قد يُنقِذ المرضى أطرافهم التي تواجه حاجةً إلى بترها بسبب التهاب المفاصل الشديد الذي سببته كسور عظامٍ لم تُشفى تماماً، والفضل يعود إلى عمليةٍ تعتمد على تركيب مفصل "صناعي".
تتضمن العملية الجراحية الابتكارية استبدال قطعة عظام صناعية من سبائك التيتانيوم مصنوعة خصيصاً لهذا الغرض بجزء العظام المكسور الذي يعاني من التهاب المفاصل، إذ تكون هذه القطعة الصناعية مفصَّلة لتتصل بطرف المرفق حيث تشكل مفصلاً رزّياً.
كانت أول مريضة تحصل على إحدى هذه القطع هي امرأة تبلغ من العمر 67 عاماً، وتدعى جولي مارتن، وهي استشارية وظائف متقاعدة، نشرت صحيفة Daily Mail قصتها.
تحدثت مارتن عن تمكن العملية من إنهاء 19 عاماً من الألم والإعاقة بدأت رحلتها معهما عندما كُسر مرفقها الأيسر في حادث دراجة هوائية عام 1998.
وقد استعادت في الوقت الحالي كامل عافية ذراعها، بعد أن كانت في الماضي لا تستطيع أن تحمل سكيناً أو شوكة أو كأساً من الشاي.
قالت مارتن "لقد أحدث فارقاً هائلاً في حياتي؛ لأن العيش في ألم مستمر هو أمر صعب حقاً. من المذهل أن أفكر في أن ذراعي تتكون من جزء مني وجزء من معدن؛ إذ إنني أمزح بأنني أمتلك الآن ذراعاً صناعياً".
على الرغم من أن أجزاءً صناعيةً مشابهة زُرعت لمرضى سرطان العظام، فهي المرة الأولى التي تُستخدم فيها إحدى هذه القطع لحل مشكلة التهاب المفاصل التي جلبها شكل من أشكال كسور العظام التي لم تُشف.
يعاني 850 ألف بريطاني من كسور العظام كل يوم، ونصف هذا العدد من الكسور يكون في الذراع. عندما يُكسر المرفق، فإن الغضروف- وهو النسيج الذي يبطن المفصل ويسمح بانسيابية الحركة، يمكن أن يُضار وقد تتطور حالة من التهاب المفاصل نتيجة لاحتكاك العظام.
بعد ثمانية عشر شهراً من سقوطها من فوق الدراجة وعدم شفائها، خضعت جولي لعملية تركيب مرفق. لكن تلوثاً أصاب الجزء، لذا كانت في حاجة إلى عملية أخرى. لقد خضغت لأكثر من 20 عملية، بما فيها تركيب مرفق وعظم وترقيع جلد. ومع كل عملية زراعة تتفكك، كانت العظام التي تذوب تُضار وكان الجسد يمتصها. لم يبق سوى قليل من العظام لكي تعالجه عملية زراعة العظام القادمة، لذا خاطرت باللجوء إلى البتر.
جاء الألم من الأجزاء المزروعة التي تفككت والتي تتحرك في حيز العظام ومكان التلوث.
قالت جولي "كنت أقضي وقتاً طويلاً في المستشفى وفي التعافي، وعلى الرغم من أن أصحاب العمل كانوا جيدين للغاية، اضطررت في النهاية إلى التخلي عن وظيفة استشاري الوظائف التي أحببتها. كما اضطررت أيضاً أن أتخلى عن قيادة السيارات".
خضعت السيدة في عام 2010 إلى عملية ترقيع عظام، لكنها سقطت في الحديقة عام 2014 وأتلفت ذراعها مرة أخرى. ونتيجةً لأن العظام التي تبقت كانت قليلة للغاية، اقترح الطبيب أمجد علي، الجراح المسؤول عنها وهو استشاري جراحات الكتف والمرفق في مستشفيات شيفيلد التعليمية التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، عملية زراعة عظام صناعية مصنوعة خصيصاً لهذا الغرض.
أجرى الجراح فحص الأشعة السينية وقدّر أطول عظمة العضد لجولي (عظمة الذراع العليا) وأرسل الأبعاد إلى شركة أميركية تصنع هذه الأجزاء البديلة. بلغ طول القطعة الصناعية المصنوعة من سبائك التيتانيوم 21 سنتيمتراً وبلغ قطرها 1.5 سنتيمتر.
قال الجراح أمجد علي "استبدل جراحو الأورام عظام العضد بعد الضرر الذي تسببت فيه أورام العظام، لكن عملية استبداله نتيجة لكسر تكون غريبة للغاية. تتضمن المخاطر حدوث تلوث وأضرار للأعصاب، لكن جولي كانت تعاني ولم تكن تستطيع استخدام هذه الذراع في المهام البسيطة التي يعتبرها جميعنا بديهية. أردنا أن نحاول تخفيف الألم، وأعطيناها بعض الوظائف ليؤديها ذراعها مرةً أخرى".
خضعت جولي لعملية جراحية استغرقت سبع ساعات في المستشفى العام الشمالي في شيفيلد خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2015.
أجرى علي في البداية شقاً في الجزء الخلفي لذراعها من أعلى مرفقها حتى أسفل كتفها، ليعزل الأعصاب الهامة التي تتحكم في الرسغ والأصابع وليحمي هذه الأعصاب. ثم أزال ترقيعاً عظمياً قديماً، والجزء الأعلى من المرفق المُستبدل القديم، فضلاً عن الجص القديم المستخدم في تثبيته.
وأزال الجزء الكروي من كتف جولي، ووضع مكانه الجزء الكروي المزروع. ثم ضمَّ الجزء السفلي من الجزء الاصطناعي مع الجزء السفلي من مرفق جولي الصناعي الموجود بالفعل.
قال دونكن تيننت، استشاري جراحات تقويم العظام في كل من مجموعة سان جورج للرعاية الصحية التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية بلندن ومستشفى سباير سان أنطونيو بمقاطعة سري "إن هذا حل ماهر لمريضة لا تمتلك حقاً أي خيارات أخرى وتتألم".
وأضاف: "على الرغم من أن أي عملية طويلة تحمل مخاطر أكبر بالإصابة بالتلوث وتلف الأعصاب، فإن مرضى محددين وباعتباره آخر ما يمكن لهؤلاء المرضى أن يلجأوا إليه، يعتبر هذا الحل القائم على قطعة مصنوعة خصيصاً لهذا الغرض مبهراً للغاية، من أجل استعادة اعتماد أي مريض على ذراعه ولتقليل الألم".
قالت جولي: "أستطيع الآن أن أستخدم أي سكين وأي شوكة، وأن أحمل أي كأس قهوة، وأن أرتدي ملابسي بنفسي، والأفضل من كل هذا أن الألم خفت درجته إلى حدٍّ كبير أيضاً".