وكأن الرياضيات لم تكن معقدة بما فيه الكفاية! الأشخاص “ثنائيو اللغة” يحلون مسائلها بشكل مختلف حسب اللغة

إذ توصلت دراسة حديثة إلى أن الأشخاص الذين يتكلمون أكثر من لغة واحدة بطلاقة، يعالجون العمليات الرياضية بشكل مختلف عندما يتحولون من لغة إلى أخرى.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/30 الساعة 03:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/30 الساعة 03:46 بتوقيت غرينتش

تُمكن البديهة العقل من التعرف على الأرقام المكونة من أربع خانات في أثناء حل المسائل الرياضية. ولكن، عندما نتطرق إلى حل المسائل الرياضية، يعتمد الأمر على اللغة.

إذ توصلت دراسة حديثة إلى أن الأشخاص الذين يتكلمون أكثر من لغة واحدة بطلاقة، يعالجون العمليات الرياضية بشكل مختلف عندما يتحولون من لغة إلى أخرى.

وكأن الرياضيات لم تكن مربكة بما فيه الكفاية!

وقد اكتشف بعض الباحثين في جامعة لوكسمبورغ كيفية تأثر المهارات الحسابية لدى الأشخاص الذين يتحدثون أكثر من لغة، عندما يتحولون من لغة إلى أخرى.

واستعان القائمون على هذه الدراسة بعدد من الطلاب المتحدثين باللغة اللوكسمبورغية كلغة أصيلة، وكانوا يدرسون في بلجيكا، وبالتالي كانوا يتحدثون الألمانية والفرنسية بطلاقة.

فيما أُسند إلى الطلاب مهمتان مختلفتان؛ إذ طُلب منهم حل خليط من المسائل الرياضية البسيطة والمعقدة بكلتا اللغتين.

واستطاع الطلاب حلَّ المسائل البسيطة بكلتا اللغتين بنفس مستوى الكفاءة، إلا أنهم استغرقوا وقتاً أطول لحل المسائل المعقدة باللغة الفرنسية، كما ارتكبوا عدداً من الأخطاء، يفوق عدد الأخطاء التي ارتكبوها عندما حلوا مسألة مطابقة باللغة الألمانية.

قيس نشاط أدمغتهم باستخدام التصوير بالرنين المغنطيسي الوظيفي، فيما أظهرت النتائج استخدام مناطق مختلفة في الدماغ، عندما قام المشاركون بحل المسألة الرياضية بلغات مختلفة.

على سبيل المثال، عند حلِّ مسألة بسيطة باللغة الألمانية، نشط استخدام قسم صغير من الفص الصدغي الأيسر للمخ، أما عند حل مسألة معقدة باللغة الفرنسية، فقد نشط استخدام الجزء المسؤول عن معالجة المعلومات البصرية في المخ.

وبالتالي، توصَّل الباحثون إلى أن حل المسألة الرياضية تطلب "جهداً إضافياً" عندما طُلب منهم حلها بلغة غير لغتهم الأصلية، وبالتالي فإن العملية الحسابية ترتبط مباشرةً باللغة.

وأشاروا أيضاً إلى أن هذه الأدلة سوف تكتسب أهمية كبيرة في المستقبل، بسبب تزايد معدلات الهجرة، واتساع نطاق سوق العمل العالمي، بحسب الدراسة التي نقلتها صحيفة The Independent البريطانية.

وفي الإطار ذاته، كشفت دراسة سابقة صدرت من جامعة لانكستر البريطانية، وجامعة ستوكهولم السويدية، أن الأشخاص الذين يجيدون لغتين يشعرون بالوقت بشكلٍ مختلف، اعتماداً على سياق اللغة الأقرب للأحداث.

إذ تفترض الدراسة التي نُشرت في مجلة علم النفس التجريبي، أن اللغات المختلفة تشير إلى الوقت بطرق مختلفة، وبالتالي اختلاف شعور متحدثيها بالوقت.

فيما أجرى البروفيسور اللغوي بانوس أثينسوبلوس، والبروفيسور إيمانويل بيلوند، تجربة توضح ماهية الأمر أكثر، إذ قاموا بسؤال أشخاص يتحدثون الإسبانية والسويدية عن تقديرهم للوقت أثناء مشاهدة خط يكبر عبر الشاشة، أو حاوية يتم ملؤها.

فيما تَرَك الباحثين السويديين الذين يتحدثون الإسبانية أيضاً يُقدرون الوقت باستخدام كلمة Duracion، والتي تعني "مدة" في اللغة الإسبانية، أو ما يساويها في السويدية وهي كلمة Tid.

وعند وصف الأشخاص محل التجربة للوقت الذي استغرقه ملء الإناء قدَّروه بـ"الحجم" عند استخدامهم اللغة الإسبانية، وعند وصفه بالسويدية وصفوا الوقت المار حتى امتلاء الإناء بـ"المسافة".

ما يعني أن المتحدثين الإسبان يقدرون الوقت أثناء أخذ استراحة قصيرة بـ"الكميات المادية والحجم"، بينما يصفه المتحدثون السويديون بـ"المسافة المادية"، بحسب ما نقلته صحيفة The Independent البريطانية.

وهو ما يشير إلى أن الأشخاص الذين يجيدون لغتين أكثر مرونة في التفكير من أولئك الذين يتحدثون لغة واحدة، إذ ينتقل "العقل" بين اللغات المختلفة بشكل يومي، وهذا الأمر يمنحه بعض المزايا بدايةً من القدرة على التعلم وتعدد المهام، وحتى على المستوى بعيد المدى بشأن الحفاظ على السلامة العقلية.

علامات:
تحميل المزيد