تستطيع أن تشعر بدخول رمضان في تركيا بمجرد النظر حولك، فالزينات والمآذن تضيء بشكل استثنائي، والشوارع تظل حافلة بالحركة أثناء ساعات الليل على غير العادة، فاستقبال الشهر الذي يكون بالحساب الفلكي يبدأ بالزغاريد وشراء احتياجات الشهر من البضائع والياميش، وتزداد معه التجمعات العائلية والزيارات المتبادلة.
في هذا الموضوع نحاول التعرف على ما يميز رمضان في تركيا، ونترك للقارئ اكتشاف أوجه التشابه الكثيرة بين رمضان في تركيا والبلاد العربية.
صلاة التراويح
تعلق الأضواء والزينات على المساجد وبين المآذن تظهر أضواء خاصة على شكل عبارات مثل "رمضان الخير" و "مرحباً سلطان الشهور" وغيرها من عبارات الترحيب بقدوم الشهر، وأحياناً تتغير الجملة المضاءة في أثناء الشهر مع اقتراب العشر الأواخر.
فيما تبدأ صلاة التراويح بعد العشاء مباشرةً، وتبلغ عشرين ركعة تختم بالوتر الذي يتخلله الدعاء (القنوت)، ويتناوب أكثر من شيخ على إمامة المصلين، ورغم أن صلاة التراويح معروفة بسرعتها لكن يتوقع أن يختم رمضان هذا العام 700 جامع في تركيا، بينها 80 في إسطنبول.
قراءة القرآن في المساجد
يحرص أئمة المساجد على قراءة جزء يومياً غالباً بعد صلاة العصر في مكبرات الصوت، بينما يجتهد عموم الناس في الاستماع أو القراءة من مصاحف تركية/عربية بشكل فردي في زوايا المساجد أو بالبيت.
المدفع والمسحراتي
ورث الأتراك دور المسحراتي من الحقبة العثمانية، وخاصة في الأحياء والقرى الشعبية، إذ يتجول المسحراتي في الطرقات والأزقة وهو يدعو للتسحر بألحان شعبية مسجوعة، مستخدماً صوته والطبلة التقليدية، ويطل الناس من النوافذ أحياناً ليشاهدوا المسحراتي الذي يعتبر وظيفة رسمية تتبع للبلدية أحياناً في تركيا، ويحصل المسحراتي على "البقشيش" آخر الشهر لقيامه بهذا الدور المرهق مشياً على الأقدام.
ويطلق مدفع الإفطار صوته المميز في بعض الأحياء التركية، إعلاناً بدخول وقت الإفطار مع آذان المغرب، وهي عادة عثمانية أيضاً.
كما يفتح جامع "الخرقة الشريفة" في إسطنبول أبوابه أمام الزوار خلال شهر رمضان لمشاهدة "بردة النبي" الموجودة بداخله.
الشاي إكرام.. والشوربة أيضاً
يعد الشاي التركي المصنوع بطريقته الثنائية المميزة (عبر مزج الشاي الثقيل بالماء الساخن) إكراماً (أي بلا ثمن) في العادة في المطاعم التركية، لكن في رمضان يعتبر أساسياً بعد الطعام، وتقدم شوربة العدس أو الطماطم والخضراوات أو مرقة اللحم والدجاج في بعض المنافذ وأمام المساجد كإكرام أيضاً.
موائد الإفطار الرمضانية
تقوم البلديات وأحياناً أهل الخير في تركيا بإقامة موائد رمضانية للإفطار الجماعي (موائد الرحمن) في الساحات والأماكن العامة، ولا يقتصر رواد الموائد على الفقراء بل تشمل مختلف الناس الذين يحرصون على تناول الفطائر التركية (البيدا)، والتمر، والشوربة، والحلويات، والشربات الرمضاني في موائد الرحمن العامة.
ولا تقتصر موائد الإفطار العامة والأسرية على الصائمين، بل إن كثيراً من المفطرين يحرصون على تناول وجبة الإفطار في موعدها مع آذان المغرب حتى ولو لم يكونوا صائمين!
الخبز والفطائر
يتميز شهر رمضان بخبز خاص (يسمى خبز رمضان) يشتريه الناس من منافذ خاصة به قبل أذان المغرب ليأكلوه ساخناً بعد التمر، وأحياناً تقف الطوابير طويلة للحصول عليه، وتكون فطائر "البيدا" بالجبن واللحم والسجق والبيض والبسطرمة خياراً مفضلاً للإفطار التركي لدى كثيرين.
الإفطار
يبدأ الأتراك إفطارهم مع العائلة بالتمر والزيتون والجبن والتين المجفف، قبل تناول الإفطار، ويصلي المتدينون المغرب ثم يكملون الإفطار بالبيدا، أو بالكباب التركي، أو بالطبخ التقليدي مثل كفتة داوود باشا.
ويتناول الأتراك بعد الطعام عصير الفاكهة الطبيعي، أو شربات رمضان، وتحتوي المائدة على حلويات رمضانية (رمضان طاتليسي) تشمل الكنافة والقطائف بالمكسرات، أو البقلاوة بأنواعها، خاصة الفستق والمهلبية، أو بعض الفاكهة مثل الخوخ والتين والعنب والبطيخ.
حفلات رمضان
يحب الأتراك الموسيقى الصوفية والحفلات بشكل عام، ويزداد سماعهم للموسيقى في رمضان. لكن قناة TRT الرسمية أطلقت هذا العام مسابقة رمضانية لتلاوة وتجويد القرآن بعرض تلاوتهم وتقييمهم، ويعرض البرنامج لأول مرة بعد اختيار المتسابقين خلال مراحل تصفية واختبارات، ويشارك الجمهور بالتقييم والحضور والمتابعة التلفزيونية، وسيختار البرنامج ثلاثة فائزين في النهاية.
بالإضافة لذلك تكون هناك برامج دينية تعرض بشكل خاص وقتي الإفطار والسحور وتقدمها القنوات الحكومية والخاصة على حد سواء.