الدمشقيون ينهون رمضانهم بهواء بلودان النقي الخارج من الدمار.. تعرف على أبرز منتجات ريف العاصمة السورية

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/23 الساعة 12:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/23 الساعة 12:49 بتوقيت غرينتش

اختار واحد من أشهر مطاعم بلودان نهاية شهر رمضان الحالي موعداً لإعادة افتتاح أبوابه من جديد، محاولاً بذلك طي صفحة حرب طالت المنطقة، وما يجاورها وحرمتهم من السياح والرزق نحو 6 سنوات.

مطعم "مورا"، وهو واحد من أشهر مطاعم بلودان والذي يشبه المكان الأثري في المنطقة هناك، بدأ بالإعلان مؤخراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أنه سيعاود العمل في نهاية الشهر الفضيل؛ كي يكسب ما بقي من شهر رمضان، وليكون على أتم الاستعداد حين قدوم العيد، سابقاً بذلك عدداً من المطاعم الكبرى في المنطقة، والتي فضلت الانتظار إما للعيد وإما لبعده لحين الانتهاء من تأهيل ما يمكن تأهيله، وتعويض ما فقدوه من أثاث ولوازم تعرضت للسرقة أو التخريب خلال سنوات الحرب الطويلة والمستمرة.

وبلودان، هي واحدة من أهم مناطق الاصطياف في ريف دمشق، تمتاز بمناخها البارد نسبياً حتى في فصل الصيف؛ لهذا يقصدها بكثرة سكان دمشق، كما تشتهر بجمال الطبيعة والإطلالات الساحرة على الجبال وعلى سهل الزبداني، فيها عدة ينابيع؛ مثل نبع أبو زاد وشلالاته ونبع عين النسور ونبع عين البيضا وينابيع حزير، ومن أكثر ما يميزها تساقط الثلوج فيها بغزارة خلال فصل الشتاء؛ لهذا يقصدها الكثيرون حتى في الشتاء.

محج الدمشقيين في يوم الجمعة


ولكن بعيداً عن هذه المطاعم الموجودة في أعلى مناطق بلودان، قرر سكان دمشق التوجه لمصيفهم الشهير منذ أكثر من شهر دون أن يتملكهم أي خوف من اجتياز طريق كان محفوفاً بالمخاطر بعدما انتهت المعارك الدائرة في الزبداني ومضايا، ومُقسماً بالحواجز الأمنية التي تمنع دخول الغرباء عن بلودان، وتسمح فقط لأبناء المنطقة الأصليين بدخولها دون أن يخلو ذلك من صعوبات، ومن انتظار طويل دفع الكثير من سكان بلودان أنفسهم للانتقال إلى دمشق، وترك منازلهم.

وتخبر لمياء سالم، وهي أم لـ3 أولاد، "عربي بوست" بأنهم قبل شهر رمضان وبمجرد سماعهم عن عودة الحياة للطريق المؤدي إلى بلودان، قرروا زيارة المنطقة؛ كي يطمئنوا على منزلهم هناك، والذي انقطعت أخباره من نحو الـ6 سنوات، ولم تصدق عينيها حينما رأت أن منزلها ما زال قائماً ولم يتضرر، ولكنه بات من دون فرش.

لمياء سعيدة رغم هذا الوضع، وتؤكد أنها بعدما قامت بتنظيف المنزل، قرروا زيارته بشكل دائم كأيام زمان، رغم شهر رمضان وخلو البيت من أي فرش، فهم مصرُّون على قضاء أيام الجمعة فيه بشكل ثابت، مصطحبين معهم بعض الكراسي والأكل من دمشق.

وتؤكد بفرحة: "اشتقنا كثيراً لهذا المكان"، موضحة أن المنزل هو "تعب عمرهم"، حيث تمكنوا من شرائه في الماضي حينما كانت الأسعار معقولة، وقاموا بفرشه على مدى سنوات، "ولقد كنا قلقين عليه طيلة فترة الحرب، وعلى المنطقة التي تعتبر المتنفس الأول والأجمل لأهل دمشق".

وتشرح لمياء أن ما يلفت النظر التوافد الكبير للناس إلى بلودان، "كأنهم كانوا في حالة اختناق وشوق وفتح الباب أمامهم"، مبيّنة أن جميع المطاعم التي عادت للعمل هي شبه ممتلئة ولا سيما في يوم الجمعة، فيما اكتفت بعض العائلات ذات الدخل المنخفض بالمشي على الطريق دون الدخول إلى المطاعم والمتنزهات.

من جانبه، يقول علي المدني، وهو شاب في الخامسة والعشرين، إنه قرر هذا العام قضاء أيام العطل في بلودان؛ إذ ملّ وأصحابه من التردد على المطاعم نفسها في دمشق، "كما أني مشتاق إلى هواء بلودان ومناظرها".

ويوضح في حديثه لـ"عربي بوست" أنه ذهب إلى المنطقة 3 مرات هذا الشهر، واختار مطاعم شعبية؛ لأن المطاعم الكبرى لم تُفتتح بعدُ جميعها، وهو يخاف من ارتفاع الأسعار في الفترة الأولى التي يتوقع أن تكون عالية بشكل كبير تعويضاً لما فاتهم من خسارة.

أما تجربة فريد الحداد -وهو تاجر يعمل في إحدى أسواق دمشق- فلم تكن جيدة، فمنزله تعرض للتخريب بشدة؛ ما جعل من المستحيل الدخول إليه أو زيارته في الوقت القريب، ويوضح أن شقته الكائنة في منطقة الجرجانية القريبة من بلودان تحتاج إلى كثير من الصيانة والتي ستستغرق وقتاً طويلاً ومالاً كثيراً.

بحثاً عن العمالة


أصحاب المطاعم لهم حكايا أخرى، فنسبة لا بأس بها من هذه المطاعم طالها التدمير والتخريب وهي تحتاج لبعض الوقت كي تتمكن من النهوض ثانية، وهذا الوقت قد يطول عند البعض أمام ضعف السيولة أو انعدامها، ومن حالفه الحظ وتمكن من افتتاح مطعمه، فهو يعاني مشاكل يومية كانقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار المازوت الضروري لتشغيل المولدات. ويذكر صاحب أحد المطاعم أن من مشاكله الحالية أيضاً عدم توافر اليد العاملة، والتي تقلص عددها بعدما سافر عدد كبير منها، ويتمنى أن يؤمِّنها من مناطق الجوار.

الجهات الحكومية وعلى رأسها وزارة السياحة، وعدت بتقديم العون لهذه الفعاليات من أجل مساعدتهم على استعادة زبائنهم، وفي تصريح صحفي لوزير السياحة المهندس بشر يازجي، أكد أنه تم توثيق جميع المنشآت السياحية المتضررة هناك، وسيتم إيجاد الحل لكل منشأة ومنح التسهيلات كافة والقروض اللازمة لإعادة إقلاعها من جديد، كما وعد بإقامة مركز تدريبي في بلودان لتدريب العمال قبل المباشرة في المطاعم والفنادق، وتتحدث الوزارة عن وجود 42 مطعماً بالمنطقة، سيقلع منها أكثر من 30 في أول أيام عيد الفطر.

الجدير ذكره أن بلودان شهدت في الفترة الماضية إطلاق مهرجان حمل اسم "راجعين يا هوى"، ويتم الآن التحضير لإطلاق آخر بعنوان "مهرجان بلودان السياحي الأول"، والذي من المقرر أن ينطلق بعد عيد الفطر مباشرة ، خلال شهر يوليو/تموز المقبل، وأن يستمر على مدار 5 أيام.

تحميل المزيد