الفراغ ليس قاتلاً كما يقولون.. هذا ما يجري في دماغك عندما لا تفعل شيئاً.. لا شيء على الإطلاق!

يرى الكاتب أن الطريقة التي نعمل بها تهدر جزءاً هاماً من إمكاناتنا وسعادتنا، والسبب أننا ننسى أن نسمح لأنفسنا بأن لا نفعل أي شيء لبعض الوقت!

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/15 الساعة 07:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/15 الساعة 07:29 بتوقيت غرينتش

"تستيقظ، ترتدي ملابسك، تتناول الفطور، تتصفح البريد الإلكتروني في طريقك إلى العمل".. أنت لست حالة استثنائية، وفقاً لأندرو ج. سمارت في كتابه The Art and Science of Doing Nothing "فن وعلم أن لا نفعل شيئاً".

يذكرنا سمارت، في كتابه، أننا نعيش في عصر هستيري، وأن الشيء الذي يحتل معظم أوقاتنا هو العمل، حسب تقرير نشرته النسخة الإسبانية لـ"هاف بوست".

يرى الكاتب أن الطريقة التي نعمل بها تهدر جزءاً هاماً من إمكاناتنا وسعادتنا، والسبب أننا ننسى أن نسمح لأنفسنا بأن لا نفعل أي شيء لبعض الوقت!

ويقول سمارت، حسب الموقع، إن أسلافنا كانوا يعيشون بطريقة مختلفة تماماً؛ ولم يكن هاجسهم الأكبر أن ينتجوا باستمرار، بل على العكس تماماً: كانوا حريصين على ألا يهدروا طاقتهم، لأن الحصول على الغذاء كان يتطلب جهداً بدنياً كبيراً.

وبينما نعمل بأقصى قدر من الكفاءة، ممارسة العديد من المهام والانشغال الدائم، قضى أسلافنا الكثير من الوقت في ملل دائم. إلا أن ذلك لم يكن بلا سبب، بل كان له علاقة بتطورهم البيولوجي وحجم أدمغتهم.

إن الذعر والهروب المتنامي من الملل والتحقق من هواتفنا باندفاع وفضول حتى خلال أوقات العطلة، يسبب لنا خسائر فادحة، وخاصة لعقولنا، يقول الكاتب.

ينصحنا سمارت بما يُعد ضرورة في علم الأحياء والثقافة: الترفيه الخالص والبسيط، الأمر الذي تغير جذرياً نتيجة للثورة الصناعية، وما تبعها من تخصصات وأتمتة وقدرة إنتاجية.

واكتشف علماء الأعصاب الآن أن كثيراً من التصورات الفنية والعلمية والعاطفية، والاجتماعية غالباً ما تنتج في وقت الفراغ، عندما يترك الفرد أفكاره تتجول أثناء عدم الانشغال.

ليس هذا مُستغرباً؛ لأنه أثناء فترات الخمول، فإن التفعيل الكامل لشبكتنا الافتراضية -إحدى الشبكات الدماغية عالية النشاط- يساعد العقل على اكتشاف الروابط بين المفاهيم وبزوغ أفكار جديدة، دون أن يكون على وعي بهذا.

وبعبارة أخرى، فإن الخمول يسمح لنا، بشكل ما بتعزيز قدرتنا على الإبداع.

هناك ما هو أكثر من ذلك، عندما نكتسب معلومات جديدة، فإنها تنتقل من منطقة الوعي إلى منطقة تُسمى بالحُصَين، أو قرن آمون.

وإذا كنا نريد أن يتم تخزين هذه المعلومات في الدماغ على المدى الطويل، ويمكن استردادها في وقت آخر، فنحن بحاجة إلى أن تنتقل إلى منطقة أخرى تسمى القشرة المخية الجديدة.

كيف يمكن أن نحقق هذا؟


وفقاً لسمارت، فإن الحصول على الراحة بعد استقبال معلومات جديدة، والحصول على بعض الترفيه، يساعد في تفعيل شبكتنا الافتراضية.

وفقاً لعلم الأعصاب، يوضح سمارت أن دراسة الترفيه أمر بسيط إلا أن اكتشاف أهميته كان بالصدفة.

حدث ذلك من خلال قياس الموضوعات التي تقع على آلات المسح الضوئي على الدماغ أثناء لحظات الخمول، حينها أدرك الباحثون النشاط العقلي للأشخاص أثناء قيامهم بعمل لا شيء!

هكذا تم اكتشاف الشبكة العصبية الافتراضية التي تنشط عندما لا نقوم بأي نشاط، والتي اكتشفها ماركوس رايشل في عام 2001.

لم يكن ما اكتشفه رايشل وزملاؤه سوى التفسير للأفكار العظيمة التي تأتينا في أوقات الراحة والاستجمام.

من الممكن أن يكون هذا ما حدث لنيوتن وأينشتاين وبيكاسو وغيرهم ممن كان لهم كبير الأثر في رؤيتنا للطبيعة وحتى حياتنا الخاصة.

هل يمكن أن نتخيل ما كان سيحدث لو أن أنظمة العمل الحالية منعت أشخاصاً كهؤلاء من الاسترخاء الذي يساعد على تفعيل الشبكة العصبية الافتراضية التي ألهمتهم أفكارهم العظيمة؟

يشرح سمارت في كتابه أنه حتى النمل المنظم والمنضبط يمثل نظاماً معقداً ومنضبطاً ذاتياً، تماماً كعقولنا.

يمكننا القول باختصار، بفضل رايشل والعديد من العلماء الآخرين بدأنا الآن في فهم كيفية عمل عقولنا.

كانت إحدى استنتاجات الدراسات أنه على الرغم من أن أدمغتنا مُعدة بيولوجيا بشكل رائع لنشاط مكثف، فإنها تحتاج إلى الراحة من أجل العمل بشكل صحيح وإلا نصبح عرضة للإجهاد العقلي والأمراض النفسية والجسدية.

علامات:
تحميل المزيد