للمس الطاولة أصلاً فتجنَّب تناول الطعام فوقها مباشرة.
يضيف زيمرينغ: "سيظل طعامي فوق طبقٍ ورقي أو في غلافه".
فتحات التهوية ومشابك أحزمة الأمان
شيئان يُستخدمان كثيراً ولا يُنظَّفان كثيراً على القائمة أيضاً.
فتحات التهوية فوق كل كرسي رائعة لتوزيع الهواء على كل مسافر، لكن الدراسة المنشورة على موقع TravelMath وجدت 285 وحدة بكتيرية لكل بوصة مربعة على الأزرار – أكثر من تلك الموجودة على أزرار مرحاض الطائرة.
كذلك احتوت مشابك أحزمة الأمان على 230 وحدة بكتيرية لكل بوصة مربعة، وهو ليس بغريب، إذ يلمس المسافر المشبك مرتين على الأقل خلال الرحلة.
وينصح غيربا بإحضار عبوة صغيرة من منظف الأيدي واستخدامها من حين لآخر.
الحمام
تُنظَّف حمامات الطائرات بانتظام، إذ قالت شركات يونايتد، ودلتا، وأميركان إيرلاينز أنها تُعقِّم الحمامات كل ليلة وبين الرحلات الطويلة.
لكن غيربا يوضح أن بدخول حوالي 50 شخصاً الحمام، تظل احتمالية التقاط عدوى بسهولة قائمة، إذ وجدت البكتيريا القولونية البرازية "إي كولاي" على بعض الأحواض، ومقابض المراحيض، والمقاعد التي فحصها.
كما وجد موقع TravelMath مقابض مراحيض تحتوي على 265 وحدة بكتيرية لكل بوصة مربعة (لكن بدون بكتيريا قولونية برازية).
ومن حيث الجراثيم، يرى غيربا أن "من الصعب التغلب عليها في الحمام، لأن المياه تُغلَق فلا ينتهي الناس من غسل أيديهم". ويضيف أن الأحواض صغيرة جداً، وبالتالي يصعب على ذوي الأيادي الكبيرة إدخال أيديهم كاملة تحت الصنبور.
وينصح زيمرينغ باستخدام منشفة ورقية على مقبض الباب عند الخروج، ويقول إن تلك هي الحيطة الأولى التي يُقدِم عليها دائماً.
جيب الكرسي
يعامل المسافرون جيب الكرسي أمامهم عادة معاملة سلة المهملات، إذ يضعون به القمامة، والمناديل المتسخة، والحفاضات المستعملة، وأكثر من ذلك.
وقد لا يتسنى الوقت لطاقم التنظيف حتى لتفريغ الجيوب من القمامة بين الرحلات، ناهيك عن تعقيم القماش.
ووجدت دراسة أجرتها جامعة أوبورن بولاية ألاباما الأميركية أن الجراثيم العنقودية الذهبية تبقى حية حتى 7 أيام على قماش جيب الكرسي، وهي أطول مدة بين كل الأسطح الصلبة واللينة التي فحصها الباحثون.
توصي كلية الطب بجامعة دريكسل بطريقة واحدة لتجنب جراثيم جيب الكرسي: "فقط لا تستخدمها، فالأمر ببساطة لا يستحق المخاطرة".
كراسي الممر
اختيار كرسي الممر يُسهِّل عليك القيام وقتما تشاء، لكن الحرية تأتي مع القليل من المخاطرة.
يقول زيمرينغ أن أسطح مقاعد الممر تأوي جراثيم من كل شخص مرَّ بها واستند عليها، وكثيرٌ من هؤلاء المارين قادمون من الحمام. فاحذر ملامسة تلك المنطقة القريبة من مسند رأس المقعد، ومن الأفضل ألا تضع وجهك هناك أثناء نومك.
الجلوس بالقرب من الممر يضع المسافرين في وجه مدفع أي جراثيم معدية يمكن أن تتفشى في الطائرة.
وحلَّلَت دراسةٌ نُشِرَت في مجلة Clinical Infectious Diseases رحلةً جوية من بوسطن إلى لوس أنجلوس أجرت هبوطاً اضطرارياً نتيجة لانتشار إسهال وتقيؤ بين ركاب الطائرة.
ووجد الباحثون أن الجالسين في مقعد الممر كانوا أكثر عرضةً لالتقاط النوروفيروس، لكن لم يكن هناك رابطٌ بين التقاطه واستخدام الحمام.
ويُؤكِّد غيربا: "إن جلست قرب النافذة ففرصتك في التقاط المرض أقل".